هاجم الجيش الحر الدور التخريبي لجماعة "الإخوان المسلمين" على ساحة المعارك في سوريا، وعلى مستوى المؤتمرات التي تعقدها المعارضة للوصول إلى توافق حول المرحلة الانتقالية. يأتي هذا تزامناً مع تردد دولي بخصوص الرهان على الإخوان كطرف رئيس في المعارضة في ظل علاقاته الإقليمية الغامضة. وقالت القيادة المشتركة للجيش في رسالة مفتوحة وجهتها لجماعة "الإخوان المسلمين" السورية إن "هناك صداماً عميقاً وكبيراً بينكم وبين مجمل القوى المدنية والثورية والوطنية والعسكرية والسياسية أيضاً". وأضافت أن "بياننا الأخير لم يصدر إلا بعد أن طفح الكيل في العديد من المدن السورية وعلى رأسها دمشق وريفها من تصرفات وسلوكيات الجماعة منذ بداية الثورة وحتى الآن وبشكل خاص الهيمنة والسيطرة على المجلس الوطني، ومن ثم الائتلاف والهيمنة ومحاولات الهيمنة على الشؤون والقضايا الإغاثية والعسكرية". ووجه الجيش الحر خطاباً شديد اللهجة لأعضاء الجماعة قائلاً "لا يحق لكم الركوب على الثورة أو قيادتها أو محاولات التحكم بها ونحن الآن في مرحلة مفصلية سيترتب عليها الكثير من الأشياء"، مؤكداً "الثورة ليست ثورتكم ولم تصنعوها بل هي ثورة الأفراد الذين يدفعون دماءهم وحياتهم وأمنهم واستقرارهم وأرزاقهم". وقال خبراء عسكريون ومتابعون للثورة السورية إن الإخوان التحقوا بالثورة متأخراً، وهم ممثلون بمجموعات صغيرة لا تركز على مقاتلة النظام بقدر ما تركز على فرض نمط من العيش المتشدد على السوريين، مثل منع الاختلاط، وفرض الحجاب على النساء والفتيات، وتحريم الاحتفالات التي تحتوي على الموسيقى والرقص.
وينسق الإخوان مع الجماعات المتشددة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام، وعلاقاتهم بالمجموعات التي تنتمي إلى الجيش الحر فاترة، لكن مختلف المجموعات تتعامل معهم بحذر وريبة بفعل تدفق الأموال عليهم رغم ضآلة تمثيلهم في ساحة المعارك، فضلاً عن حرصهم على التسلل إلى الهيئات القيادية. وكشف الخبراء عن أن الدور التخريبي للإخوان لا يقف عند حدود الداخل السوري، وإنما يبدو جلياً أكثر في الخارج حيث تعقد المعارضة اجتماعات مستمرة لتحديد ملامح المستقبل السياسي لسوريا ما بعد الأسد. وذكر هؤلاء الخبراء أن تركياوقطر عملتا على فرض الإخوان في كل المؤتمرات وسعيتا إلى جعلهم عناصر أساسية في الهيئات القيادية، وكان آخر حدث كشف عن تغوُّل الإخوان حدث اختيار رئيس الحكومة الانتقالية إذ فرضت قطر غسان هيتو المقرب من الإخوان رغم معارضة فصائل أخرى.
كما عملت الدوحة على تحجيم دور معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري، ودفعت قيادات وطنية بارزة إلى مغادرة الائتلاف الوطني بسبب معارضتها فرض الإخوان لقيادة المرحلة الانتقالية. إلى ذلك، عزا الخبراء والمتابعون البرود الأميركي تجاه دعم المعارضة السورية بالأسلحة إلى وجود الإخوان الذين دعمتهم واشنطن في مصر وتونس لكنهم لم يكونوا في مستوى التعهدات التي قطعوها على أنفسهم، فضلاً عن الرغبة التي أبدوها في أخونة المؤسسات واحتكار الحياة السياسية رغم تأكيدهم على احترام الديمقراطية. وفي سياق متصل بالموقف الأميركي أعلن الأمين العام ل"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" مصطفى الصباغ أن "هناك تغيراً في الموقف الأميركي تجاه مسألة تسليح الجيش الحر"، يتلخص في "عدم تسليح أميركا للمعارضة". ويقول الخبراء إن واشنطن تتشكك في العلاقات التي يقيمها الإخوان على الأرض مع المجموعات الجهادية المقربة، وتتخوَّف من أن يشتري الإخوان أسلحة بدعم قطري تركي ثم تصل إلى جبهة النصرة أو أحرار الشام، وهي المنظمة التي وضعتها الولاياتالمتحدة على قائمة الحركات الإرهابية. *العرب اونلاين