*يمن فويس – وضاح اليمن الأديب : & شيناز الأكحلي : كما قال أحد الفلاسفة " لا شيء يجعلنا كبارا جدا مثل الألم " كانت تعز كبيرة وعظيمة بقدر الألم الذي سكن تفاصيل يومياتها على مدى عقود ، تعز الكبيرة والحالمة ، مدينة الحب والسلام .. كان النظام مخطئا حين اعتقد انه قادر على اجهاض حلمها وريادتها للتغيير وتوقها للحرية ، تعز حلم كبير بحجم الوطن .. " حديث المدينة " عاشت تفاصيل الحياة اليومية لتعز أولا بأول وتجولت بين أحيائها وجراحها النازفة . تعز: عدد من الشهداء والجرحى ينضمون لقافلة الحرية انضم خمسة شهداء إلى قافلة شهداء الحرية وما يقارب عشرة جرحى ضمن سلسلة القصف الذي طال مدينة تعز خلال الأسبوعين الأخيرين؛ حيث كانت نيران القوات النظامية قد ترصدت المسيرة التي انطلقت من وادي القاضي صباح يوم 5 ديسمبر باتجاه الحصب وبيرباشا احتجاجاً على حصارهما والضرب العنيف الذي طالهما وسقوط عشرات من الشهداء ومئات من الجرحى، واستشهدت راوية علي الشيباني جراء طلقة نارية في الصدر من قبل قناص، كما أصيب أمين قاسم محمد المسني بطلقة نارية في الرجل اليمنى، وعبد الله عثمان ثابت المقرمي بطلقة نارية في الفخذ الأيمن، ومحمد هائل البريهي بطلقة نارية في الكتف الأيمن، وطه أحمد محمد حسان بطلقة نارية في اليد اليسرى، ومحمد قاسم علي مالك الشرعبي بطلقة نارية في الرجل اليمنى، ومفيد عبده سيف بطلقة نارية في الجنب الأيمن وطلقة في اليد اليمنى. وفي نفس السياق سقط يوم 6 ديسمبر جريحان وشهيدان جراء القصف هما: بديع عبده أحمد سلطان، وعبدالله عثمان ثابت المقطري، بالإضافة إلى استشهاد رجاء علي عبدالله شمسان متأثرة بجراحها، والتي كانت قد أصيبت في ديسمبر، إلى جانب محمد قاسم مرشد الغزالي الذي كان قد سقط شهيداً جراء قصف طال مسجد الأنصار بالحصب في 2 ديسمبر ومنع قوات صالح أي أحد من الوصول إلى مكان القصف، ووجدت جثته متعفنة بعد أربعة أيام، وتم إيصالها إلى ثلاجة مستشفى الروضة. أما في 8 ديسمبر فقد سقط جريح إثر إطلاق جنود مرابطين في جولة وادي القاضي النار على شاحنته بعد انفجار إطارها الأمامي ونقل المصاب إلى أحد المستشفيات. تحلم.. تبكي.. تغني للوطن على رغم ما يصدره لهم النظام من الخوف والرعب اليومي مازالت تحلم بيوم تعود فيه للمدرسة تلتقي بصديقاتها التي تتمنى ألاّ يكون قد أصابهن مكروه، تنهمر بالبكاء فجأة وهي تروي تفاصيل الهلع من أصوات القذائف التي اخترقت جدار وطنهم الصغير، لكنها سرعان ما تعاود الغناء: (نعيش، نعيش.. ليحيا الوطن). خذله النظام شاباً وأدماه كهلاً ضاق به الوطن ذرعاً في عهد صالح، صادر حقه في العيش الكريم، ولم يكتفِ نظام صالح بمصادرة شبابه، بل أدركته شظايا قذائفه تحت جدار سور مهجور ليصادر طمأنينته وسكونه وتصادر حقه في الحركة والجري وراء لقمة العيش وما يسد رمقه. صناعة الخوف انفجر إطار الشاحنة فانهالت على من بداخلها طيور أبابيل النظام بقذائف من سجيل، هكذا هم يرتعشون لأدنى حركة من حولهم ويصابون بحالة هستيرية.. إنهم صناع الخوف ويد النظام. شباب الثورة في تعز يرفضون المجلس الوطني وحكومة الوفاق ويؤكدون التزامهم بالخط الثوري ندّد شباب الثورة في