الإعلام المطلوب وقت الحروب والمعارك هو الإعلام العسكري ، والسياسة الإعلامية المطلوبة هي سياسة إعلامية عسكرية ، وهذا ماينبغي على المقاومة في اليمن أن تجعل كل المصادر الإعلامية التي تتبعها تستسقي معلوماتها من مصدر الإعلام العسكري للمقاومة ، كما ينبغي على المقاومة أن توجه كل المواقع الإعلامية والمصادر من خلال سياسة إعلامية عسكرية مرسومة لتوجيه تلك المواقع المدنية بإستمرار وديمومة مع التقييم المستمر للعمل الإعلامي على الواقع وصوابية المسار ومدى الإلتزام بتلك السياسة المرسومة . من ينظر إلى واقع الإعلام التابع للمقاومة سيجد هناك تقصير وعشوائية وتناقض وتضاد وغباء ومزاجية ، وذلك ناتج عن عدم وجود السياسة الإعلامية الموحدة التي توجه كل المصادر الإعلامية التابعة للمقاومة ، وهذا ماولد نتائج سلبية وآثار عكسية أثرت على المقاومة وخدمت العدو في أكثر المجالات .
نعم هناك إعلام للمقاومة متمثل بالعديد من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، ولكن ذلك الإعلام غير موحد، فوجود الإعلام يحتاج إلى السياسة الإعلامية باعتبارها الكفيل والضامن الذي يؤدي إلى الإستثمار الصحيح للإعلام وتحقيق النتائج الإيجابية المرجوة التي تصب في خدمة المقاومة في الميدان ، فالمقاومة اليوم لا تريد نصراً إعلامياً يؤثر على نصر المقاومة ميدانياً ، ولكن تريد إعلاماً يساهم في تحقيق النصر في الميدان وعلى ضوئه يتم تحقيق النصر الإعلامي الحقيقي .
المعركة ليست معركة إعلامية فقط ولكنها معركة ميدانية ، والحرب ليست حرباً سياسية فقط ولكنها حرباً عسكرية ، وهنا يتطلب إن يكون هناك إعلاماً بالسياسة العسكرية وليس بالسياسة المدنية ، ويفترض أن يكون سياسة إعلامية تنبع من الميدان وليس من خلف شاشات أجهزة الكمبيوتر ، فإعلام المقاومة يحتاج إلى خطط عقليات تنظر إلى تحقيق النصر في المعركة وتوجه ذلك الإعلام بطريقة منظمة وصائبة وصحيحة .
من خلال المقارنة بين إعلام المقاومة وإعلام الإنقلاب سنجد أن الإعلام الواقف مع الإنقلاب الحوثي يعتبر قوياً رغم قلة قنواته وحجبها من الأقمار الصناعية ورغم قلة مواقعه الإلكترونية ، فعندما تشاهد قناة اليمن اليوم كأنك تشاهد قناة المسيرة ، وعندما تشاهد منشورات المؤتمريون التابعون لصالح في مواقع التواصل الإجتماعي كأنك تشاهد منشورات الحوثيون التابعون للسيد عبدالملك الحوثي، والسبب هو وجود سياسة إعلامية موحدة وحدت الوسائل الإعلامية الواقفة مع الإنقلاب فوحدت الحوثيون والمتحوثون ..... ولكن عندما تنظر إلى إعلام المقاومة تدرك حجم الإختلاف الذي يدل على وجود تيارات داخل المقاومة وكل تيار لديه سياسة إعلامية خاصة بالتيار الخاص به وليس بالمقاومة بشكل عام .
وحدة السياسة الإعلامية التابعة للإنقلاب الحوثي استطاعت أن توحد الإنقلابيون وتغرس مفهوم وحدة الصف وأظهرت صورة موحدة من خلال تصوير الدفاع عن الوطن ضد العدوان الخارجي .... ولكن عدم وجود السياسة الإعلامية الموحدة للمقاومة أظهرت المقاومة بأنها غير موحدة ومن خلال إعلامها يتضح أن هناك مقاومة جنوبية ومقاومة اشتراكية ومقاومة إصلاحية ومقاومة سلفية ومقاومة قبلية .
