وجه الزعيم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السابق، رئيس المؤتمر الشعبي العام، مساء أمس، كلمة بمناسبة العيد ال52 لثورة الرابع عشر من أكتوبر حيا فيها جماهير الشعب اليمني الصامد في وجه العدوان السعودي الغاشم، مجدداً التأكيد على واحدية الثورتين السادس عشر من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر وما تشكلانه من قيم للتحرر من الاستعمار القديم والجديد. "اليمن اليوم" تنشر نص الكلمة. بسم الله الرحمن الرحيم أتوجه بهذه الكلمة المتواضعة إلى شعبنا العظيم بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لثورة ال14 من أكتوبر المجيدة، التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الشماء بقيادة المناضل الجسور، راجح لبوزة، الذي ساهم في الدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في جبال المحابشة وفي كل أنحاء الوطن في شمال الوطن، ومن ثم انتقل بعدها لتفجير ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة من جبال ردفان، فانطلقت هذه الثورة المباركة والعظيمة ليرحل الاستعمار البريطاني من على أراضينا الطاهرة. إن ثورة الرابع عشر من أكتوبر هي وليدة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، فهما ثورتان متلازمتان لا أحد يستطيع أن يفصل ثورة الرابع عشر من أكتوبر من ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.. لقد تحرك أبناء الجنوب من ردفان والضالع والصبيحة وأبين والعوالق ويافع وحضرموت والمهرة للدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عندما تعرضت لهجمة شرسة من قبل مخلَّفات الإمامة وبدعم سعودي، بدعم الذهب السعودي، لأولئك المرتزقة والذين ناصبوا العداء لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، تلك الثورة العظيمة التي أخرجت شعبنا من الظلمات إلى النور، ضد الفقر والجهل والتخلف والطائفية والمناطقية والعنصرية.. هذه هي ثورة سبتمبر الخالدة التي انطلقت منها ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، وقدم شعبنا قوافل من الشهداء والجرحى من أجل انتصار ثورتي سبتمبر وأكتوبر.. وبالفعل انتصرت الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ضد النظام الإمامي الرجعي الكهنوتي المدعوم من القوى الرجعية المتخلفة السعودية، ومن النظام البريطاني المستعمر، فانتصرت هذه الثورة العظيمة وانطلق شعبنا نحو الحرية.. نحو التعليم.. نحو الاقتصاد.. نحو بناء يمن جديد.. يمن سبتمبر وأكتوبر. وبالفعل بنينا على مدار ثلاث وخمسين سنة ما تم إنجازه في المجال الصناعي وفي المجال الثقافي وفي المجال الصحي وفي المجال التربوي وفي المجال العسكري وفي مجال البنية التحتية بإمكانيات متواضعة وبسيطة، وبمساعدات متواضعة من بعض الدول الشقيقة والصديقة، وكما قال الأستاذ محمد حسنين هيكل في إحدى مقالاته: لقد دُمِّر الشعب اليمني مِنْ قبل النظام السعودي ومَنْ تحالف معه، دمر ما يقرب عن ما أنجز خلال مائة عام، دمره هذا النظام الرجعي المتخلف الذي لا يتملك أبجديات السياسة ولا الجوار ولا الأخوَّة، ولكن يمتلك الغطرسة بعائدات النفط من على رمال المملكة العربية السعودية، من على رمال نجد والحجاز، فيتغطرس ويشتري ضمائر الناس سواءً كانت دولاً كبيرة أو دولاً صغيرة بالرشاوى أو قنوات فضائية أو صحافة، يشتري ضمائرهم