كنت أعتقد أن كذبهم، مقتصر على الإعلام، وأنهم فقط يكذبون علينا نحن، خصومهم، عبر إعلامهم، لكن وأنا استمع لتفاصيل معركتي استعادة الجيش واللجان الشعبية ل"ذوباب" جنوبا، و"ميدي"، شمالا، أدركت أنهم، أبدا لا يكذبون علينا، بل على أنفسهم، وعلى بعضهم البعض، وكل مستوى قيادي يكذب على من هو أدنى منه. في البداية، فإن المعركتين، على بعد المسافة بين منطقتيهما، وتفاوت تاريخيهما، واختلاف أفرادهما، كأن كل واحدة منهما، مجرد تطبيق مختلف ولكن لذات الفكرة والأسلوب. ذوباب، قادتها الإمارات، فيما قادت معركة ميدي، أدوات التحالف القبلي الإخواني العسكري الذي يمثله علي محسن، وفيما كانت أغلبية جنود الأولى، من جنوبيي الشرعية سواء جنود في جيش الجمهورية اليمنية، سابقا، أو من مجندي المقاومة الجنوبية. فإن أفراد الثانية، قسمان.. الأول: من الجنود والمجندين ضمن سلك الجيش، والثاني: من مجاميع قبلية كمثل التي قادها حسين الأحمر أيام حروب صعدة، ومن إصلاحيي الجيش سابقا. في الحالتين، تظهر التحقيقات بوضوح، أن من كان مجندا باسم جيش الجمهورية اليمنية، هو الأقل احتراما وصلاحيات بين المجاميع الأخرى، بحكم اختلاف أداء القيادات. يجمع المعركتين، الخصائص التالية: التضليل المطلق، للمقاتلين، ففيما، مجند معركة "ميدي"، يقول إنهم قالوا له إن مقدمة جيشهم، صارت في "عبس"، وأنه حين تحرك في أرض خالية، كاستدراج قام به الجيش واللجان الشعبية، اعتقد صواب هذا القول، فاندفع يسير دون محاذير ولا مخاوف، حتى وقع في الفخ. فإن، ما سجل من حديث بين ضحايا معركة ذوباب، يظهر بجلاء، أنهم تجردوا من كل المحاذير، بعد أن كانت قياداتهم تؤكد لهم، أن لا وجود أصلا لجيش ولا لجان شعبية، وأن الطيران قد قصف كل وجود لهم في المحيط، وأن الناس في تلك المناطق، ينتظرون فقط وصولهم لإعلان الولاء المطلق لشرعية هادي. ردة فعل غريبة، تسمعها عبر صراخ الجنود، وهم يتعرضون للموت، بخطة محكمة، لم يكن في بالهم شيء من هذا، كأنهم ليسوا في معركة حربية. ثم حين يهرب منهم أحد، يجد طيرانه هو، يقصفه، بما يؤكد أنهم خلال كل فترة تواجدهم في العمري، لم يبنوا أي شبكة تأمين، للاحتمالات. وهنا أو هناك، كان الاعتقاد الجازم لديهم، أنهم إنما يواجهون :"شوية إيرانيين، وفرس ومجوس"، يعدون على أصابع اليد، أما كل من على الأرض اليمنية، فإنه يوالي سلمان وأدواته. لا يصدُقون في خططهم، ولا يهتمون بحماية من يقودون. ماذا يريد هؤلاء.. أي حرب يديرون؟