كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    تعليقا على ترند البنك المركزي: لماذا التصعيد؟!    "إنهم خطرون".. مسؤول أمريكي يكشف نقاط القوة لدى الحوثيين ومصير العمليات بالبحر الأحمر    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    ما نقاط القوة لدى كلا من البنك المركزي في عدن ومركزي صنعاء.. ما تأثير الصراع على أسعار السلع؟    صحفي يمني يفند ادعاءات الحوثيين بركوع أمريكا وبريطانيا    لماذا تصمت البنوك التي عاقبها البنك المركزي؟!    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    دوري ابطال اوروبا " ريال مدريد " يحقق لقبه الخامس عشر    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    أعظم 9 نهائيات في تاريخ دوري أبطال أوروبا    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    نجاة رئيس شعبة الاستخبارات بقيادة محور تعز من محاولة اغتيال جنوبي المحافظة    - بنك يمني لأكبر مجموعة تجارية في اليمن يؤكد مصيرية تحت حكم سلطة عدن    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    قرارات البنك المركزي الأخيرة ستجلب ملايين النازحين اليمنيين إلى الجنوب    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    هل يحتاج المرء إلى أكثر من عينين وأذنين؟؟    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الامتحانات.. وبوابة العبور    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضربة المصرية لداعش: فعل عسكري وقيمة سياسية
نشر في عدن الغد يوم 20 - 02 - 2015

يصف الخبراء الضربات الجوية التي قامت بها مصر على أهداف في مدينة درنة شرقي ليبيا بالعملية الهامة والجريئة من جانب القيادة المصرية، رغم تحفّظات البعض بخصوصها، ومخاوف البعض من ردّات الفعل الانتقامية التي يتوعّد بها تنظيم الدولة الإسلامية المصريين، في ليبيا وفي مصر. ولا خلاف في أن ذبح واحد وعشرين مواطنا مصريا على يد تنظيم داعش في ليبيا، ورد الفعل المصري، جلبا للقاهرة مكاسب إقليمية ودولية، خاصة على مستوى الوعود التي أطلقها الرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي بأن مصر ستكون حامية لأمن المنطقة وستكون في صدارة الجبهة المحاربة للفكرّ المتشدّد.
ضربة عبدالفتاح السيسي لتنظيم داعش في ليبيا بقوات الطيران الجوي المصري هي بالطبع ضربة عسكرية، لكن قيمتها الأساسية ليست عسكرية، لأن القصف الجوي من قبل النفاثات المقاتلة لا يؤثر كثيرا. وهو درس وعته القوات الأميركية جيدا في أفغانستان، ويعاد تذكّره اليوم في سوريا والعراق. فقد وقعت مئات الضربات الجوية ضد داعش من قبل التحالف الغربي على مدى أكثر من شهرين في البلدين، ولكن لم يحدث التأثير والتغيير سوى من قبل قوات البيشمركة الكردية لأنها تقاتل على الأرض. ومع ذلك فضربة السيسي لها قيمة هائلة، هي قيمة يمكن وصفها بالناعمة، أي ليست عسكرية ولا مادية، فهي قيمة سياسية ووطنية في الأساس، بها يحقق السيسي عدة أهداف استراتيجية هي:
◄ تعطي الضربة، حتى ولو كانت محدودة المدى والنتائج، مصداقية وترجمة فعلية هامة لشعار السيسي “مسافة السكة”، الذي كان يعني وقوف مصر درعا لحماية الخليج، وأن الجيش المصري سيلبي نداء واجب حماية الخليج بسرعة قطع قواته للمسافة الجغرافية بين المنطقتين، أي أنه لن يضيع أو وقت في التردد أو الدراسة أو التباحث أو المراوحة السياسية عندما يكون الأمر متعلقا بأمن الخليج. كان هذا هو المعنى بالغ الدلالة لتعبير بالغ الإيجاز “مسافة السكة”.
العملية ستعطي لتحرك مصر في المنطقة مصداقية لعقد تحالف فعال بين دول مواجهة الإرهاب بكل الطاقات العربية الحالية
وجاءت الضربة الجوية على مواقع داعش في ليبيا بعد ست ساعات فقط من وقوع جريمة ذبح المصريين، لتمنح تعبير السيسي وبشكل حاسم وفوري ترجمة فعلية واقعية لا لبس فيها، فدون ضربته السريعة الحاسمة دفاعا عن مصر والمصريين في ليبيا الملاصقة لمصر، لكان شعار الدفاع عن الخليج البعيد سيصبح مجرد كلام أجوف يفقد قائله كل مصداقية وفعالية، ولذلك كان حتميا أن يقوم السيسي بهذه الضربة وبهذا السرعة.
◄ تؤكد وتعزز الضربة قوة مصر وجيشها في أعين المصريين، وتقوي من التحام الشعب بجيشه في الجبهة الداخلية وهو هدف هام جدا خاصة ونحن نرى للأسف بعض الرومانسيين من الشباب، وبعض المغرضين في أوساط التيارات الظلامية مثل حزب مصر “القوية” لعبدالمنعم أبوالفتوح الذي هتف اتباعه في مؤتمر منذ أيام ضد “حكم العسكر”.
نرى هذا الاستهتار الخطر في وقت تنهار الدول حول مصر تباعا بعد انهيار جيوشها، لذلك تأتي الضربة الجوية لتقضي على أي احتمال لضربات معنوية قد تفكر فيها هذه الجماعات لتقسيم الجبهة الداخلية، وليظل الشعار الوطني الهام جدا هو “شعب وجيش يد واحدة”.