بالمال لشن العدوان الظالم على هذا الشعب اليمني العظيم، شعب الحضارة أصل العروبة.. وكما قال الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله- وهو أخ وجار، قال من لم يكن أصوله يمنية فليس عربياً على الإطلاق، هذه مقولة للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود: من لم يكن من أصول يمنية فليس عربياً على الإطلاق.. طيب، لماذا تدمرون هذا الشعب اليمني العظيم، إذا كنتم في خلاف سياسي مع الشعب، مع اليمن، مع فصيل سياسي، أو مع فئة سياسية لماذا تقتلون الأطفال والنساء والشيوخ وتدمرون المساكن؟ الحرب لها قوانين ولها تشريع، معسكرات جائزة، مصانع حربية جائزة، أي شيء جائز عدا مساكن المواطنين ومقدراتهم، تقصفون المستشفيات والمدارس والجسور وطرق المواصلات، حقد دفين لقوى رجعية متخلفة، وأقول رجعية ومتخلفة لأنني أقول هذا الكلام وأنا تحت نيران طائرات آل سعود التي أحرقت الشجر ودمرت الحجر، هذا النظام الرجعي المتخلف لا يفقه في السياسة، يفقه في المال وشراء الضمائر ليس إلَّا. أقول لأولئك النفر المتواجدين في الرياض أو خارج الرياض على نفقة اللجنة الخاصة التابعة لنظام آل سعود: عودوا إلى رشدكم، وكفِّروا عن سيئاتكم، أنتم استلمتم حفنة من المال وتتسكَّعون على أبواب اللجنة الخاصة، استحوا، كنتم تمشون في العاصمة صنعاء، عاصمة الثورة والجمهورية، من خمس من ست سيارات، بالأطقم، بالسيارات المكدسة، بالأسلحة، والآن لا تمتلكون حتى جنابيكم، تمشون بالثوب البسيط، ومن زقاق إلى زقاق ومن فندق إلى فندق.. استحوا، أخرجوا من أراضي آل سعود، عودوا إلى رشدكم، كفِّروا عن سيئاتكم، اعتذروا لشعبكم، وإلا فالشعب سينصب لكم محاكم في قراكم، في مدنكم، في مديرياتكم، أينما كنتم إذا لم تكتفوا بالمال الحرام الذي اكتسبتموه من النظام السعودي.. كشر عن أنيابه النظام السعودي، إنه عدو تاريخي، نحن كنا نتجنب هذه الكلمة ونقول لا، جيران وإخوة و.. و.. وإذا كشر عن أنيابه أنه عدو بالفعل، عدو تاريخي للشعب اليمني، ليش؟ من شان أيش؟ ما عندنا معك خلاف، منَّ الله عليك بالثروة توكَّل على الله اصرفها على الشعب في نجد والحجاز وعسير ونجران وجيزان، هؤلاء الضعفاء والمساكين، اصرفها على الشعب، ليش تصرفها في هولندا وفي أمريكا لشركات الأسلحة لمشتروات الأسلحة، دمرتم الشعب اليمني، لكن نحن اليمنيون موجودون في كل مكان في العالم، ألا تعرفون أن عندنا الآلاف المؤلفة في الخارج من أصول يمنية، من أصول حميرية، سبأية، كهلانية، ألا تعرفون؟ لازم تقرأوا التاريخ من نحن، دماؤنا إلى حد الآن أكثر من 25 ألف شهيد، لن تذهب دماؤنا هدراً إذا لم تنصاعوا إلى السلم، تعالوا إلى السلم ونتحاور من أجل السلم والسلام، من أجل الجوار، نحن إخوة ليس بيننا وبين شعب المملكة العربية السعودية أية ضغينة، بيننا خلافنا هو مع النظام، ولازم يفهم الذي لا يفهم، ليس خلافنا معكم عقب، لا يعبئونكم تعبئة خاطئة، ويأتون لكم بالمرشدين والمنافقين والفلاسفة وكتاب الصحف أن هناك خلافاً، ليس بيننا وبين الشعب السعودي نجد والحجاز وعسير ونجران أي خلاف، خلافنا مع النظام الذي ارتكب العدوان والذي ناصب العداء لهذا الشعب اليمني العظيم، هذا هو الخلاف. تحدثت بالأمس مع قناة الميادين ووضحت أشياء كثيرة، أقول مرة أخرى تعالوا لنحتكم إلى العقل والمنطق، فلتكن الحكم بيننا وبينكم المؤسسة الدولية