أكدت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية في تقرير تحليلي نشرته الخميس الفائت، أن المملكة العربية السعودية، اليوم في وضع مختلف وتواجه ضغوطاً متزايدة قد تؤدي في النهاية إلى عدم الاستقرار السياسي، سيما في ظل تنامي الاتهامات للعائلة المالكة السعودية التي كانت توصف يوماً ما بأنها حكيمة وحذرة بأنها تقود حرباً عبثية بلا جدوى في اليمن المجاور. وقالت الصحيفة إن قرار عضو منظمة أوبك الأسبوع الماضي على خفض إنتاج النفط لن يساعد المملكة العربية السعودية على المدى الطويل، فمشاكل المملكة أعمق بكثير وحتى عند سعر 50 دولارا للبرميل، فإنها ستواجه عجزاً كبيراً يتطلب المزيد من الاقتراض وخفض الدعم الذي سوف يجلب المزيد من الألم للسكان السعوديين الذين اعتادوا على الحياة السهلة. وأشارت الصحيفة إلى أن المملكة العربية السعودية، استطاعت الهرب من "الربيع العربي" مستخدمة احتياطاتها النفطية الهائلة وقياداتها القوية المتحكمة، لكنها تقف اليوم في وضع مختلف، وهي تواجه ضغوطاً متزايدة قد تؤدي في النهاية إلى عدم الاستقرار السياسي، كما أن حالة عدم اليقين الاقتصادي للبلاد تتسع في ظل خفض الدعم والرواتب الذي أثر على السعوديين الذين اعتادوا على تلقي الدعم من الدولة في الوقت الذي عانت فيه الحكومة عجزاً هائلاً على مدار العامين الماضيين. هذا يعني أن الرواتب تتراجع في الوقت الذي تتزايد فيه التكاليف وهذا ما يسبب الإحباط للناس العاديين، قام عمال البناء بإحراق الحافلات أثناء تظاهراتهم في مكةالمكرمة بسبب عدم الحصول على رواتبهم منذ شهور. وأكدت الصحيفة أن هناك حالة من عدم اليقين السياسي الناجم عن التنافس على العرش بين ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد عديم الخبرة الأمير محمد بن سلمان، الذي يظهر الكثير من التهور أحيانا، وهو ما جعل بعض المسؤولين الأمريكيين قلقين بشأن انهيار النظام، وقد أطلق بعض كبار الأمراء السعوديين دعوة لتغيير النظام وعبروا عن عدم ثقتهم في الأمير البالغ من العمر 31 عاما. ويتم الآن اتهام العائلة المالكة السعودية التي كانت توصف يوماً ما بأنها حكيمة وحذرة بأنها تقود حرباً عبثية بلا جدوى في اليمن المجاور. الأمن الداخلي هو مشكلة أخرى تواجه السعوديين في الوقت الذي يظهر فيه "داعش" حضوراً قوياً ومتكرراً في المملكة. ولفتت "واشنطن تايمز" إلى أن هذه الصدمات السياسية العديدة بإمكانها أن تحفز العديد من النتائج المحتملة: هل يمكن أن تسفر الأمور عن حدوث انقلاب قصر من قبل أحد الأفرع المتنافسة في بيت آل سعود، أو ربما الاستيلاء على الحكومة من قبل أحد الجماعات الإسلامية المعادية للغرب، أو حتى حدوث بعض الاضطرابات المدنية؟ هل سيكون الأمر مفاجئا وكلياً بمعنى فقدان القدرة على الحكم تماماً مع حدوث فوضى عارمة، أم أن الأزمات سوف تظل تشتعل ببطء على الموقد الخلفي؟ وبطبيعة الحال، فإن كل سيناريو وكل مستوى من الشدة سوف تكون له نتائج مختلفة. وبحسب التقرير التحليلي، يبقى حدوث انقلاب قصر هادئ ومدبر من قبل الأفرع المهمشة من العائلة احتمالاً وارداً، لكن المملكة ربما تكون قادرة على الحفاظ على استقرارها والاستمرار بعد حدوث هذه العملية، لذلك فإن هذا السيناريو، الذي يبدو أكثر احتمالاً من السيناريوهات التالية، يطرح عددا أقل من المخاطر التي تهدد الاستقرار السياسي في المملكة العربية السعودية والمصالح الغربية في المملكة. وترى الصحيفة أنه "بعد عقود من التلقين الإسلامي الأصولي المتشدد