سحبت دول عظمى بعثاتها الدبلوماسية من العاصمة اليمنيةصنعاء، من جراء تدهور الأوضاع الأمنية باليمن، في خطوة اعتبرها كثيرون منذرة بأيام سوداء ستشهدها اليمن قريباً. وبادرت حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى سحب بعثتها الدبلوماسية بالكامل مساء الأربعاء، وأغلقت السفارة، في خطوة بررتها الخارجية الأمريكية عبر المتحدثة باسمها جنيفر بساكي بعدم استقرار الوضع الأمني في اليمن. ونقل موقع (الخليج أونلاين) الإخباري عن مصادر سياسية قولها: إن طائرة خاصة أقلت عناصر السفارة الأمريكية متوجهة بهم إلى مسقط. وحذَت المملكة المتحدة حذو السلطات الأمريكية، إذ أعلن وزير شؤون الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية "توباياس إلوود"، تعليق أعمال السفارة البريطانية في صنعاء؛ نظراً لاستمرار "تدهور الأوضاع خلال الأيام الأخيرة في اليمن". ولم تتخذ فرنسا إجراءات مخالفة للدولتين السابقتين، بل أغلقت أبوابها، اليوم الأربعاء، لدواعٍ أمنية أيضاً، ودعت رعاياها لمغادرة اليمن في أسرع وقت ممكن، في حين اكتفت ألمانيا بدعوة رعاياها لمغادرة البلاد، ولم تغلق سفارتها بعد.
اختلال الوضع الأمني
المثير للاهتمام، أن سفارات الدول التي أغلقت أبوابها لم تبادر إلى فعل مماثل في أيام كانت العاصمة اليمنية تشهد حرباً بين ألوية من الجيش اليمني والحوثيين، قبل أن تدخل مليشيات الحوثي إلى صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي. ويرجع كثيرون هذا الأمر إلى وجود احتمال لحصول ما هو أسوأ مما حدث في ذلك اليوم، وتقديرات داخلية وخارجية تتحدث عن حرب أهلية وشيكة. إذ يقول المحلل السياسي عبد الله دوبلة: إن سحب البعثات الدبلوماسية يشي بأن لديها معلومات حول فشل العملية السياسية، وأن هناك تحذيرات من حرب أهلية في البلاد. وأكد دوبلة في أثناء حديثه ل"الخليج أونلاين" أن سحب سفراء بعثات دول عظمى يشكل قلقاً حقيقياً، فهذه الدول تمتلك استخبارات ومعلومات لا بد أنها أكدت أن البلاد تذهب إلى ما هو أسوأ. وأوضح دوبلة أن هناك "طبخة" تعد بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين، الذين تحالفوا حين دخول مليشيا الحوثيين لصنعاء، وحين سيطرت على المحافظات، وهذا التحالف قد بدأ في الظهور للعلن، والدول الخليجية كشفته. وحذر دوبلة من أن الحرب الأهلية قد تمتد إلى مأرب وتعز ومحافظات جنوبية، وقد تصل إلى صنعاء، وأن دخول الحوثيين فيها سيكون حتماً تحت غطاء دولي من روسيا وإيران، اللتين لم تحذوا حذو أمريكا في خطوة إغلاق السفارة.
الحوثي يطمئن
وجاءت هذه الخطوة بعد دعوات عبد الملك الحوثي المتكررة للدول الأجنبية للقيام بدور بناء في العملية السياسية اليمنية، وطمأنته المتكررة لها بأن جماعته لن تمسهم بسوء، إن لم يكونوا ضمن مشروع التآمر على اليمن، بحسب تعبيره. وذهب عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله، عبد الملك العجري، إلى تفسير خطوة إغلاق السفارات بأنها استجابة لضغوط دول إقليمية، إذ لا يمكن اعتبار المخاوف الأمنية مبرراً منطقياً، بحسب رأيه. ويشير العجري، في حديثه ل"الخليج أونلاين"، إلى أن جماعته استوضحت من بعثات تلك الدول عن أسباب إقدامها على تلك الخطوات، وحاولت بث تطمينات متكررة لهم، وعرضت أن تقدم الجماعة حماية خاصة لبعض أفراد تلك البعثات، لكن الهاجس الأمني ظل مخيماً على تعاطيها معهم. وبين العجري، أن الاتحاد الأوروبي أوضح لهم أن الخطوة الخاصة ببعثة الاتحاد مؤقتة إلى حين تشكيل بعض الهيئات، وعلى رأسها المجلس الرئاسي، وأكد أن جميع البعثات الدبلوماسية أكدت عدم تخليها عن دعم مسار العملية السياسية، وتأييد المفاوضات بين المكونات والقوى اليمنية. وقال العجري: إن هناك اتفاقاً وشيكاً بين المكونات المجتمعة على معظم نقاط الاختلاف، خاصة فيما يتعلق بالمجلس الرئاسي والحكومة الوطنية، وإن نقاط الاختلاف تقتصر على المجلس الوطني فقط، والذي قد يبت في شأنه هذه الليلة. ونفى العجري أن تكون جماعته قد "استولت" على سيارات تابعة للسفارة الأمريكية، موضحاً أن ما حدث هو تحفظ حرس المطار على السيارات، مخافة أن يقوم سائقوها بتهريبها أو تخبئتها في مكان مجهول، إلى حين تسلمها من قبل الضابط الأمني للسفارة الأمريكية وبحضور الأممالمتحدة. وكانت مصادر خاصة كشفت ل"الخليج أونلاين" أن ما لا يقل عن سبع سيارات مصفحة تابعة للسفارة الأمريكية احتجزت من قبل مسلحين حوثيين، الأربعاء، بعد نزول عناصر أمريكية منها في مطار صنعاء. وأنهى العجري حديثه بالقول: إن ما يشاع عن حرب أهلية وشيكة في اليمن، هي نظرة متشائمة وقراءة خاطئة للمستقبل، مؤكداً أن حدوث أمر مشابه هو احتمال مستبعد جداً. يذكر أن الحوثيين يواصلون فرضهم حصاراً على رئيس الجمهورية المستقيل عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح، وعدد آخر من الوزراء والدبلوماسيين اليمنيين، منذ سقوط قوات الحماية الرئاسية بأيديهم في العشرين من الشهر الماضي.