أثبتت الأشهر التي مضت على العدوان أن لدى قيادة مصر ما لقيادة السودان من الاستعداد للارتزاق، إلا أن وصول الجنود السودانيين إلى عدن بيّن أن البشير أرخص سعراً وأوفر غباءً وصفاقة. استرزقت القيادة المصرية بمواقفها الداعمة للعدوان وشاركت البحرية المصرية في قصف السواحل اليمنية ولم تنفِ تصريحات المتحدث باسم تحالف العدوان مشاركة الطيران المصري في الغارات على اليمن وتقاضت الكثير الكثير مما لا تستحقه مقابل ذلك، كان وراء السخاء بل الإسراف الخليجي في الدفع مقابل ذلك تعويل المملكة على قيام الجيش المصري بملء فراغ القوة البشرية في حال اقتضى مسار العدوان الدخول في حرب برية، لكن دول الخليج التي أرسلت قواتها الرمزية لفتح جبهات برية في الجنوب ومأرب فوجئت أن الجيش المصري يعلن بدء عمليات واسعة ضد الإرهاب في سيناء ثم تلاها إعلان الحكومة المصرية استقالتها فجأة ولم يتم تشكيل حكومة بديلة حتى حان موعد الانتخابات النيابية ومن ثم تكليف الجيش بالمهام الأمنية لتسيير العملية الانتخابية. كل ذلك يعني باختصار شديد أن القيادة المصرية ليس لديها الاستعداد لإرسال جنودها للقتال مع الإرهابيين في اليمن إكراما لعيون بن سلمان ولا بن سواه من حكام المملكة والخليج، وأن السيسي استطاع بيع الوهم بثمن باهض للصبية المترفين، أما البشير الذي كان في نظر أولئك الصبية أقل قدرا من أن يطلب منه أحدهم المشاركة في العدوان وأرسلوا له عبدربه هادي فإنه وبثمن بخس قد أرسل جنوده إلى عدن، ولم يكن دافعه لذلك حميمية العلاقة بين البشير والمملكة ولا حماية الحرمين -كما قال الناطق باسم القوات- فالعالم يعرف أن الحرمين الشريفين ليسا في البريقة كما يعرف أنه منذ فترة وجيزة لم يكن من هذه الحميمية ما يكفي للسماح بعبور طائرة البشير في أجواء المملكة لحضور مراسيم تنصيب الرئيس الإيراني فعاد إلى الخرطوم بعد ساعة من الاستجداء في سماء جدة دون جدوى. إنها فقط قدرة البشير الاستثنائية على الخسة واستعداد رخيص مثله لبيع كل شيء وحميمية العلاقة بينه والتنظيمات الإرهابية التي تتجول في عدن بمدرعات العدوان رافعة أعلام القاعدة جنبا إلى جنب مع إعلام المملكة والإمارات. إنه قدر اليمنيين أن ينظفوا العالم من المزيد من تلك الحثالات.