لم تتجه أنظمة ما بعد ربيع العرب على منهج تركيا رجب طيب أردوغان، الذي لم ينشغل بالأيدولوجيا عن الإنجاز، وإنّما استحضرت جوعها التاريخي للسلطة والقفز على مفاصلها، دونما مراعاة حتى لشركاء هذه الثورات..! *هذا الحال دفع رجب طيب أردوغان لأن ينصح محمد مرسي قائلا: لا تقضم مالا تستطيع أن تهضم .. وبالفعل حاول مرسي خلال عام أن يهضم التيارات المدنية والليبرالية والأقباط، ولم يستثن حتى حزب النور السلفي، الذي ظهر أكثر قدرة على قراءة المشهد السياسي في مصر. * ونظام هذا حاله، كان من الطبيعي أن يصطدم بجموع هائلة من الشعب، جعلت الراصدين للميادين والشوارع من الفضاء يحسبون ثم يتوقفون عن الحسبة عند السبعة عشر مليونا، ويقدرون الباقي في إجمالي ثلاثة وثلاثين مليونا من الحاضرين، كانوا من الفعالية والحضور والحماس، حد إجبار الجيش وقائده عبدالفتاح السيسي على التدخل والانحياز إلى ثورة جديدة تحول تأريخها إلى رقم حساب لدعم مصر .. * وبالمناسبة جاءت دعوات التبرع لمصر رداً على التهديدات الأمريكية بمنع المعونة السنوية التي تصل في مجموعها إلى المليار ونصف المليار دولار، تحولت عادة إلى قيد يعطل دور مصر القومي عبر توالي الأنظمة..من السادات إلى مبارك، وحتى مرسي .. * على أنأهم مافي المشهد المصري هذه الأيام هو الموقف الأمريكي المتصلب مع ماتبقى من نظام مرسي، والذي يظهر أكثر في مواقف جون كيري والسفيرة باترسون في القاهرة .. وهنا لابد أن تُصدم بالسؤال: هل صار الأمريكيونإخوانا؟ أم أنالأمر مجرد إثبات لما قيل أن ربيع العرب كان ومايزال مشروعا أمريكيا؟! * بالنسبة لي فإن دعم أمريكا لأي طرف ليس إلا تعبيراً عن حقيقة أن في الدعم استجابة لمصلحة إسرائيل، وإلّا كيف تكون أمريكاإخوانية في سوريا إخوانيه في مصر.. إخوانية في لبنان.. إخوانية في العراق.. إخوانية في اليمن..وإخوانية حتى في غزة، مادامت حماس تسمع الكلام! * عند مصالح إسرائيل يمكن أن يتأسلم الأمريكي، ويتأمرك المرسي، وتصبح الثورة انقلاباً والانقلاب ثورة..وتأملوا بعمق موقف الأمريكان من الأمور في مصر وسوريا والبحرين، حيث كل شيء ممكن مادام يخدم إسرائيل، بما في ذلك عدم سماع مرسي لنصيحة أردوغان وهو ينصحه "حذار من أن تقضم مالا تستطيع أن تهضم"..!