توازن المنطقة يفرض شراكة استراتيجية بين مصر ودول الخليج
المنامة – تربط بين دول الخليج ومصر علاقة خاصة، تختلف عن بقية العلاقات مع دول المنطقة الأخرى. ومصدر هذه الخصوصية أن مصر ودول مجلس التعاون الخليجي تشكّل مراكز قوى في المنطقة الإقليمية؛ وكانت لكل واحدة منهما أدوار محورية في تاريخ المنطقة وتشكيل توازناتها، سواء بشكل منفرد أو بشكل ثنائي.
وفي ظلّ التطورات الحاصلة اليوم، يشير معتزّ سلامة، رئيس وحدة الخليج العربيّ بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، في دراسة صدرت عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، إلى أن هناك أربعة عوامل أساسية ستتحدّد وفقا لها طبيعة علاقة مصر بدول مجلس التعاون الخليجي في الأمد القريب، وهي مستقبل المسألة الخليجية مع دولة قطر، ومستقبل مشروع الاتحاد الخليجي، ومستقبل علاقات دول الخليج بإيران في ظل التقارب الأميركي الإيراني، ومستقبل علاقات الولايات المتحدة بدول الخليج في ظلّ التحالف الجديد ضدّ الإرهاب.
وقام الباحث في هذه الدراسة، التي حملت عنوان “مستقبل العلاقات الاستراتيجيّة بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي”، باستشراف شكل العلاقات الخليجية – المصرية ومراحل تطورها بدءا من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2012، قبل تولي الرئيس مرسي الحكم بمصر والتي شهدت فيها العلاقات بعض الفتور بعد الإطاحة بالرئيس مبارك الذي تمكّن على مدى سنوات حكمه من تطوير علاقة خاصّة مع دول الخليج، والمرحلة الثانية وهي مرحلة حكم الإخوان، وخلالها أصبحت مصر إحدى قضايا الخلاف في العلاقات الخليجية، والمرحلة الثالثة بعد 30 يونيو وسقوط حكم الإخوان، والتي مثلت أقصى درجات التساند بين مصر ودول الخليج.
ورصدت الدراسة عددا من مؤشرات العلاقات المصرية – الخليجية في الفترة من 2011 لغاية 2014 ومدى التفاوت في مستوى هذه العلاقات منذ ثورة 25 يناير، وبينت الدراسة أن الموقف الخليجي من مصر منذ 25 يناير يمكن أن يستخلص منه دروس تفيد في بناء رؤى كليّة بشأن المستقبل المشترك، والاتجاه نحو تنشيط أبعاد التحالف الاستراتيجي بين الجانبين.

