شوارع العاصمة صنعاء تثير الرعب بين المواطنين بعد تغطيتها بالدماء (شاهد)    الحوثي..طعنة في خاصرة الجوار !!    الانتصار للقضايا العادلة لم يكن من خيارات المؤتمر الشعبي والمنافقين برئاسة "رشاد العليمي"    (تَحَدٍّ صارخ للقائلين بالنسخ في القرآن)    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول تحتفل اليوم بأول أيام عيد الأضحى    إصابة مسؤول محلي في تعز إثر هجوم حوثي بالتزامن مع إصابة قائد عسكري كبير    رئيس الوفد الحكومي: لن نذهب إلى أي مفاوضات قبل الكشف عن المناضل محمد قحطان    الكشف عن طرق جديدة لتهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين في اليمن.. وصحيفة تفجر مفاجأة بشأن قطع غيار الطائرات المسيرة: ليست من إيران    ضيوف الرحمن يستقرون في "منى" في أول أيام التشريق لرمي الجمرات    مارادونا وبيليه.. أساطير محذوفة من تاريخ كوبا أمريكا    بقيادة نيمار.. تشكيلة المستبعدين عن كوبا أمريكا 2024    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الرابعة)    بعد 574 يوما.. رونالدو في مهمة رد الاعتبار ونزع الأسلحة السامة    عيدروس الزبيدي يوجه تهديدًا ناريًا لرئيس الوزراء ''أحمد بن مبارك'' بعد فتح ''الملف الحساس'' الذي يهدد مصالح ''أبوظبي'' (وثائق)    للعيد وقفة الشوق!!    محلل سياسي: أين القانون من الفاسدين الذين نهبوا المساعدات وموارد البلد؟    حرارة عدن اللافحة.. وحكاية الاهتمام بالمتنفسات و "بستان الكمسري بيننا يشهد".    ياسين نعمان و الاشتراكي حوّلو الجنوب من وطن ند لليمن الى شطر تابع لليمن    لاتسأل ماهو البديل عن المجلس الإنتقالي.. البديل عن الإنتقالي هو الإنتقالي نفسه    ظاهرة تتكرر كل عام، نازحو اليمن يغادرون عدن إلى مناطقهم    أفضل وقت لنحر الأضحية والضوابط الشرعية في الذبح    إنجلترا تبدأ يورو 2024 بفوز على صربيا بفضل والدنمارك تتعادل مع سلوفينيا    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    نجل القاضي قطران: مضبوطات والدي لم تسلم بما فيها تلفوناته    فتح طريق مفرق شرعب ضرورة ملحة    تن هاغ يسخر من توخيل    يورو 2024: بيلينغهام يقود انكلترا لاقتناص الفوز امام صربيا    مع اول أيام عيد الأضحى ..السعودية ترسم الابتسامة على وجوه اليمنيين    هولندا تقلب الطاولة على بولندا وتخطف فوزًا صعبًا في يورو 2024    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    كارثة في إب..شاهد :الحوثيون يحاولون تغيير تكبيرات العيد !    في يوم عرفة..مسلح حوثي يقتل صهره بمدينة ذمار    الحوثيون يمنعون توزيع الأضاحي مباشرة على الفقراء والمساكين    "لما تولد تجي"...الحوثيون يحتجزون رجلا بدلا عن زوجته الحامل ويطالبون بسجنها بعد الوضع    خطباء مصليات العيد في العاصمة عدن يدعون لمساندة حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الثالثة)    حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى منى لرمي الجمرات    فرحة العيد مسروقة من الجنوبيين    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    شهداء وجرحى في غزة والاحتلال يتكبد خسارة فادحة برفح ويقتحم ساحات الأقصى    بعد استهداف سفينتين.. حادث غامض جنوب المخا    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    وصلت لأسعار خيالية..ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأضاحي يثير قلق المواطنين في تعز    يورو2024 : ايطاليا تتخطى البانيا بصعوبة    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة عابرة للبيان السياسي الخاص بالذكرى ال 52 لثورة 14 أكتوبر المجيدة
نشر في عدن الغد يوم 19 - 10 - 2015

إن البيان السياسي الذي يُقدّم إلى فعالية شعبية ما ليس فكرة تعبر عن وجهة نظر شخص أو قائد سياسي بل يمثل رؤية سياسية جمعية تعبر عن رأي المكونات السياسية المشاركة بذلك البيان بحيث يكون صاحب البيان هو المُخاطِب (المكونات السياسية) في حين يكون المُخاطّب هو الشعب الجنوبي بشكل عام المشارك وغير المشارك في الفعالية فضلا عن الجهات الإقليمية والدولية ذات العلاقة بجوهر القضية التي يتحدث عنها البيان.
