كان يوم أمس لحظة فارقة في التأريخ المصري ..ليس لذلك الخروج الشعبي المهيب الذي جاء متزامناً مع ذكرى تأميم الرئيس العربي الخالد جمال عبد الناصر لقناة السويس؛ وإنما لأن حركة الشارع المصري تخطت مرة أخرى كل الحسابات التي أرادتها السفيرة الأمريكية آن باترسون ومعها الأوروبية كاثرين آشتون التي تطوعت بتقديم عناصر التحول المصري، فكان الرد المصري الشجاع هو رفض خارطة آشتون والدعوات الشعبية الصارخة بطرد السفيرة *وثمة ما يقال في البرجماتية الأمريكية التي قسمت الأدوار في المواقف من مصر بصورة ليست غريبة لكنها مريبة..! إدارة أمريكية تترك الباب موارباً.. وإدارة تعلق صفقة طائرات إف 16 مع الإبقاء على فرصة المناورات المشتركة مع مصر..وثالثة تنفعل كما لو أن الإخوان في مصر خذلوها فيما على الأمريكان واجب النصرة *وحول هذه المواقف ليس في قطع المعونة مايستوجب خوف بلد بحجم مصر التي لم تحقق للعرب انتصارهم المثير إلا بالسلاح الروسي في حرب 73 ومن يدري لعل الذئب الروسي بوتين يلتقط الإشارة ..ثم إن المصريين لا يمكن أن ينسوا أن استعادة ريادتهم للأمة العربية لن تتم بمعزل عن قراءة التأريخ الذي يؤكد أنه لولا استقلال محمد علي عن الدولة العثمانية ما حققت مصر النهضة في عهده ..ولولا استقلال عبد الناصر عن التبعية للغرب ما دعم الثورات العربية من اليمن إلى الجزائر *وأما داخلياً فليس عند بعض اليمنيين ما يستدعي التباكي على مرسي ليس لأن الشعب المصري أعرف بمن يستحقون مشاركة مبارك الإقامة في سجن طرة، وإنما لأن عاماً فقط من حكمه شهد قبوله بأن تزرع إسرائيل جساسات تنصت على الحدود المصرية وهو ما لم يجرؤ عليه حسني مبارك نفسه.. فضلاً عن إدخال مرسي عبارة عدم اعتداء حماس على إسرائيل في اتفاق إيقاف اعتداء الصهاينة على غزة *وحول سجن الرئيس المعزول محمد مرسي بتهمة التخابر مع حماس فإن على بعضنا أن يخفف الحماسة الاستظرافية، ويتذكرون كيف أن حماس المجاهدة ليست حماس التي انخرطت مؤخراً في المشروع الأمريكي على حساب القضية الفلسطينية..!! *ويبقى السؤال بعد ما حدث أمس من خروج الشعب المصري رفضاً للعنف وتأييداً للقائد الذين يرون فيه امتداداً لزمن مصر العربي الجميل..ماذا عند جوجل وناسا وسي إن إن من تقارير موضوعية حول الشعوب حينما تستيقظ..؟