◄ تؤكد الضربة أن المصريين كلهم سواسية في المواطنة، فالضحايا الأقباط هم مصريون تحركت من أجلهم القوات المصرية. وزيارة السيسي لكاتدرائية الأقباط في نفس اليوم وبعد ساعات قليلة من التحرك العسكري تزيد من هذا التأكيد، فالضربة تعزّز مشاعر الوحدة الوطنية التي كان يمكن لها أن تتأثر سلبا لدى البعض دونها. واستهداف داعش الإرهابي للأقباط بهذا الشكل الجماعي والوحشي، كان هدفه الواضح هو إشعال فتنة طائفية في مصر يخرج فيها الأقباط عن الاصطفاف الوطني وينفضّون من حول السيسي في حال عدم قيامه بأي فعل بعد هذه الجريمة. ولكن هذه الجماعة الإرهابية لا تعرف الأقباط كما لا تعرف مصر، فلا يوجد على الأرض ما يدفع الأقباط إلى ترك الصف الوطني لأي سبب. في غياب ضربة السيسي ربما كان الأقباط سيشعرون بالمرارة، ولكنهم يدركون الضغوط الرهيبة الواقعة علي مصر وقيادتها الوطنية من أطراف عديدة، وما كانوا سيخرجون أبدا من ساحة المعركة المصيرية ضد أعداء مصر في كل الأحوال.
◄ تبين الضربة قدرة مصر على الحركة والضرب خارج حدودها دون خوف أو تردد فقد حدثت بعد ست ساعات فقط من الجريمة، في دليل على قوة مصر الجديدة وتصميمها على إعادة الاعتبار لنفسها ومكانتها بعد ضياع هذا على مدى أربعة وثلاثين عاما.
وستعطي العملية لتحرك مصر في المنطقة مصداقية لعقد تحالف فعال بين دول مواجهة الإرهاب بكل الطاقات العربية الحالية، وهو تحالف لا بد من قيامه حتى يمكن لما بقي من الدول العربية المتماسكة المحافظة على تماسكها في وجه هذه الهجمات المتلاحقة من قوى تبدو مجهولة وشريرة ومتوحشة، وأي تقاعس في هذا الاتجاه يضع هذه الدول في وضع استهداف خطر لا يمكن لأي منها النجاة منه منفردة. ومصر هي أكبر هذه الدول حجما وعمقا وخبرة، ولذلك فإن تواجدها القويّ عسكريا وسياسيا على رأس هذه الحرب القادمة لا محالة هو أمر ضروري بل حتمي. ومن هنا كان وقوف الخليج، باستثناء قطر، إلى جانب مصر، ووقوف مصر بجانب الخليج، هو اصطفاف مصيري جاءت ضربة السيسي الجوية لتمنحه بعدا عمليا وتجسيدا ضروريا.
◄ تعيد الضربة للمصريين ثقتهم في مكانة بلادهم كقوة إقليمية، أن رأوا بحسرة وغضب كيف كان الرئيس السابق محمد مرسي، أصغر من المنصب بكثير، وبشكل كان مهينا لمصر ومكانتها. جاءت الضربة العسكرية لتدل على استمرار السيسي في تأكيد رؤيته الوطنية لقيمة مصر ومكانتها، مما يعطي ترجمة فعلية لكلمته الأخيرة التي اشتهر بها قبل انتخابه، “مصر أم الدنيا وحتبقي قد الدنيا”.
◄ يحقّق السيسي بهذه الضربة وعده الضمني بأن تكون مصر رائدة المعركة الفكرية التي رآها ضرورية ضد فكر الإرهاب المتأسلم، وعزم مصر على استئصال يد هذا الفكر الإرهابي والإرهاب الفكري، وإعادة الاعتبار للرؤية الوسطية المصرية للإسلام بعد اختطافه من قبل داعش والقاعدة والإخوان قبلهما، على مدى ما يقرب من نصف قرن دون محاولة من أحد على مستوى المسؤولية في مصر أو أي بلد عربي التصدي لهذا الفكر، وهذا يعني أن مناداته بثورة دينية ليست مجرد طلب شفوي بلا فاعلية ولكنّ هناك أفعالا هو مستعد لاتخاذها لتحقيق كل ما يقول.

عمال مصريون عالقون على الحدود بين تونس وليبيا بعد فرارهم خوفا من انتقام داعش

القيمة الناعمة لهذه الضربة الجوية إذن -أي قيمتها السياسية والوطنية والقومية- هي أهم بكثير من قيمتها العسكرية المباشرة، وهي، في نظري، ترتفع بمصر – السيسي إلى مكانة تليق بمصر كانت غائبة عنها منذ عقود.
وفي نفس الوقت فهذه الضربة تعلن بداية الحرب الشاملة ضد كل جماعات الإرهاب، عسكريا وفكريا، فهي ليست معركة ضد الإخوان فقط ولكن كل الجماعات المنبثقة عنهم. ولذلك فمن المتوقع أن تفقد هذه الضربة بما حققته من هذه الأهداف الهامة صواب الإخوان وجماعاتهم وسيزيدون من أعمالهم الإرهابية التي تكشف خطورة وبدائية فكرهم المعادي للعصرية والمدنية والدولة الحديثة.
لقد أفقدت هذه الضربة الجوية المصرية ضد داعش ما تبقى من جماعة الإخوان داخل وخارج مصر وما تبقى من صوابها، فهذه أول مرة يضربهم فيها الجيش المصري خارج مصر، مؤكدا بذلك أنه سيطالهم في أي مكان لقطع أيديهم الإرهابية.
ولذلك فمن المتوقع تصاعد أعمال الإرهاب ضد مصر والمصريين بالداخل والخارج. وعلى المصريين أن يعرفوا ويتصرفوا على أساس أنهم قد دخلوا حربا حقيقية ضد قوى الإرهاب في المنطقة والعالم، وأنهم الآن هم الهدف الأول والجائزة الكبرى التي تطمع فيها جماعات الإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.