بنظرة أولية نجد أن الحكومة لا يمكن تصنيفها كحكومة '' محاصصة و تقاسم '' للكعكة الوزارية , و لا يمكن تصنيفها أيضاً ك ( حكومة تكنوقراط ) خالصة لمماهتها للون الحزبي , و بإغفالها المناصفة شمالاً و جنوباً, و بالقراءة و التمعن في القرار الجمهوري 140 لتشكيل الحكومة يتم تأكيد هذا الطرح, حيث و - إن كان الأغلب مؤتمريين- إلا أنها أيضا كفاءات و كوادر مؤهلة تم إختيارها على أسس معايير إتفاقية السلم و الشراكة الوطنية, مع وجود بعض التحفظات على بعض الأسماء المذكورة إما بسبب التكرار أو التبديل الوزاري من وزارة لأخرى و إما بسبب مزاعم قضايا فساد -كما يدعي البعض- و إما بسبب مواقف سياسية مناهضة للثورة و التغيير , كما تبنتها وزيرة الثقافة أروى عبده عثمان, و مع نقل وزير الشباب و الرياضة معمر الإرياني الى وزارة السياحة .. و الدكتور عبدالرزاق الأشول من التربية والتعليم الى التعليم الفني و مع بقاء الدكتور المخلافي وزيراً للشئون القانونية و المهندس عبدالله الأكوع وزيراً للكهرباء! ومع وجود أسماء وكوادر وطنية و مؤهلة و الأغلب يتم لأول مرة تقديمها للرأي العام بما ينبئ عن أن سمة الصلاح و الاطمئنان الكبير- إلى حد ما- هي اللغة السائدة في أداء عمل و سير الحكومة المرتقبه, مع وجود اللجان الرقابية المنبثقة من الثورة الشعبية و مع تفعيل دور المؤسسات الحكومية لمكافحة الفساد , ستكون الرقابة اكثر شدة و صرامة وفاعلية.
الوزارات السيادية وهي الأهم تم دمج عناصر وزارية كفؤة و مشهود لها بالنزاهة و الوطنية و الإقتدار , و هذا ما يهم الوطن في أولويات المرحلة القادمة من التركيز على الجانب الإقتصادي ممثلا بوزارة المالية و الجانب الأمني ممثلا بوزارتي الداخلية و الدفاع و الجانب السياسي الدولي ممثلا بالخارجية, حيث تمثل جميعها عصب الحياة و مربط الفرس في ثبات النظام و قوام هيكل الدولة و إستعادة الروح إلى جميع مفاصلها و مؤسساتها.
موجة الإعتراض النسبي و الإستياء العام -لدى البعض- تدل على النجاح و التوفيق في اختيار الحكومة بسبب إفشال مخطط المحاصصة و التقسيم, ما يفسره سبب تذمر البعض من فقدان نصيب حصة الأسد في الحكومة, و ان كان هناك تحفظات و إعتراضات قائمة على أسس وطنية من فقدان النزاهه و معايير الكفاءة و التي لم يتم ثبوتها في أغلب الحالات الوزارية, و استندت على مبدأ التعميم الإجباري للمنظومة الوزارية ككل, تدحض مزاعم الفساد و سوء إختيار الهيئة الوزارية المعلنة .
بيانات الترحيب
حتى اللحظة و ساعة كتابة المقال لم يصدر أي بيان من أي مكون حزبي أو سياسي أو حتى من انصار الله, ربما لجس نبض الشارع اليمني و ردود أفعال أعضاء كل فريق, و أتفهم - الى حد ما - موقف أنصار الله حتى اللحظة حيث و أنهم ليسوا شركاء فاعلين في الحكومة مع قبولهم عدم الإشتراك في اي حكومة, و أي ترحيب من قبلهم ما معناه القبول بالحكومة و هذا يتنافي و المنطق مع كونهم جهة رقابية ثورية و قد يؤثر مستقبلاً على الموقف العام للمكون حال فشل الحكومة و تحمل تبعاته, كما ان اي رفض سيبدو و إن المكون معطل و معرقل للعملية السياسية على وجه الخصوص مع رفضة المسبق تعيين بن مبارك رئيسا للوزراء المعين السابق.
