هكذا يتوجب ان نقول وبكامل الصراحة والوضوح بأننا كجنوبيون لم نعد نثق بأي طرف شمالي يدَّعي انه يناصرنا ومع حق تقريرنا مصيرنا وإننا أصحاب مظلومية وحقوق مشروعة وعادلة و..و..إلخ فمثل هذا الكلام انخدعنا به مرات كثيرة وكنا للأسف الشديد ما نكاد نصحوا من آثار خدعة طرف شمالي إلا ويأتي طرف آخر ليوهمنا بأنه متفرد عن سواه في معرفة الحق ودحض الباطل و مؤازرة المظلومين وإلى مستوى الاستغراق الجاذب في التأسي لأحوالنا وإدانة الجهات التي شنت الحرب العدوانية على جنوبنا واستباحة أراضيه وقتل أبناءه ونهب ثرواته والاستيلاء على مقدراته، والتباهي في الوقت ذاته بالوقوف إلى جانبنا لانتزاع حقوقنا الكاملة من غير نقصان ، وفجأة ما أن يرونا نكثِّف من تصعيد نضالنا المشروع لاسترداد أرضنا إلا وقد صاروا غير الذين عرفناهم !!. بوقت وجيز جداً يتبدًّل حالهم إلى النقيض قولاً وفعلاً ،فنعرف تماماً إننا خدعنا وأن هؤلاء يستكملوا دور سابقيهم وإنهم مهما اختلفوا وتناحروا واقتتلوا وتنابذوا يبقون دائماً صفاً واحداً ضدنا كلما هممنا بانتزاع استقلالنا لأن ما بينهم والعدل الذي يتحدثون عنه بون شاسع يساوي من مسافة ما بين الثريَّا والثرى . في هذه المرة أتى من يحدثنا عن السيد عبد الملك الحوثي بأنه وأتباعه نوع آخر من بشر الجمهورية العربية اليمنية مفيضاً في الحديث بأن الحوثيين كَوَتهم المعاناة ، وذاقوا من قهر سلطة الإستبداد مايكفي ليقدِّروا معاناة أخوانهم في الجنوب من قهر الإحتلال ، وقد أفاض أكثر السيد عبدالملك الحوثي في خطاباته من الحديث عن مظلومية الشعب الجنوبي وصارح علناً بأنه مع إسترجاع حقوق الجنوبيين وصارح أيضا انه مع تحقيق العدالة الكاملة لأبناء الجنوب ، وقد تبرَّع الكثير من الكتاب والسياسيين في تفسير مدلول هذه الكلمات على أنها تعني وبكامل الوضوح حق الجنوبييون في إستعادة وطنهم ودولتهم . وهنا استولتنا غفلة من نوع آخر حتى فوجئنا بالاجتماع الذي دعا له السيد عبدالملك مؤخراً لما يسميهم بالحكماء والعلماء والعقلاء في اليمن والذي تم الحشد له لأكثر من أسبوع وعلى ذات الطريقة (العفاشية) التي عادة ما تبتدع مثل هذه الطرائق الملتوية لإضفاء شرعية على توجُّه جديد يلغي ما قبله بالتوكُّؤ على بيان يصدر عن هذا الاجتماع يكون قد أُعد له مُسبقاً ويضاف إليه إسناد بكلمات من المشاركين في ذات الاجتماع ليسهل تبديل الموقف السياسي ازاء كثير من القضايا مثلما رأينا وشفنا في البيان الختامي لهذا الاجتماع والذي أتى بدعوة السيد عبدالملك ليصدر ما يناقض وعده تماما إزاء القضية الجنوبية ، فلقد بدأ التشدُّد واضحا تجاه حق أبناء الجنوب في استعادة وطنهم ، وأشتمل البيان على دعوة استكمال نشر ما يسمى باللجان الثورية أو اللجان الشعبية على كل المحافظات . ولطالما إننا نعلم أن هذه اللجان قد استوفت وجودها في محافظات الجمهورية العربية اليمنية فأن الهدف من استكمال نشر هذه اللجان كما يردد البعض هو تمددها في محافظات الجنوب ليتجرع الجنوبيين معاناه من نوع آخر . وهنا لا نعفي أنفسنا عما سيؤول إليه حالنا في الجنوب إذا لم نحترز من هذه الخدعة ونرص صفوفنا بكل جدية ونستبسل من أجل استقلالنا. ربما يقول قائل بأنني مخطئ في هذه التناولة وأن السيد عبدالملك الحوثي جاد في إنصاف الجنوبيين ، وأقول أتمنى أن أكون مخطئاً وأن يكون السيد صادقاً ومنصفاً ليسترجع أبناء الجنوب وطنهم ودولتهم ، ولا أشك إذا ما صدق في هذا الوعد إنه سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه وسيحفظ علاقات طيبة ومنافع متبادلة للدولتين الشقيقتين .