لم تبارح مخيلتي لحظة إنهمار دموع الجريح عصام في مساء 21 إكتوبر الماضي وهو يهاتف الأخت / ليلى ربيع على قناة (عدن لايف ) حول تغابي بعض القادة الجنوبيين والذين لم يولدوا من فروج أمهاتهم كقادة جاهزين وانما وفَّرتهم الفرص التاريخية التي أجترحها الشعب الجنوبي بقوافل من شهداءه وجرحاه وطابور طويل من أبناءه الذين أعتقلوا في سجون الاحتلال ، وكيف بلغ هذا التغابي لدى هؤلاء البعض الى مستوى اللامبالاة بكل هذه التضحيات التي قدمها ويقدمها هذا الشعب المغوار وهو يقاوم وبإستبسال المحتل اليمني المتوحش الهتور ليستعيد وطنه وكرامته .. فيما هؤلاء البعض النهَّازين للفرص منشغلين بمواقعهم .. أي مواقع ؟! وهل هذا وقته ؟! وهل المؤمَّل منهم أن يكونوا كذلك في هذا الوقت العصيب الذي يواجهه جنوبنا الثائر ؟! . ان دموع وتأوهات الجريح عصام المترادفة بتلك الكلمات الحزينة التي نادى بها من على قناة (عدن لايف ) متأسِّياً تمام الأسى أن يجازى شهداء الثورة وجرحاها وكل صناديدها الصامدين على الميادين بمثل هذا التخاذل تجاه قضية مصيرية يستوجب معها وبجدية تركين كلما هو شخصي وذاتي ومناطقي وشيطاني .. والإلتفاف الصارم حول هدف تحقيق الاستقلال .
أما تروا معي أنه يستصعب علينا كلنا نحن الذين شاهدنا المذيعة المتألقة ليلى ربيع وهي تستحث أخونا الجريح عصام وتترجاه بأن يكفكف دموعة فيما هي بادية بأنها تتوجع وتخالجها عبرات وكادت أن تجهش بالبكاء ومثلها كانت أحاسيسنا فلقد أغرورقت أعيننا بالدموع ونازعتنا الغصص وأحزننا الموقف أيما حزن .. وخففت من حزن اللحظة ليلى ربيع وهي تحاول ربط الجأش بطمأنة الجريح عصام وطمأنة المشاهدين بأن القيادات الجنوبية توحدت . توحدت قيادات الجنوب يامحلى التوحد الجنوبي – إنه أجمل خبر سمعناه ويستحق أن نتغنى به كثيراً لأنه يقربنا من تحقيق هدفنا المنشود اذا كان على مستوى من الجدية والمصداقية والثبات .
مهما كان التخرص الذي يروج له البعض ازاء هذا التوحد الجنوبي الجنوبي سنبقى متفائلين وتحت يقين أن المعاناة من ظلم وعبثية المحتل قد صهرة الجميع مع عدم الإفراط في الثقة من أن كل شيء صار على مايرام طالما وفي علمنا المؤكد أن في بيننا أناس قلة مشنوقين الى ذيل المحتل يسعون بقدر المستطاع لشرذمتنا والنيل من إصطفافنا الوطني نحو هدفنا النبيل .
نعود لنتفطّن في دموع الجريح الجنوبي عصام ومناشدته المثقلة بالحزن والأسى وتجديد تذكار هذا الموقف الشديد الإيلام والذي هو بطبيعته لايجسد مأساوية خاصة وإنما مأساوية عامة بما تعنيه الكلمة .
فالشهداء والجرحاء والمعتقلين والرجال الذين يكابدون الشدائد في الميادين والساحات وجدنا فيهم ما نريد لرفع شأن ثورتنا وضهورها بهذا الوزن الضاغط على الإحتلال واللافت لإنتباه القوى الإقليمية والدولية نحو قضيتنا ، فهل من المعقول أن يضيع فينا ما يريدوا بمواصلة السير على دربهم المعمد بالشهادة والدم ؟! بكل تأكيد الشعب الجنوبي لن يحيد قيد أنمله عن أهداف أبنائه الميامين في إستعادة وطنه المحتل مهما كثُرت الدسائس والمؤامرات والمثبطات .. ولنا من المليونيات المتوالية الرافظة للإحتلال أصدق البراهين على ثبات الموقف الجنوبي تجاه قضيته العادلة ومن أن بلوغ تحقيقها أمر حتمي بعون الله .