لا يجوز للقضاة أن يعملوا في السياسة على حساب نزاهة القضاء .. وليس أخطر على القضاء من قضاة يتحولون إلى جزء من كيد السياسة و ألاعيبها. *وأبجديات نزاهة القاضي ألا يسمح لنفسه بالظهور في التلفزيون ليتحدث في أمور وفي اليوم التالي يحكم في الذي تحدث عنها ..! * وبيننا قضاة سحبتهم الأطماع فلم يترددوا في الزج بأنفسهم في الصراعات السياسية تقرباً من كرسي أو وجاهة، وسرعان ما يكتشفون أنهم أضاعوا الكرسي والوجاهة، وأضاعوا عدالة القاضي ومقامه الرفيع. * القاضي الذي يريد أن ينشط حزبياً عليه مغادرة سلك القضاء لأن ألف خطبة مطاطة وألف تعبير إنشائي لايساوي شيئاً أمام القول أن هذا القاضي غير متجرد من الولاء الحزبي أو المذهبي أو المناطقي.. والكثير من القضاة يفهمون خطورة مهنتهم العظيمة، فيحرصون على أن لا يقتربوا من الشبهات التي تعاظمت على عدد قليل من القضاة، فأساء هؤلاء إلى مقام القاضي، وكرسوا عند الناس إحساساً بالحاجة لاسترداد حقوقهم بأيديهم خاصة عندما يتصل الأمر بالدماء والأعراض. *وكلما زاد التردي الأمني والاقتصادي ارتفع منسوب التردي الأخلاقي، وزاد عدد الظالمين، وارتفعت نسبة الذين يطرقون أبواب المحاكم أملاً في رد المظالم..وكثير ما تكون الصدمة صاعقة عندما يجد المظلوم نفسه أمام قاضٍ يحكم بما لم ينزل به الله، فيظلم هو الآخر مدفوعاً إما بضعف ذاتي أو مجاملة أو نزولاً عند اعتبارات ما أنزل الله بها من سلطان. *ومن تتاح له فرصة الاطلاع على عناوين القضايا التي تراوح أماكنها في النيابات والمحاكم سيقف على حقيقة كيف تلتقي وتتزاحم المظالم مع ثقافة التطويل والتسويف، والقطع الذي يتساوى فيه القضاء مع الكهرباء ببركات سحرة النيابات والمحاكم من الذين يجيدون التلاعب بقضايا لا تتحمل مطلقاً أن يكون القاضي هو الآخر محل شبهة بسبب انتماء أسري أو حزبي أو جهوي دونما إدراك أن هيبة القاضي هي في عدالته، وفي أن يكون قدوة وملجأً لكل مظلوم يرى العدالة طريقاً إلى السعادة. *ومهما كانت النيابة خصماً للمتهم فإنها لاتحكم، وإنما الذي يحكم هو القاضي وهو من يجب أن ينطلق في أحكامه من القدرة على الفصل بين الباطل اللجلج والحق الأبلج..!! *ولأن الإشارات والأسئلة الخاصة بالنوايا صعبة وخطيرة أغلق بالقول: أيها القضاة، اتقوا الله في الناس، فالأسئلة والشكاوى تتزايد كلما تعلق الأمر بحقوق الناس في العدالة والإنصاف..!!