تعز بالمبادرة الخليجية وآلياتها والموقعين عليها، وهو ما يعتبرونه تنازلاً وخيانة لدماء الشهداء، معربين عن تمسكهم بإسقاط النظام ومحاكمة رموزه واستمرار الخط الثوري. وكان شباب الثورة قد نظموا عدداً من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات الرافضة للمجلس الوطني وحكومة الوفاق الوطني التي حاولت الالتفاف على الثورة الشبابية الشعبية وتحويلها إلى مجرد أزمة بين طرفين سياسيين ممثلين بنظام صالح وأحزاب اللقاء المشترك، وهو ما يرفضه الثوار في جميع ساحات الحرية وميادين التغيير. ورفع الثوار لوحات رافضة لمحاولة النظام عسكرة المدينة وتحويل تعز إلى مستنقع للصراعات والحروب في محاولة منه لإجهاض الثورة السلمية. كما ندّد البيان الصادر عن شباب ثورة الحادي عشر من فبراير في ساحة الحرية بالأطراف السياسية التي ادعت تأييدها للثورة الشبابية السلمية؛ من أجل كسب معركتها في الوصول إلى كرسي السلطة على حساب أهداف الثورة الشبابية السلمية، ومحاولة كل الأطراف السياسية عسكرة المدينة؛ لغرض تمرير المبادرة الخليجية وفرضها كأمر واقع، وهو ما يرفض الشباب التعامل معه، كما ندّد البيان بالممارسات التي تمارسها بعض تلك القوى بقيامها باختطاف واعتقال بعض الناشطين من شباب الثورة في ساحة الحرية. وجاء في نهاية البيان: نلفت عناية تلك القيادات العسكرية المصرة على العنف نهجاً للتعامل مع الشباب السلمي فإننا نمهلهم 24 ساعة لا أكثر من لحظة صدور البيان للإفراج عن كل المعتقلين من شباب الثورة، مؤكدين على إعلانهم عن زملائهم المخفيين قسرياً "معتقلين حرية" وهو ما سيترتب عليه التواصل مع كافة المنظمات الدولية والإنسانية وجميع وسائل الإعلام الدولية لنشر كافة التفاصيل التي تثبت اختطاف زملائهم والتي تحفظوا عن إعلانها حفاظاً على سلامتهم وتجنباً للتشهير الذي لا يخدم المسار الثوري في الوقت الحالي – على حد قول البيان. ويواصل شباب الثورة في تعز تصعيدهم الثوري بشكل يومي وتصاعدي للتأكيد أن ثورتهم لم تكن ثورة أحزاب كما كان ينظر لها المجتمع الدولي ويروج لها النظام، بل هي ثورة شبابية شعبية صارت اليوم تسكن في كل بيت وحارة. وفي نفس السياق وقف البيان الصادر عن التكتل الوطني للأحرار أمام ما يجري من حرب شاملة وقتل وتدمير للأرض والإنسان في تعز، حيث أشاد البيان – الصادر عن التكتل – بصمود الثوار وتضحياتهم العظيمة وتصميمهم على المضي بثورتهم قدماً بسلمية تامة حتى يتحقق النصر المبين، كما دعا التكتل أبناء تعز إلى تعزيز التلاحم فيما بينهم ومحاربة المرتزقة والبلاطجة. وناشد التكتل دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية والمجتمع الدولي إلى التدخل السريع لوقف حرب الإبادة المتكررة التي يمارسها النظام على تعز، كما طالب بإرسال لجنة تقصي حقائق محايدة؛ للاطلاع عن قرب على حجم الدمار الذي تعرضت له المدينة على يد قوة النظام، وبقاء تلك اللجنة حتى يتم إعادة هيكلة الجيش – على حد قول البيان...