وهي الأممالمتحدة، مش أنتوا في الرياض، إحنا مش رعايا معكم، نحن دولة كبيرة ذات سيادة، دولة سبأية حميرية، تعرفون من نحن، ونتكلم بأريحية ونفتخر بأننا شعب أصيل، فلنقتل فلنستشهد من أجل هذا الوطن، من أجل تربته، من أجل حجاره.. وتحدثت بالأمس في قناة الميادين أنتم تطولون المدنيين والفقراء والمساكين والنساء والأطفال، أما المقاتلون لن تصلوا إليهم، هم منتشرون على رؤوس الجبال، ومنتشرون في الصحارى، ومنتشرون في البحار.. وهل تعرفون، ضربتم قواتنا البحرية، ولكن ضربناكم ودمرنا بوارجكم، وسنكمل البوارج الأخرى إذا لم تعوا وتنصاعوا إلى السلم مهما استلمتم من دعم تكنولوجي من أي مكان أو معلوماتي، فهو دمار على رؤوسكم مش علينا، يبدو آن الأوان، آن الأوان، انتهى إمبراطور هيلا سلاسي في أفريقيا في الحبشة، كان إمبراطوراً عظيماً كان معتقداً لدى المسيحيين، وانتهى شاه إيران بإمبراطوريته، ولكن في نهاية المطاف لم يقبله أي قطر عربي أو إسلامي أو دولة صديقة أن يدفن على أراضيها، اِصحوا واعرفوا أن هؤلاء أشقاؤكم، أنتم تدمرون أطفالنا وتقتلون نساءنا، بأي ذنب؟ قدموا لنا بياناً ما هو الذنب الذي ارتكبه اليمن ضدكم، كلمونا وكلموا العالم، ولا لشيء إلا أن معكم فلوس وأموال ما عرفتوا كيف تصرفوها للشعب العربي في المملكة العربية السعودية، شعب نجد والحجاز وعسير ونجران وجيزان، رجعتوا تدمروا جيرانكم في اليمن. تحية لك أيها الشعب السوري الصابر المصابر الذي تكالبت عليك كل القوى وكل الدول الغنية لتنهي الشعب العربي الصامد في سوريا.. تحية لك يا شعب سوريا، القلعة الحصينة، تحية لكل الأحرار في الوطن العربي، تحية لكل الأحرار في العالم الإسلامي، تحية لكل الأحرار في العالم كله، تحية لكم الذين تتكلمون ضد العدوان، نحن لسنا بصدد أن نشتم النظام السعودي، هم يشتموننا، هم يضربوننا، نحن لن نتكلم عليهم على الإطلاق، لكن نحن نتكلم الآن من ألم، من وجع، تضربون شعبنا المسالم، شعبنا المناضل.. صحيح نحن فقراء في المال، نعم نعترف، لكن مش فقراء في الرجال، ولا فقراء في الدم، نحن أغنياء بدمائنا ورجالنا وأطفالنا ونسائنا لمواجهة هذا العدوان وهذه الغطرسة.. تحية لإخواننا في دول مجلس التعاون الخليجي، وأتمنى من قلبي أن يقتدوا بدولة سلطنة عمان العظيمة بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد الذي لم ولن يشارك في العدوان على الإطلاق، هذا الرجل الحكيم، هذا الرجل العظيم، وأنا أعرفه معرفة جيدة منذ كامب ديفيد، منذ أن انعقد مؤتمر بغداد دول الصمود والتصدي، وكان هو عاقلاً وأعقل، أي قطر عربي وأي قائد عربي، هو جلالة السلطان قابوس بن سعيد، نحن نطالب السلم والسلام مع كل بلدان العالم ومع الأشقاء في السعودية، وتحية إلى الشعب السعودي شعب نجد والحجاز الصابر والصامد على الظلم والجور لنظام آل سعود.. تحية مرة أخرى إلى شعبنا اليمني العظيم في شماله وجنوبه، في عدن الباسلة، في الصبيحة، في ردفان، في الضالع، في أبين، في حضرموت، في المهرة، في سقطرى.. تحية لكم جميعاً، وتحية لإخوانكم الصامدين في كل المحافظات على هذا الجور الجائر من قبل نظام آل سعود.. مرة أخرى أهنئكم بهذه الذكرى المجيدة، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح والسداد والصبر والمثابرة لمواجهة هذا العدوان السافر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.