الإعلام سلاح ذو حدين يجب التركيز على ذلك جيداً، وإعلام المقاومة قد خدم العدو في مجالات عديدة تتمثل في الحصول على المعلومة بطريقة سهله من خلال تلك المواقع الإعلامية التابعة المقاومة التي تستقي معلوماتها من مصادر ميدانية متعددة ومختلفة ، بدون أن توجد هناك ضوابط تخدد إستقاء تلك المعلومات وطريقة الإدلاء بها بالرفض أو السماح ، فالحوثيون لم يركزوا كثيراً عن تصريحات أحمد عسيري الناطق بإسم دول التحالف ، ولم يركزوا على تصريحات الناطق الرسمي بإسم الحكومة اليمنية ، ولكنهم يركزوا على تلك التصريحات التي ينشرها ناشطون إعلاميون يتبعون المقاومة وتلك التصريحات يحصلون عليها من أي شخصية في الميدان تقف مع المقاومة ، وهذا ماجعل الحوثي يحصل على كل المعلومات بدون الحاجة إلى عناصر إستخباراتية.
لإفتقاده إلى سياسة إعلامية موحدة فقد أوجد إعلام المقاومة شحناء بين قيادات المقاومة في الميدان وسبب تلك الشحناء هو أن كل تيار يسعى إلى إبراز وترميق وإظهار القيادات التابعة له ، وهذا ما أثر على سير التقدم في الميدان ووحدة المفهوم من خلال إستشعار أن المعركة هي معركة سباق على الظهور وإنفراد بالمنجز واستيلاء على الجهود ، وايضاً هذا ماولد يأس عند الكثير من خلال إعتقادها أن العمل في مصلحة شخصيات وليس في مصلحة عامة فتوجه نظرتها إلى بعضها وتجاهلت العدو الحقيقي الذي يواجه الجميع في الميدان .
الإعلام التابع للمقاومة يفتقد الردود السريعة على شائعات إعلام الإنقلاب الحوثي ومن أمثلة ذلك عندما تم تحرير عدن صور الإعلام الحوثي سقوط عدن بيد تنظيم القاعدة وسيطرة القاعدة على عدن واستمر يروج في تلك الشائعات ولم نرى رد عليها إلا بعد مرور أكثر من شهر من خلال ظهور تصريح للحكومة يقول بأن ليس هناك تواجد لتنظيم القاعدة في عدن .
أيضاً عدم وجود هيئات ومؤسسات ومراكز إعلامية تبع المقاومة تحتوي جميع الإعلاميون بمختلف مكوناتهم ، وهذا ماجعل الأمور تسير بعشوائية وفق قرارات إنفرادية وتصورات ذاتية ، وذلك ناتج عن افتقاد المقاومة لخطط إعلامية شاملة وواسعة وواقعية ، وأحتواء الجميع للإستفادة من الكل وتوجيه الكل لينجح الجميع . فغياب الأحتواء والتواصز والتوجيه ولد نتائج إعلامية سلبية تؤثر على المقاومة من التأثير على النظرة العامة لعيون الشارع الذي لم يحصل على إستقرار رؤية يستخلصها من ذلك الإعلام الذي يشعره غالباً أنه يعبر عن أفراد ولا يعبر عن مقاومة.
نعم يوجد هناك إعلام للمقاومة ، ولكن يوجد حاجز أو فاصل بين قيادة المقاومة وإعلامها، والمطلوب هو رسم سياسة إعلامية موحدة تحدد مصدر الحصول على المعلومة وتحدد وقت الإدلاء بتلك المعلومة ومتى يكون الوقت المناسب وغير المناسب لذلك الإدلاء ... فليس كل مايحدث في الميدان يقال ومن حق المقاومة أن تمنع القنوات الفضائية في بعض الأوقات وتسمح لها في أوقات أخرى ، فمرحلة الحروب لاتستدعي فتح المجال لكافة الحريات .
السياسة الإعلامية التي يجب على إعلام المقاومة الإلتزام بها ، هي سياسة صادرة من ذو خبرات عسكرية وتلك السياسة يجب أن تركز على رفع المعنويات لدى رجال المقاومة في الميدان وتركز أيضاً على خداع العدو ... فالحرب خداع وليس الحرب صراحة ومصداقية ونشر كل المعلومات على وسائل الإعلام.
الحرب الإعلامية مطلوبة ولكنها في الحروب تحتاج إلى سياسة عسكرية