للشباب السعودي، وفي ظل بقاء هؤلاء الشباب عاطلين عن العمل، فإنهم لن يظلوا متبنين للقيم الليبرالية الغربية، تبقى إمكانية سقوط السعودية في يد عناصر إسلامية معادية للغرب أخطر سيناريوهات التغيير، نظرا لأنه في هذه الحالة يمكن استخدام الموارد الهائلة للمملكة وتوظيفها ضد المصالح الغربية". التقرير التحليلي للصحيفة، أورد أحد السيناريوهات الأخرى المحتملة، وهو نشوء اضطرابات مدنية تستهدف أهدافا مختلفة، وتثيرها القوى الأكثر ليبرالية، ويمكن أن تؤدي إلى الفوضى وتنتشر في المحافظات الكبرى مثل نجد والحجاز وحتى المنطقة الشرقية الغنية بالنفط حيث يقطن معظم السكان الشيعة في البلاد. وخلص التقرير التحليلي، إلى أنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تتفحص بدقة حجم الاستقرار في السعودية وأن تضع خططا للطوارئ في حالة الخطر، كما يجب عليها أن تتجهز أيضاً للإجابة على الأسئلة الكبرى: كيف يمكن الحفاظ على نظم الأسلحة المتطورة؟ وكيف يمكن إبقاء إيران تحت السيطرة؟ ومن الذي سيتدخل لتأمين المواقع المقدسة في الإسلام؟ وماذا سيعني عدم الاستقرار في السعودية بالنسبة للملكيات المجاورة التي تواجه تحديات مماثلة؟ (((في إطار))) سياسيون ألمان: من النفاق مساعدة السعودية ضد اليمن أثار قرار وزارة الدفاع الألمانية حول تقديمها التدريب للضباط السعوديين موجة من الانتقادات، من بعض ساسة المعارضة الألمانية، الذين قالوا إنه من النفاق مساعدة "الديكتاتورية الوحشية" التي تدعم "المتطرفين والجهاديين" وتخوض حرباً وحشية ودموية في اليمن، بحسب ما أورده موقع قناة روسيا اليوم الناطق بالانجليزية (السبت الفائت). وكانت الوزيرة الألمانية قد زارت السعودية، الخميس، والتقت وزير الدفاع، ولي ولي العهد محمد بن سلمان، بهدف التوصل إلى اتفاق لتدريب ضباط الجيش السعودي، وفق السفارة الألمانية لدى الرياض، التي قالت إنه «ابتداءً من العام المقبل ستستقبل كلية الدفاع الألمانية العديد من الضباط الشباب من الجيش السعودي». وفي حديثه لصحيفة جانج فيلت الألمانية، قال سيفيم داغديلين، المتحدث باسم العلاقات الدولية لحزب اليسار في البوندستاغ "قمة النفاق عندما تورد وزارة الدفاع الأسلحة وتدرب جيشا تقوده مملكة دكتاتورية". وأضاف سيفيم: "بصرف النظر عن الممارسات المثيرة للجدل في المملكة العربية السعودية، مثل وجود "عمل السحر"، "الردة"، و"الزنا"، التي تتعارض تماماً مع الأجندة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن عدوانية وسياسة السعودية الخارجية المؤيدة للجهادية المتشددة أثارت أيضاً مخاوف جدية". وتابع: "المملكة العربية السعودية تقود حربا وحشية في اليمن ومن الداعمين البارزين للإرهابيين في سوريا، المساعدات الإرهابية من ألمانيا يجب أن تتوقف في نهاية المطاف". من جانبه، قال خبير الدفاع في حزب اليسار الألماني، الكسندر نوي: "دعم ومحاربة الجهاديين في نفس الوقت شيء خادع ومضحك إلى حد ما، ولن يسهم ذلك من الاستقرار في المنطقة". وأضاف ألكسندر في حديثه لصحيفة "لوكال" الألمانية: "طالما والسعوديين يدعمون الإرهابيين والجهاديين، من السخف ادعاؤهم في الوقت ذاته مكافحة الإرهاب وجلب السلام والاستقرار في الشرق الأوسط". في السياق ذاته، قال أوميد نوريبور، المتحدث باسم السياسة الخارجية لحزب الخضر: "يجب علينا منع السعوديين من قصف البنى التحتية المدنية في اليمن، هناك 370.000 طفل يعانون من نقص التغذية الحادة في اليمن نظرا لعواقب الحرب السعودية الدموية".