كما وقف التكتل أمام التصريحات الأخيرة لرئيس اللجنة العسكرية للتهدئة للقناة الفضائية، والتي أظهرت عدم حياديته في التعامل مع الدمار الذي لحق بتعز واعتماده على بلاغات لم يتأكد من صحتها، ودعا اللجنة إلى تحمل مسؤولياتها بأمانة، وجدد التكتل في ثاني بيان له خلال أيام على رفضه القاطع لعسكرة المدينة ومحاولة الإبقاء على بعض النقاط العسكرية والتمركز في بعض التلال تحت مبررات واهية تعيد استباحة تعز مرة أخرى. لجنة التهدئة هي التي بدأت مهامها في تنفيذ اتفاق إزالة المظاهر العسكرية من مدينة تعز، بعد الأحداث الدموية التي شهدتها المحافظة خلال الأسبوعين المنصرمين، والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى. ومع انخفاض ملحوظ لمظاهر التسلح والمواجهات والضرب العنيف المباشر على الأحياء السكنية بمختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة من النقاط العسكرية المنتشرة في التلال والمناطق المرتفعة المجاورة للمدينة إلا أن خروقات تحدث بين الحين والآخر في أماكن متفرقة من المدينة، مع سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين العزل بعد ممارسة لجنة التهدئة لمهامها بإزالة الثكنات العسكرية والمسلحة من المدينة. تواصلنا مع بعض أعضاء لجنة التهدئة من الطرفين للحديث عن آخر ما توصلت إليه اللجنة: الأستاذ المحامي عبدالله نعمان – عضو لجنة التهدئة – تحدث إلينا بشأن ما وصلت إليه اللجنة حتى الآن قائلاً: تم إخلاء المنطقة الغربية من الجيش والآليات العسكرية والمسلحين والمنطقة الشمالية المتمثلة بمنطقة الروضة وزيد الموشكي ومستشفى الثورة وما جاورها، ولم يتبقَ لدينا سوى نقطة الحرس الجمهوري المتواجدة أسفل عقبة حوض الأشراف لإزالتها، وبلغنا بأن هناك زيادة لعدد الجنود في مستشفى الثورة عن الأعداد المتفق عليها لحماية وتأمين المستشفى وسنعمل على معالجتها. أما بشأن القوات المتمركزة في جبل جرة فأكد المحامي نعمان أنه قد تم إخلاؤها من القوات التابعة للواء 33 مع كل الأسلحة التابعة لهم يوم الخميس، ولم يتبقَ سوى تمركز لعدد محدد من قوات الشرطة العسكرية وطقم عسكري واحد. وبالنسبة للمسلحين والعساكر المنتشرين في بعض الأماكن والمدارس في المدينة فقد أضاف نعمان: لقد تم إخلاء شارع جمال ومدرسة نعمة رسام ومدرسة سبأ والخدمة المدنية ومكتب التربية من المسلحين. وحول تعامل اللجنة مع أية بلاغات عن تمركز مسلحين فيها أو انتشار أية مظاهر مسلحة أكد عبدالله نعمان أنه سيتم التحقق من أية بلاغات للتأكد من صحة المعلومات والتعامل معها واتخاذ اللازم. وحول التصريحات الأخيرة لرئيس اللجنة العسكرية والأمنية الموفدة إلى المدينة – حول انسحاب المسلحين من المعارضة إلى المنازل – فقد علق المحامي نعمان على تلك التصريحات قائلاً: ليست من مهمة لجنة التهدئة التحقق من الجهة التي ذهب إليها المسلحون، نحن فقط مهمتنا إزالة المظاهر المسلحة من المدينة، هؤلاء المسلحون عادوا لأماكنهم، وليس للجنة أية صلاحيات في تفتيش البيوت، ولا نعلم بأية معلومات، ولا نعلم أية منظمات مجتمع مدني استقى منها رئيس اللجنة تلك المعلومات، وما هي صلاحيتها في تقديم أية معلومات له، وأن معلومات مثل هذه يجب أن ترصدها الأجهزة الأمنية، وعليها اتخاذ الإجراءات القانونية عبر النيابة العامة. أما بخصوص الدمار الذي لحق بالمدينة من جراء قصف