بينما يؤكد المسؤولون في الحكومة التي يقودها إسلاميون في تونس أن السيناريو المصري الذي انتهى بالإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي لن يتكرر في تونس إلا أن المعارضة العلمانية تريد الانقضاض على هذه الفرصة واستثمارها لإزاحة خصومها الإسلاميين. قبل عامين ونصف العام فجرت تونس انتفاضات الربيع العربي التي انتقلت إلى مصر وليبيا وسوريا. وأدت أول انتخابات في تونس إلى وصول إسلاميين معتدلين للحكم وهو ما حدث أيضا في مصر لكن تدخل الجيش المصري لعزل الرئيس الإسلامي المنتخب بعد ضغوط شعبية كبيرة ألقى بسرعة بظلاله على تونس.
ولم ينتظر علمانيو تونس طويلا كي يتحركوا ضد الإسلاميين، فأطلق شبان حركة تمرد مثل حركة تمرد المصرية بهدف إسقاط الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية وحل المجلس التأسيسي المكلف بصياغة دستور جديد للبلاد. وقال منظمو هذه الحركة أنهم جمعوا 200 ألف توقيع. وبعد يوم واحد من الإطاحة بالرئيس الإسلامي مرسي سارع حزب نداء تونس وهو من أبرز أحزاب المعارضة العلمانية في تونس لتهنئة المصريين بانتصارهم لكنه استغل الموقف ليدعو إلى حل حكومة الإسلاميين وتشكيل حكومة إنقاذ وطني في خطوة غير مسبوقة.
وقال بيان لحزب نداء تونس إن فشل الحكومة السياسي والاقتصادي وتفشي العنف أسباب تبرر الدعوة لحكومة إنقاذ لتسيير شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
وفجر اغتيال المعارض شكري بلعيد في فبراير أسوأ موجة احتجاجات في البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011 لكن الإسلاميين نجحوا في امتصاص غضب شعبي استمر بضعة أسابيع بتشكيل حكومة جديدة ضمت عددا كبيرا من المستقلين استجابة لطلب المعارضة.
لكن قادة تونس الإسلاميين الذين أعلنوا رفضهم الواضح للإطاحة بمرسي عبر "انقلاب" قالوا أن السيناريو المصري لا يمكن أن يتكرر في تونس. وقال رئيس الوزراء التونسي علي العريض: "لا أتوقع حدوث السيناريو المصري لثقتي بوعي التونسيين ولأن الرزنامة السياسية في تونس واضحة". ورغم أن الإسلاميين في تونس اقتسموا السلطة مع حزبين علمانيين وقبلوا بضغوط المعارضة تعيين مستقلين في كل وزارات السيادة وكانوا أكثر انفتاحا من إسلاميي مصر إلا أن محللين يرون أن السيناريو المصري ليس ببعيد ولو باختلافات في ظل تزايد الاحتقان من استمرار الإحباط لدى الشبان العاطلين وغلاء المعيشة وتفشي العنف. ويقول المحلل السياسي يوسف الوسلاتي "تونس لا تبدو بمعزل عما جرى في مصر.. إخوان تونس قد يواجهون مصيرا مماثلا خصوصا في ظل تقارب غير مسبوق بين فرقاء سياسيين في المعارضة بهدف إزاحتهم من الحكم". ويوم الثلاثاء اجتمعت عدة أحزاب من اتجاهات سياسية متباينة لأول مرة لبحث خارطة طريق سياسية والدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني. وضم الاجتماع حركة نداء تونس التي يقودها رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي وحزب المسار إضافة إلى الجبهة الشعبية التي تضم ثمانية أحزاب.
وقال الوسلاتي: "هذا الاجتماع هو نقطة تحول في المشهد السياسي التونسي قد يساعد في استنهاض الهمم ضد الحكام الإسلاميين وسيطلق موجات ضغط شعبية". وتوقع الوسلاتي وهو رئيس تحرير صحيفة (آخر خبر) أن تبلغ الاحتجاجات أوجها خلال الاحتفال بعيد الجمهورية في 25 يوليو/تموز وفي 23 أكتوبر الأول تاريخ إجراء أول انتخابات قبل عامين. وقال أحمد الصديق القيادي في الجبهة الشعبية التي ينتمي إليها حزب شكري بلعيد الذي اغتيل في السادس من فبراير أن الجبهة جاهزة لإزاحة الإسلاميين بقوة الشارع. وقال الصديق: "نحن ندعو إلى حكومة إنقاذ لكن إذا أصر خصومنا على تجاهل مطلبنا فسنذهب لذلك بفرضه بإرادة شعبية سلمية ضاغطة.. نحن لا نخاف النزول للميدان ولو قتلونا." ويضيف الصديق "التأثر بين مصر وتونس موجود دون شك.. هنا أيضا شرعيتهم (الإسلاميون) انتهت تماما بسبب الفشل السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي". وبينما انضمت أغلب أحزاب المعارضة إلى جهود الضغط على الإسلاميين نأى الحزب الجمهوري وهو حزب معارض بارز بنفسه عن دعوات الإطاحة بالحكومة.
وقال زعيمه نجيب الشابي أن إسقاط الحكومات في الديمقراطيات لا يكون إلا عبر صناديق الاقتراع أو التوافق بين الجميع رافضاً أي تدخل للجيش مثلما حدث في مصر.