لقد شهدت الفعاليات الوطنية للحراك الجنوبي في الفترة من ولادته في عام 2007 وحتى الحرب العدوانية اليمنية الثانية في مارس 2015م تضارب في البيانات, وهذا يعكس الاختلاف الواضح في الإستراتيجية والتكتيك التي تتبعها تلك المكونات في نشاطها الثوري . ويأتي الاحتفال بالذكرى ال 52 لثورة 14 أكتوبر بعد الانتصار الذي حققته المقاومة الجنوبية بمساعدة التحالف العربي في ضل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها المواطن وترهيب متعمد من قبل سلطات الاحتلال فضلا عن أصوات بعض من النخب الجنوبية التي تعارض قيام الفعالية لتحقيق مكاسب ضيقة خاصة بها , وبالتالي كان يتوقع البعض بان تكون الفعالية باهتة إن لم تكن فاشلة لكن إرادة الشعب وإيمانه بقضيته واحترامه لتاريخه وثورته وهويته حال دون ذلك وأبت الجماهير إلا أن تحيي هذه الذكرى بالمستوى الذي يليق بتضحيات شهدائها وشهداء الحراك السلمي والمقاومة الجنوبية , حيث توافدت الجماهير إلى ساحة العروض في خور مكسر من طول وعرض الجنوب بما فيها حضرموت والمهرة كتجسيد حقيقي لرفض تقسيم الجنوب ولوحدة شعبه حول مطلبه المشروع في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة. وكان يتوقع من اللجنة التحضيرية للمهرجان بمعية المكونات السياسية أن تشرّف الجماهير ببيان سياسي موحد يعكس رغبة الجماهير التي شدة الرحال من كل مدينة وقرية في الجنوب إلى عدن ولكنها أطلت علينا ببيانين سياسيين مختلفين ,الأول تم قراءته في المنصة من قبل رئيس اللجنة التحضيرية والثاني تم نشره عبر الشبكة العنكبوتية بعد قراءة البيان الأول مباشرة بسم مكونات الثورة الجنوبية التحررية. ونحن في هذا المقال نحب إن نسلط الضوء على البيانين لقراءة وجهتي النظر المختلفة في محتواهما ليس بهدف التشهير وخلق الفرقة ولكن بهدف التفكير بإيجاد حلول وتدابير ومقترحات تجنب المكونات عملية التضارب في البيانات في الفعاليات القادمة . الجميع يدرك إن البيان السياسي ينطلق من المبادئ والأهداف المحددة في البرنامج السياسي لهذا المكون أو ذاك , وبالتالي من الطبيعي حدوث الاختلاف حول البيان بين المكونات الثورية ذات البرامج المختلفة , فإذا أرادت تلك المكونات إن تظهر بالمظهر السليم والقوي والواعي لإيصال رسالة قوية للداخل والخارج تؤكد توحدها ومقدرتها ليس على تحرير الجنوب من الاحتلال فحسب بل وإدارته وتنميته بعد التحرير يجب عليها التنازل عن بعض الجزيئات وصياغة بيان سياسي واحد, ولا يشترط إن يكون التنازل بين المكونات ذاتها ولصالحها وفرض أرادة بعضها على بعض أو إقصاء بعضها البعض أو لأجل إرضاء بعض النُخب أو الأفراد , بل يكون التنازل ملبيا للمطالب الجمعية للشعب.