القوات النظامية للمدينة فقد أكد أن هناك لجنة خاصة بالتعويضات ولا تدخل في مهام لجنة التهدئة. أما مهدي أمين سامي – عضو لجنة التهدئة – من جانب السلطة فقد تحدث إلى (حديث المدينة) قائلاً : الحمد لله وبعد جهد 6 أشهر بإشراف محافظ المحافظة حمود خالد الصوفي وبتوفر الإرادة الصادقة من طرفي السلطة والمعارضة نستطيع القول: إن عملية التهدئة في مدينة تعز قد نجحت بنسبة 90 %، وتم إخلاء المدينة من الجيش والعناصر المسلحة في المنطقة الغربية وشارع المرور ووادي الدحي وبيرباشا ومنطقة الروضة وزيد الموشكي، ويوم الأربعاء والخميس أخلينا جبل جرة ووادي القاضي بما في ذلك إخلاء المناطق العامة والخاصة؛ من أجل تعزيز الأمن والسكينة في المدينة وحماية المنشآت العامة لإعادة الحال إلى ما كانت عليه المدينة في بداية العام الحالي، كما تم تعيين مسؤول أمني لمنطقة مستشفى الثورة ومحيطها بقيادة العقيد عبدالواحد أبو فارع مع حراسة أمنية هناك كالأيام المعتادة، وتم إعادة الشرطة العسكرية بأعداد كافية كما كانت سابقاً بدلاً من عناصر اللواء 33 مدرع الذي تم سحب أفراده مع دباباتهم ومدرعاتهم، ونحن متفقون في لجنة التهدئة على تواجد عدد محدد من الشرطة العسكرية في جبل جرة مع طقم واحد. أما بشأن ساحة شباب الثورة والمسيرات التصعيدية من قبل شباب الثورة فقد أكد مهدي أنه لا توجد أية إشكاليات في بقاء المسيرات واستمرار الساحة، والذي يعتبر حقاً دستورياً وقانونياً، وللشباب الحق في ثورتهم السلمية وممارستهم لحقهم التعبيري، وأردف قائلاً: ما يهمنا فقط هو الجانب الذي يتمثل في مرافقة المسلحين للمسيرات السلمية، والذي يجب أن يختفي، كما أكد مهدي سامي ضرورة التأسيس لحسن الظن بين طرفي النزاع، وتفويت الفرصة على الجهة الثالثة التي كانت تستفيد من خلق الصراع بين الطرفين وتستثمر الجراح والدماء والأرواح – على حد قوله. تعز تلفظ خبث العسكر صدروا آلة الموت والدمار والموت إليها، ذات مساء عاثت بياداتهم في الأرض فساداً، ولكن أرض تعز الحرة لفظت خبثهم لتنتصر قيم الحرية. قهر الحديد... ولم تقهر تعز سلبوا.. نهبوا... دمروا بوحشية، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.. قهروا الحديد ولكن تعز لم تقهر.. براميل ومنازل ثائرة منازل وأبواب ومحلات وبراميل المياه واجهت قذائفهم بصدور عارية. قذائف متطفلة تشبه النظام كما هو عادتهم في التطفل والتلصص على تفاصيل حياتنا اليومية منذ ثلاثة عقود مرت... تلصصت قذائفهم الحمقى على أفراحنا، لتنطلق زغاريد تحف الشهداء وتعلن قرب الانتصار. جثثت متكدسة ... في ثلاجات للمواد الغذائية تتكدس جثث الشهداء في ثلاجات مستخدمة للمواد الغذائية في مستشفى الروضة بعد أن انتهت الطاقة الاستيعابية لثلاجات المستشفيات المخصصة للموتى في بعض المستشفيات في هذه المدينة التي عانت الكثير من الإهمال وغياب المشاريع الصحية والخدمية القادرة على تلبية حاجات المواطن في الأيام العادية ، فما بالنا في هذا الظروف التي شن فيها حرب شعوا على مدينة الحب والسلام والتسامح . التي صارت اليوم مدينة منكوبة تحتاج لتدخل إنساني ودولي لمواجهة تلك الكارثة . * نقلا عن حديث المدينة