توصل التليسكوب الفضائي "هابل" إلى أدلة قاطعة تشير إلى أن هناك محيطا من المياه يقبع تحت الطبقة الجليدية التي تكسو سطح غانيمادس، أكبر أقمار المجموعة الشمسية. تأتي البيانات التي توافرت حديثا من عمليات الرصد التي يقوم بها التليسكوب الفضائي هابل الذي يدرس منذ فترة ظاهرة أضواء الشفق القطبي التي تتراقص حول قمر المشترى. ومن المتوقع أن يزيد وجود محيط تحت سطح القمر الأكبر على الإطلاق في المجموعة الشمسية الاهتمام البحثي بغانيمادس كأحد الأماكن التي يُحتمل صلاحيتها لحياة الإنسان. وتخطط وكالة الفضاء الأوروبية لإرسال المسبار "جويس" إلى مدار قمر غانيمادس في الثلاثينات من القرن الحالي. وكانت بعثة "غاليليو" التابعة لوكالة أبحاث الفضاء الأمريكية (ناسا) قد نجحت في الحصول على معلومات في العقد الأول من القرن الحالي رجحت أن القمر الذي يبلغ عرضه 5300 كيلو متر يحتوي على بحر تحت سطحه. لذا تأتي الاكتشافات الجديدة لهابل لتزيد من تأكيد احتمالية وجود مياه بشكل أو بآخر تحت سطح غانيمادس. تأثير الرطوبة يتميز غانيمادس عن باقي أقمار المجموعة الشمسية، إضافة إلى أنه أكبرها على الإطلاق، بأن لديه مجالا مغناطيسيا خاصا به. وتمكن هابل من رصد تحركات هذا المجال من خلال مراقبة طريقة جذبه وإثارته للأجرام السماوية، ما ينتج عنه أشعة فوق بنفسجية حول القطبين الشمالي والجنوبي لغانيمادس. ولكن هذا المجال المغناطيسي يتداخل مع المجال المغناطيسي للمشترى لتتأرجح صخرة الشفق القطبي جيئة وذهابا نتيجة للتفاعل بين المجالين. ومع وضع نموذج الاهتزاز الذي تنتج عنه الأشعة فوق البنفسجية جنبا إلى جنب مع ما توصل إليه هابل من ملاحظات، يمكن للعلماء الوصول إلى بعض الاستنتاجات التي تؤدي في النهاية إلى إمكانية وجود محيط من المياه المالحة تحت سطح القمر.
ويفسر العلماء استنتاجاتهم بأن المشترى يجذب مجالا مغناطيسيا ثانويا في المياه المالحة، وهو المجال الذي يحاول معادلة أثر الكوكب الكبير. إضافةً إلى ذلك، دلل الباحثون على وجود محيط تحت سطح غانيمادس بأن قوة اهتزاز صخور الشفق القطبي سجلت درجتين فقط في حين يُفترض أن تسجل ست درجات حال استبعاد وجود محيط من المياه المالحة تحت السطح. تفاعل مغناطيسي وقال غوشام سور، الأستاذ بجامعة كولون في ألمانيا، إن "المحيط لا يمكن أن يكون أعمق من 330 كيلو مترا، وإذا ثبت أنه يتجاوز هذا العمق، فلا تتوافر في الوقت الحالي أي بيانات يمكنها تفسير ذلك." وأضاف أن "البيانات تشير إلى محيط بعرض 100 كيلو متر مع محتوى ملحي يصل تركيزه إلى خمسة غرامات من الملح لكل لتر من المياه. ولكن من المحتمل أن يكون المحيط بعرض عشرة كيلو مترات فقط، إلا أن تركيز الملوحة سيكون عشرة أضعاف المشار إليه أعلاه." وتحظى فكرة وجود محيط تحت سطح القمر غانيمادس باهتمام بالغ لأن وجود مياه في أي مكان يعني إمكانية وجود حياة. ومع أن الحياة تستلزم أيضا مصادر للطاقة ووجود بعض المكونات الكيماوية المعقدة ومشتقات الكربون، لكن على أية حال، أصبح المحيط المتوقع وجوده تحت سطح القمر هو الهدف الرئيس لمهمة المسبار الآلي جويس الذي من المقرر أن تطلقه وكالة الفضاء الأوروبية عام 2030 إلى غانيمادس بتكلفة مليار جنيه إسترليني. ويُزود المسبار بأداة حساسة لقياس القدرة المغناطيسية على القمر غانيمادس لدراسة المجال المغناطيسي لغانيمادس وتوفير المزيد من التفاصيل بالإضافة إلى تزويده برادار يرصد ما تحت السطح الجليدي للقمر. ولكن من الممكن أن توفر معدات أخرى قدرا إضافيا من البيانات التي تعطي صورة أكثر وضوحا مثل أدوات قياس الجاذبية. المجموعة الشمسية الرطبة تقول هايدي هامل، المسؤولة باتحاد الجامعات لأبحاث الفلك بواشنطن، إن "المعلومات التي يوفرها التليسكوب هابل تُعد الدليل الأكثر تأكيدا على وجود محيط تحت سطح غانيمادس." وأضافت أنه رغم أن المسبار غاليليو كان قد رجح بقوة وجود مياه تحت سطح هذا القمر، لا زال هناك المزيد من البيانات الخاصة بالقوة المغناطيسية للقمر التي من الممكن أن تفسر وجود تلك المياه. وأكدت أيضا أن هناك بعض الغموض فيما يتعلق بالاستمرار في استخدام صفة "المزعوم" عن الحديث عن المحيط القابع تحت سطح غانيمادس مشيرة إلى أن البيانات الأخيرة التي وفرها هابل تزيل أي غموض عن وجود ذلك المحيط وتدخله إلى دائرة الحقائق الثابتة. ويُعد غانيمادس واحدا فقط من قائمة طويلة من الأقمار التي تحتوي عليها المجموعة الشمسية، والتي يُعتقد أنها تخفي تحت سطحها محيطات عميقة. وتتضمن القائمة الكواكب القزمة مثل بلوتو وسيريس إضافة إلى الأقمار الصغيرة لكوكب المشترى، وهي يوروبا وكاليستو، وأقمار كوكب زحل، وهي إنسيليداس وتيتان وميماس بالإضافة إلى قمر كوكب نيبتون تريتون.