أولا : البيان الأول الذي تم قراءته في المنصة بسم اللجنة التحضيرية :
هذا البيان ليس سيئا بل كان عميقا في بعض الجزئيات التي تطرق لها , على سبيل المثال إبراز ضرر نقل الصراع إلى عدن , ولكنه لم يرتقي إلى مستوى المرحلة التي يعيشها الشعب ولم يلبي متطلباتها ولم يلامس مفردات الواقع الجنوبي الحالي , ولذلك فهو يتضمن عدد من المحاسن والمساوئ نشير إلى أهمها :
1- المحاسن:
أ‌- عدم اعتراف البيان بشرعية الاحتلال اليمني في الجنوب والمتمثلة بشرعية الرئيس هادي
ب‌- عدم الاعتراف بقرار سلطات الاحتلال اليمني بجعل عدن عاصمة لدولة الاحتلال وما يترتب عليه من ممارسة حكومة الاحتلال لمهامها في عدن .
ت‌- التاكيد على الدور التكاملي بين المقاومة الجنوبية ودول التحالف العربي في تحقيق النصر العسكري في الجنوب وتذكير التحالف بمخرجات اجتماع ابها بعدم جواز فرض الوحدة بالقوة في شهر يوليو 1994م.
2- المساوئ:
أ‌- المطالبة بالتفاوض الندي بين الشمال والجنوب لتحقيق الاستقلال وحتى وان كان هذا المطلب واقعيا ويمكن التعامل به في حالة فرضه دوليا ولكنه يفضل إن لا يذكر في البيان لأنه قد فات أوانه كمطلب وذكره بعد الحرب والتضحيات سوف يولد إحباط للمقاومة الجنوبية فضلا عن الجماهير.
ب‌- الإشارة إلى العودة إلى النضال السلمي بعد كلما حدث من حرب وقتل وتدمير سوف يُفهم منه في لغة السياسة العودة إلى الوراء والرجوع إلى نقطة الصفر, وكان ينبغي ممارسة العمل السلمي لكن دون الإعلان أو الإقرار بذلك في بيان سياسي , وكان البديل الأنسب لذلك هو نقل الثورة من الأزقة والشوارع إلى مرافق الدولة لتطهيرها من الفاسدين بما يقنع الجماهير من إن الثورة تتقدم وتطوّر أشكال نضالها.
ت‌- في الوقت الذي يعترف البيان بعدم شرعية الرئيس هادي كممثل لدولة الاحتلال في الجنوب ولكنه لم يقدم إي شرعية مقابلة في الجنوب , وهذا سوف يظهر للعالم إن الجنوبيين مختلفين ولا يستندون إلى أي شرعية ولا يجمعون على رئيس وبالتالي فهم غير قادرين على إدارة بلدهم حتى وان حررهم ودعمهم التحالف.
ث‌- إن تجاهل البيان للشرعية القانونية و الشعبية للرئيس علي سالم البيض الواقف بصدق وثبات إلى جانب شعبه في الجنوب منذ إعلانه قرار فك الارتباط في تاريخ 21\5\1994م حتى هذه اللحظة كان آخرها إدانته الواضحة للحرب الأخيرة ومشعليها وتأييده للمقاومة الجنوبية وللتحالف العربي يعد تجني على الحقيقة الموضوعية, وهذا لن يضر البيض أو أنصاره بل يضر بقضية شعب الجنوب , فتركيز نظام الاحتلال على استهداف البيض ليس استهداف لشخص البيض بل استهداف رأس الثورة الجنوبية والقضاء عليها. كما إن تجاهل الجماهير التي شدت الرحال من حضرموت والمهرة إلى عدن رافعة صور الرئيس البيض وتجاهل الجماهير التي احتشدت في ساحة العروض من المحافظات القريبة ورفعت صور الرئيس ورددت الهتافات يا علي سالم سير سير نحن جيشك للتحرير يعد إساءة بحقها ويكشف عن التناقض الكبير في بيان اللجنة التحضيرية الذي يدعي التزامه للإرادة الشعبية.
