يعيش73 في المائة من إجمالي سكان هذه البلاد في المناطق الريفية، بينما وسائل الإعلام والصحافة، تركز اهتماماتها على ما يجري في المدن، أو المناطق الحضرية، وقليلة جداً هي القنوات الفضائية والصحف التي تذهب أحياناً إلى الريف تتقصَّى أوضاع السكان هناك. من مهام وسائل الإعلام والصحف أن تقدِّم للحكومة مختلف التفاصيل المتعلقة بهموم الناس ومعاناتهم، وينبغي أن تهتم بالمناطق التي يعيش فيها السواد الأعظم من السكان، وتلفت نظر الحكومة إلى الفقر هناك الذي يرتفع سنوياً نتيجة إهمالها، رغم اعترافها أن معظم سكان الريف يعيشون تحت خط الفقر.. لدى الصحف ووسائل الإعلام مادة ثرية في الريف، فضلاً عن أن هذه رسالتها، ولا بد أن تضغط على الحكومة باستمرار من أجل العناية بسكان الريف.. معظم مناطق الريف تعاني الحرمان من الكهرباء والطرق ومشاريع الماء والرعاية الصحية، وتدنِّي التحاق الفتيات بالتعليم، وظروف الحياة القاسية للنساء اللواتي يشكلن معظم سكان المناطق الريفية. حتى المناطق الريفية التي حظيت ببعض المشاريع لم تعد تنتفع بها كثيراً، فالمراكز الصحية بدون أطباء، والطرقات صارت خربة ووعرة نتيجة غياب الصيانة الدورية، وكذلك الحال بالنسبة للمدارس التي تقادم بها العهد، ونادراً ما تجد مدرسة تتوافر على هيئة تدريس متكاملة. منذ سنوات كثيرة ومستوى التحضر في اليمن واقف عند نسبة 24 في المائة، لم تتحول منطقة ريفية إلى حضرية، رغم أن هناك مناطقَ يعيش في الواحدة منها أكثر من 20 ألف نسمة، بينما واحد معايير المنطقة الحضرية هو توافرها على 10 آلاف نسمة.. بينما تجد منطقة يسكنها 20 ألف نسمة، وتبقى ريفية من حيث شروط الحياة.. الراهدة مثلاً كانت في يوم من الأيام مدينة حضرية، فتراجعت إلى ريف. لقد سمحت الحكومة بتردي أوضاع الريف، ولم تعمل على الإبقاء على مقومات الإنتاج وشروط استقرار الناس فيه.. كنت أعرف القبيطة مكاناً للزراعة وتربية المواشي والدواجن، مكاناً لإنتاج الطعام والاستقرار، وقبل ثلاثة أسابيع كنت هناك، قليل من أهلها انتقلوا للعيش في المدن، وقليل منهم يعودونها في العيد، ومن تبقى فيها يشترون الروتي والزبادي والبيض والدجاج والطماطم، وحتى الطماطم والشُّقر، من الدكاكين التي تزود بها من تعزولحج وعدن.. لا زراعة ولا رعي ولا ولا ولا.. لم تكلف الحكومة نفسها بناء سد في حلق وادي لاحتواء السيول، فبدلاً من انتفاع الناس بها، تذهب إلى خبوت لحج.