لا يخفى على أحد الفترة العصيبة التي نمر بها، والتي احدثت فراغا دستوريا كبيرا من خلال استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة خالد بحاح، فنحن خلال ال13 الماضية نعيش بدون رئيس أو حكومة، وهو أمر يتنافى تماما مع الطبيعة السوية التي تفترض وجود قائد يسوس الجميع، ويدبر أمورهم، لما فيه مصلحة الامة. لقد اقتبست عنوان مقالي من المؤتمر العلمي الذي تقيمه الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة على صاحبها واله وصحبه وسلم افضل الصلات وازكى التسليم.. فمن خلال ما نعيشه اليوم في اليمن نحتاج الى تحقيق الاجتماع وترك التحزب والافتراق ، وهو اليوم واجب شرعي ومطلب وطني، كون الامر يتعلق بمصلحة الامة، ولم يعد شأنا يخص كيانا او حزبا او شخصا بعينه.
اننا اليوم مدعوون الى إبراز مكانة الثوابت الشرعية وخطورة المساس بها، خاصة ما يتعلق منها بالوحدة ، وبيان أهمية الاجتماع وخطورة التفرق والتحزب التي خلّفت لنا الويلات، كونها خدمت مصلحة افراد، وتناست الصالح العام لليمن.
كذلك نحن في حاجة ماسة الى بيان خطورة الافتئات على ولي الأمر في الفتوى والحكم ، وإهانته وتقزيم دوره، مع ان ذلك لا يتعارض مع النص الشرعي له بالقيام بواجباته تجاه الرعية، من دون الدعوة للخروج عليه، وتأليب الشارع ضده، من اجل مكاسب محدودة، تكون العواقب الوخيمة من جرائها اكثر ضررا منها. كما اننا في حاجة الى تبيين أسباب الانحراف في مفهوم الجماعة والاجتماع، فكل جماعة ترى الحق في صفها، وتصف الاخريات بأنها على غير ذلك، وبهذا تفرقت كلمة اليمنيين، واصبح الصراع السياسي تحت مظلة الغطاء الديني هو سيد الموقف، وانحرفنا عن المسار الصحيح للعمل السوي القائم على مرضات الله ورسوله .
اننا بحاجة اليوم للتأكيد على تعزيز الوحدة الوطنية، فما نشاهده ان النعرات الطائفية والمناطقية والقروية والسلالية والفئوية اصبحت هي الحاضرة، وأصبح البحث عن تقسيم البلاد على تلك الاسس مطلبا لدى البعض، وهنا تكمن الخطورة كونها ستفتت المفتت وتجزئة المجزأ، ولن تقوم للشعب اليمني بعدها قائمة، وقد تناثرت اوصاله وتقطعت حبال الود فيه .
علينا ان نقتدي بالدول المجاورة لنا وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي اظهرت حسا وطنيا كبيرا في انتقال السلطة بين كل ملك واخر، وهي بذلك تفوت الفرصة على الدول التي تريد تفتيتها، وتعطي للغرب رسالة قوية بأن هناك دول عربية لم يستطع ربيعهم المصدر الينا ان ينخر فيها، بعدما هدم ذلك الربيع دولا عربية بأكملها، فشرد اهلها ونغص عيشها وخرّب بنيتها وشتت جيشها، وجعلها مكانا للحرب الأهلية، وهو مبتغى الغرب وعلى رأسهم العدو الصهيوني الذي لا يريد أي خير للعرب والمسلمين.
ولهذا علينا السعي الى لم شمل الامة، من خلال التعريف بالمفهوم الشرعي للاجتماع والتحذير من مخالفة الجماعة، وكذلك التحذير من الافتراق والتحزب وآثارهما السيئة، وإظهار دور مؤسسات الدولة في الحفاظ على الجماعة، الى جانب دور المؤسسات التعليمية والتربوية في الحفاظ عليها الجماعة (وزارة التربية والتعليم ، وزارة التعليم العالي) بالإضافة الى المؤسسات الثقافية والإعلامية والاجتماعية والخيرية، فمن خلال ذلك يمكننا تربية النشء وتوعية الشباب بأهمية وحدة الصف والاجتماع على كلمة سواء، انها كلمة الخير وحب الوطن.