ج‌- البيان لم يلامس مفردات الواقع الجنوبي الحالي التي أفرزته الحرب بمراراته وآلامه والتآمر الذي يحاك ضده ووضع الجماهير في صورة منه , فهناك مؤامرات تحاك لإنزال وتقطيع العلم الجنوبي وهناك محاولات لتفتيت المقاومة الجنوبية واحتوائها فضلا عن إهمال الجرحى وقطع الخدمات جميعها على الناس بما فيها الرواتب والاغتيالات والتمسك بالفاسدين وإبقائهم على مناصبهم في أجهزة الدولة كل ذلك لم يتطرق له البيان فضلا عن عدم إعطائه الحيز الكافي للمقاومة الجنوبية وتجاهل دورها لاسيما في حماية المهرجان.
ح‌- البيان ركز على مقدمة تاريخية للحراك لا داعي لها ولم يعطها حقها فمثلا يتطرق إلى النضال السلمي من 2007 في حين يتجاهل النضال المسلح لحركة حتم قبل هذا التاريخ , ويصف وحدة 90 بالمشئومة في حين يتجاهل الإشارة إلى قرار فك الارتباط في عام 1994ذلك القرار الهام والمستمسك القانوني بإلغاء شرعية إعلان الوحدة الفاشلة.
ثانيا : البيان الثاني الذي تم نشره عبر الشبكة العنكبوتية بسم مكونات الثورة الجنوبية التحررية :
هذا البيان تضمن قضايا تفصيلية وضعت المكونات وجماهير الشعب أمام حقائق الأمور وفيه كثير من المحاسن الذي لم يتطرق لها البيان الأول , ومع ذلك هناك جزيئات أشار لها البيان إشارات ضمنية فقط مثلا في البيان الأول تم الرفض بشكل واضح نقل العاصمة اليمنية إلى عدن في حين هذا البيان اكتفى بإشارة ضمنية إن عدن هي العاصمة السياسية للجنوب. كما إن هذا البيان لم يجهر برفض شرعية الرئيس عبد ربه بشكل مباشر ولكنه ناشد التحالف بتمكين المقاومة الجنوبية من إدارة المناطق المحررة في الجنوب كدلالة على رفض شرعية هادي علاوة على تحديده إن علي سالم البيض هو الممثل الشرعي لشعب الجنوب . كما ركز على دور التحالف العربي لحل القضايا الآنية والملحة وأتباع السياسة الحكيمة معه كونه الأداة المناسبة والفعالة القادرة على مساعدة الجنوبيين لاسترجاع دولتهم. ويوحي البيان انه صادر عن مكونات الثورة التحررية بما فيها مكونات الحراك السلمية والمقاومة الجنوبية.
وللمقارنة بين البيانين نستطيع استنتاج طبيعة الخلاف القائم في إطار المكونات والنخب السياسية على النحو التالي:
1- البيان الثاني الذي نشر عبر الشبكة العنكبوتية يعبر عن وجهة نظر مكونات الثورة ومناصريها من الجماهير الشعبية التي تعترف بشرعية الرئيس علي سالم البيض, والتي تعد متفقة بالإستراتيجية والتكتيك ولكنها غير مجمعة على قائد يقودها في الداخل.
2- البيان الأول الذي تم قراءته في المنصة يعبر عن وجهة نظر اللجنة التحضيرية وبعض المكونات والنخب السياسية التي لم تسمي أي شرعية لها في الجنوب علاوة على كونها غير متفقة برنامجيا وغير مجمعة على قائد يقودها في الداخل.