التفويض الرئاسي
الذي ينص صراحة على تفويض الرئيس هادي و رئيس الوزراء المكلف باختيار الحكومة و الموقع من جميع المكونات و الأحزاب السياسية بمن فيهم أنصار الله يرمي الكره في ملعب الرئيس هادي و عليه تحمله تبعات فشل اي حكومة مستقبلية, وينص صراحة على عدم أحقية الطعن في أي قرار قد يتخذه الرئيس متناقضا مع البند الثاني لاتفاقية السلم والشراكة الوطنية, و إن إشترط معايير " النزاهة، الكفاءة، والتحلي بالخبرات اللازمة للحقائب الوزارية، والتزام حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون والحياد في إدارة شؤون البلاد"، وبما لا يخالف كل بنود وثيقة السلم والشراكة الوطنية، وعلى وجه الخصوص الفقرة السابعة (7) والثامنة (8) من البند الثاني، وروح التشاور بين جميع الأطراف الموقعة على وثيقة السلم والشراكة، بما يخدم المصلحة الوطنية العليا, بما يمثل من ثغرة نصية للطعن و الإعتراض و الالتفاف على الوثيقة.
دلالات تشكيل الحكومة المتزامن مع صدور قرار مجلس الأمن الخاص بفرض عقوبات على الرئيس السابق صالح و بعض زعامات أنصار الله توحي بأن الجدل السياسي لن يخدم تلك الأطراف في حالى الرفض بما يمثل من ورقة ضغط مباشرة للقبول بالتشكيلة الوزارية على مضض و إرباك المشهد السياسي برمته و ما يعلن نهاية المؤتمر و احتضاره رسمياً على الأقل في ظل وجوده تحت زعامة صالح ! و وقوعة بين كماشتى الحكومة و القرار الدولي و إن تم استثناء السيد عبدالملك الحوثي و نجل الرئيس السابق من قرار فرض العقوبات - و ان كان بشكل صوري- فالقرار تمتد عواقبة كهزة معنوية تشمل الكل ربما لجعل الباب موارباً على التسوية السياسية.
لم تخلو الديباجة الرئاسية من ذكر نص روح المبادرة الخليجية ربما لإرضاء المحيط الخليجي و وضعه في الصورة في حال قيام علاقات متبادلة أكثر عمقاً و تأثيرا و كسب الرضا و التوافق الدولي و الخليجي , و رأب لصدع العلاقات المتوترة مع بروز انصار الله في المشهد السياسي الذي اثار مخاوف الجار الخليجي , و بعث رسائل تطمينية عن مضمون الحكومة القادمة و إظهارها للرأي العام الدولي و كأنها تمت بناءً على توافق و رضا جميع الأطراف المحلية.
اللجان الرقابية الثورية ستكون الضمان الرئيس و المواز الأقرب للحكومة و إن جاز التعبير ستكون ( حكومة ظل ) موازية و معارضة تستمد قوتها و روحها من الشارع و ورقة ضغط لتسيير الأعمال الحكومية والإدارية و تلعب الدور الرقابي و الإداري المكمل في حال فشل الحكومة وإخفاقها.
الوضع الأمني و السياسي العام يفرض على الجميع بلا إستثناء القبول بالحكومة - و إن كان على مضض- لتفويت الفرصة للإنزلاق في معمعة جدلية و ( فراغ سياسي ) و مماطلة و تسويف و فقدان ثقة قد تنعكس بشكل سلبي على الوضع و الإستقرار الهش والمتردي أصلا, بما يعني الشروع في بناء الدولة و تفعيل دور المؤسسات الحكومية التي أصابها الشلل و المضي قدما الى إعادة بناء الجيش و إعادة الروح الى الأجهزة الأمنية , و يعتبر فرصة ذهبية سانحة و إفساح المجال لأنصار الله للتراجع و لتحمل الدولة كافة مسؤولياتها القانونية و الدستورية و الإدارية خاصة ما يهم اللجان الشعبية و محاربة الإرهاب, وبما يعني تخلص أنصار الله من تبعات فشل الحكومة و تردي الأوضاع, و ان كان العمل الرقابي و الميداني سيجعل انصار الله كقوة ثالثة و فعالة في المشهد العام بما يحدث نوع من التوازن الإيجابي, ومع إدماج قواته في الجيش كما نصت اتفاقية مؤتمر الحوار , ستكون الطريقة الصحيحة على بناء الدولة وتدشين مرحلة جديدة من الإستقرار السياسي و الأمني.
خلاصة الخلاصة.. الحكومة المشكلة بماهي عليه من ( خلطة سياسية ) متلونة و مع وجود بعض التحفظات تعتبر الطريق الأمثل و الأنسب و المخرج الوحيد لتخطي عتبات المرحلة الإنقاذية و الوصول بالوطن الى بر الأمان, و تعتبر الباب الرئيس المؤدي إلى بناء الدولة و الإستقرار و لإدارة عجلة التنمية الاقتصادية والبشرية, و لتجنيب اليمن من الإنزلاق في معمعة المناكفات السياسية و ويلات الحروب و التدخلات الخارجيه و تمهد بشكل مباشر للإستمرار في تنفيذ اتفاقية السلم و الشراكة الوطنية و تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.