الضربات التي تعرَّضت لها أبراجُ الكهرباء من قبل الدماشقة والجدعان لم تعد تُحصى، وبعد كلِّ ضربة يتم إصلاح الأبراج المنتَهَكَة وترجع الكهرباء، وبعد قليلٍ تنطفئ، وحين تعود نفتح التلفزيون لنقرأ في الشريط الإخباري أن أبراج الكهرباء تعرضت لضربةٍ جديدةٍ بعد ساعتين من إصلاحها!! ما أسرعنا للخراب والتدمير.. وأتذكر تلك النكتة التي تقول "ما هذا يا سريع الغارات".. لكن حين يتعلق الأمر بإصلاح فإن هذا يستغرق وقتاً طويلاً، ربما لأن الحكومة تؤمن بالمثل الذي يقول "المليح يبطي". لماذا أصبح ضرب الكهرباء حِكْراً على الدماشقة والجدعان!! وبقية القبائل والمحافظات أليس لها نصيبٌ في ضرب الكهرباء وابتزاز الدولة!! لا بد أن تكون هذه الضربات موزعةً بالتساوي على كلِّ القبائل لينعم الجميع بخير اليمن ومراضاة الدولة وتنفيذ مطالب كلِّ القبائل.. ومن حقِّ القبائل أن تطرح هذا الأمر في مؤتمر الحوار الوطني، بحيث تتحوَّل محطة مأرب الغازية إلى ناقة صالح التي كان قومُ صالح يتقاسمون حليبها، حسب الجدول المقرَّر الذي يضمن لكلِّ بيتٍ نصيبه من الحليب يومياً. أحد الأطفال سأل أباه قائلاً: "يا بابا الشوارع ملان عسكر، ليش ما يمسكوا الناس اللي بيقطعوا الكهرباء"!! سؤالٌ محرجٌ جداً لو كان هذا الطفل توجَّه به إلى حكومة الوفاق، التي لم تعد قادرةً على فعل شيءٍ سوى تأكيد عجزها مع كلِّ خبطةٍ تجعل الناس يستأنسون باللعنات في الظلام الذي تُقحمهم فيه الحكومة دون أن تبدي حتى اعتذاراً عمَّا حدث.. أو تعلن أنها عاجزة عن إيقاف ما يحدث. أليس مخجلاً أن تتوالى خبطات الكهرباء ويتجاوز عددها المائة دون أن تعلن الدولة عن إلقاء القبض على "قبيلي" واحد من عشرات القبائل الذين يضربونها، وتقوم بمحاكمته أو إعدامه حرقاً بالكهرباء بتهمة الحِرابة، لأنه بنزوته هذه يجعل 25 مليون نسمة يتخبَّطون في الظلام وتتضرَّر مصالحهم وأرزاقهم إزاء هذا الفعل التخريبي الذي لم يجد دولة تردعه ولا حكومة تستنكره. هل تعلم الدولة شيئاً عن الأضرار النفسية التي يخلِّفها انقطاعُ الكهرباء، وهل تعلم ما مدى انعكاس هذا الأمر على المواطن الذي لم يشعر يوماً بإحساس الانتماء، أو يتمتَّع بحقوق المواطنة التي أصبحت مهدورةً دون أدنى اعتبار!!