وبالرغم من وجود الخلاف بين الفريقين بغض النظر عن نسبة القوة والضعف لهذا الفريق أو ذاك إلا إن عملية الخروج ببيان واحد كانت ممكنه جدا وسهله للغاية بوجود البيانين معا في طاولة اللجنة التحضيرية وأنا كمراقب لو كنت مسئول عن إعداد البيان لجمعت بين البيانين لكونهما متكاملين وليس متعارضين, ولا اعتبرت البيان الثاني (بيان المكونات الثورية )هو الأساسي والبيان الأول (بيان اللجنة التحضيرية ) هو التكميلي وبالتالي سوف أضيف محاسن البيان الأول إلى الثاني وسوف يصير بيان ممتاز يغطي كل القضايا الملحة ويعزز الثقة بين المكونات . ولكن للأسف ما يدور في إطار الحلقات القيادية للحراك هو غياب العقل ومحاولة الإقصاء والتهميش للآخر فلم يتم النظرعادتا إلى مضمون البيان بل إلى صاحب البيان بسبب المماحكات السياسية التي تأخذ أبعاد ذاتية وأنانية , فاستمرار مثل هذا السلوك دون تدخل العقلاء من المكونات لإيقاف هذا العبث سوف يصيب الثورة في مقتل. قد يسأل ساءل لماذا كل هذا الإسهاب على جزئية محددة كمشكلة البيان ؟ فالجواب هو ضرورة التقييم المستمر للبيانات سلبا وإيجابا من قبل المراقبين والناقدين وجماهير الشعب لحل كل المشكلات وتسديد كل الثغرات وعمل تغذية تبادلية بجعل المكونات السياسية تتعلم من جماهيرها وكوادر وطنها والعكس بالعكس حتى تخرج البيانات السياسية موحدة ومزودة بآراء النخبة وتحمل بصمات العقل الجمعي الجنوبي الذي يقود بالتأكيد إلى بناء الحامل السياسي الجنوبي القوي والموحد والذي قد يأخذ شكل الجبهة الوطنية العريضة .
أسباب تضارب البيانات:
1- إن سبب كل ذلك غياب العمل المؤسسي للمكونات فضلا عن ضعف بنيتها التنظيمية نتيجة لتخلف المكونات عن الحركة الشعبية التي ظهرت عفوية غي بدايتها, إذ إنها لم تأت من مفكر أو تنظيم أو خطة مرسومة مسبقا, وهذه العفوية عكست نفسها على المقاومة الجنوبية التي ولدت من رحم الحراك الجنوبي.
2-أن الخلاف مركب من خلافات برنامجية وخلافات ذاتية سواء بين المكونات أو بداخلها, فليس كل من ينتمي إلى مكون يعني مقتنع ببرنامجه بل يظهر البعض موافقته عليه من الناحية التكتيكية في حين تجد له قناعات أخرى, ولذا تجد قيادات المكونات في واد وقواعدها في واد آخر , والشواهد كثيرة.
3- إن التجربة السابقة في الحوار الجنوبي والتوحيد كشفت لنا صعوبات ليس في الاتفاق على مستوى حامل سياسي واحد وقائد واحد يقود الثورة في الداخل فحسب بل حتى على مستوى التكتلات الجبهوية , فإذا ما نجحت في الاتفاق على الفكرة ما تلبث إن تفشل في الاتفاق على القيادة . ويرجع بعض من أسباب هذه الصعوبات إلى المؤامرات الكبيرة التي يحيكها نظام الاحتلال اليمني إلى جانب القوى الإقليمية والدولية, والتي تهدف جميعها إلى إجهاض الثورة الجنوبية بشكل واضح وصريح.
4- عدم المصداقية والثبات في المواقف السياسية لدى بعض النخب السياسية والميدانية في الداخل والخارج فتراهم لا يلتزمون بأي ثوابت, ينكثون بالعهود والمواثيق, يقولون شيء ويفعلون شيء آخر, يستخدمون تكتيكات في ظاهرها تخدم مصلحة الثورة وفي باطنها تخدم مصالحهم الشخصية , فعلى سبيل المثال ترى بعض القيادات تدعي التحرير والاستقلال ولكنها تتعاطى مع شرعية الرئيس هادي علنا أو سرا للحفاظ على مصالحها.
5- التنقل من مكون إلى آخر واستنساخ مكونات جديدة وترى البعض يتحدث عن الاحتلال والثورة ولكنه يعمل على إيقاف عجلة الثورة وإبقائها تراوح في مكانها, و ترى البعض لا يلتزم بالتنظيم والعمل المؤسسي, ولا يعمل بمبدئي الثواب والعقاب والرقابة والمحاسبة , بل يريدوا تفصيل الأمور على مقاساتهم وبما يحلو لهم.
كل الأسباب أنفة الذكر حالت دون بناء الحامل السياسي القوي والمنشود الذي ينتج عنه البيان السياسي الواحد الموحد الذي يثبت للعالم وحدة الجماهير حول الهدف والوسيلة والقيادة, ولكننا لا نيأس بل نحاول اتخاذ كل السبل الممكنة للحصول على الحد الأدنى من التوحد, ابتداء بمحاولة توحيد البيان السياسي في الفعاليات الوطنية.
تنظيم عملية إعداد البيان السياسي:
يقترح الكاتب التزام المكونات بآلية محددة ومزمنة لإعداد البيانات يتم الاتفاق عليها مسبقا تضمن استيعاب أراء المكونات السياسية في بيان موحد, وتتمثل هذه الآلية في الآتي:
1- البيان هو مسئولية المكونات السياسية المؤمنة بهدف التحرير والاستقلال
2- ينبغي على تلك المكونات التوافق على شخص ذو كفاءة وخبرة سياسية وثقافية ونزاهة وإخلاص للوطن, ويكون في محل إجماع ,على إن تكون مهمته الأساسية التفرغ لإجراء عملية التنسيق بين المكونات لإعداد بيان متوافق عليه , ويكون عضو دائم في اللجان التحضيرية لقراءة البيان وليس للجنة التحضيرية أي سلطة عليه بل يخضع للمكونات فقط.
3- يجب على كل مكون إرسال مرتكزات البيان بحسب قناعته وتوجهه إلى ذات الشخص المكلف قبل عشر أيام من الفعالية علما إن الاتفاق على البيان هو من أولويات الفعالية وضمان أكيد لنجاحها.
4- يحق لأي مجموعة من المكونات المتفقة إن تقدم مقترح ببيان مشترك وتسلمه إلى المكلف.
5- يجب على المكلف إعداد مسودة البيان وفقا للمرتكزات ألمقدمه أليه مراعيا بذلك عدم الإخلال بأهداف ومبادئ الثورة وملبيا مطالب الجماهير الثائرة في الميدان.
6- يجب اطلاع المكونات من قبل المكلف على مسودة البيان للمصادقة عليها قبل ثلاث أيام من قيام الفعالية.
7- إذا رأت المكونات إن تمنح المكلف التفويض المطلق بإعداد البيان وقراءته فهذا شانها وقرارها.
8- يحق لأي مكون يعارض البيان المتوافق عليه أن يصدر بيان باسمه مع تبرير واضح للجماهير بسبب انفراده بنشر ذلك البيان.
لقد قررت نشر هذه المقالة , استشعارا مني بالمسئولية الوطنية وحرصا على تنظيم الثورة وبناء حاملها السياسي وتوحيد المقاومة الجنوبية التي باتت مطالب شعبيه ملحة لاسيما بعد التضحيات الجسيمة التي قدمها الحراك والمقاومة في الجنوب , وباعتقادي إن توحيد البيان السياسي هو المدخل لذلك التوحيد المنشود وهذا اجتهاد أو مقترح مني قد يصيب وقد يخطى ولكنه قابل للنقاش والإثراء من قبل الكتاب والأكاديميين المهتمين بالشأن السياسي , ونجاح عمل كبير كهذا يتطلب مننا جميعا الخروج من دائرة الصمت وإيجاد معالجات آنية وسريعة لكل المشكلات التي تعيق ثورتنا وشعبنا إن كنا حقا صادقين ومخلصين لوطننا الجنوب ! .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.