اليمن يتوق الى السلام المستدام والايجابي . السلام بمعناه الشامل ليس فقط غياب الحرب بل أيضا حلول الخير للفرد والمجتمع. والاستدامة بمعناها الحقيقي بحسب تعريف ويكبيديا وهو تحسين نوعية الحياة البشرية حين نعيش ضمن الطاقة الاستيعابية للنظم البيئية الداعمة". والذي تقتضي الاستدامة تحقيق مستوى معيشة لائق للجميع الآن بدون تعريض احتياجات الأجيال المقبلة للخطر. فهنا نقصد بالسلام المستدام هو السلام الدائم والمستقر الذي يدوم ويستدام وهو ايضاً السلام الايجابي. أريد هنا أن أوصل رسالة للجميع في اليمن وخارج اليمن أن السلام الحقيقي المنشود في اليمن هو السلام المستدام الايجابي الذي يتحقق بادوات سلمية خالية من العنف . لايمكن فرض السلام بادوات عنيفة. السلام الحقيقي الذي نادى به غاندي بقوله: كلُّنا يتوق إلى الأمن والسلام وكلُّنا يدَّعي أنه يعمل من أجل الحرية والسلام والتقدم. لكن أخطر ما يحدث اليوم أن الحروب تُشَنُّ باسم هذه القيم – نعم، تُشَنُّ الحروبُ باسم حقوق الإنسان! تُشَنُّ الحروب باسم الديمقراطية! تُشَنُّ الحروب باسم السلام! أكثر من ذلك، يحلو لبعضهم الظهورُ بمظهر الحكماء، فيتبجَّحون قائلين: "إنْ أردتَ السلام فاستعد للحرب"! وبعد، فأين نحن من السلام؟ – السلام الحقيقي؛ السلام الذي يأبى سَفْكَ الدماء ويرفض التدمير؛ السلام الذي تعزِّزُه المحبةُ ويعزِّزُ المحبةَ؛ السلام الذي هو أصل كلِّ حضارة وكلِّ تقدُّم. لقد آن الأوان لنَقْدِ مفاهيمنا وتغييرها عن الحرب والسلام، عن العنف والعنف المضاد، عن دوامات العنف التي لا تنتهي: "العين بالعين، ويصبح الجميع أعمى. وبعد هذه التعاريف نتسائل هل هناك سلام مؤقت او سلام سلبي؟ نعم يوجد سلام مؤقت وسلام سلبي وهو اخطر أنواع السلام بل أن خطورة السلام السلبي المؤقت تتجاوز خطورة الحرب لأن السلام السلبي القائم بادوات عنيفة ودون قناعة جميع الاطراف به يعزز من الاحتقان المجتمعي لانه يقوم على قهر الاخر وكبته وهذا يعزز من الاحتقان وسرعان ماتنفجر الحروب أكثر من سابقاتها وبعنف اكبر . وبهذا نؤكد أن المطلوب في اليمن هو السلام المستدام والايجابي لأن ماوصل اليه اليمن بعد حروب دامية طوال تاريخة القريب يؤكد أن الحروب عندما تتوقف ان لم يكن هناك قناعة لدى جميع الاطراف بوقفها وصناعة سلام مستدام وايجابي فسرعان ماتنفجر الحروب باكثر دموية وعنف من سابقاتها واكبر دليل على ذلك حروب صعدة الست الذي لم تصنع سلام وانما رفعت مستوى الاحتقان المجتمعي . وكذلك الحرب على الجنوب في 1994 م تلك الحرب بعد ان توقفت لم تصنع سلام دائم لانها توقفت بادوات عنيفة توقفت بافواه الدبابات ولهيب الصواريخ وهذا ماعزز من الاحتقان في شمال اليمن وجنوبة لتتفجر دورات العنف بقوة . ونحن الان في شهرنا هذا فبراير 2016م وفي ظل ارتفاع مستوى القناعة العالمية والوطنية باهمية تحقيق خيار السلام الايجابي والمستدام في اليمن نؤكد أننا الان في اليمن أمام فرصة استثنائية لصناعة سلام دائم قبل الانهيار الكبير . نعم الانهيار الكبير في اليمن قادم ان لم تتوقف الحرب وسيجرف ذلك الانهيار الجميع وفي مقدمة وطن اسمه اليمن . الحرب العالمية الثانية لم تتوقف بالعنف فقط التوقف الحقيقي للحرب العالمية الثانية هو باقرار المجتمع الدولي بحماية حقوق الانسان للجميع دون تمييز وحماية الجميع فأمن الجميع وتوقفت الحرب. التوازن الموجود الان بين جميع الاطراف في اليمن سيصنع السلام المستدام ان توقفت الحرب لان فقدان ذلك التوازن سيحول الجميع الى فريقين منتصر ومهزوم وسيترتب على ذلك نشوء فريقين منتقم وناقم وستستمر طاحونة الحرب بعنف . اليمن الان بين مفترق طريق اما الانتقال الى سلام مستدام او حرب ودمار . نحن جميعاً من يحدد مصيره من سيختار ويتحمل المسؤلية التاريخية لذلك الاختيار . هل سنختار السلام المستدام ؟ أم الحرب والدمار ؟ الجميع في اليمن وصل الى هذه القناعة ان السلام افضل من الحرب وان الشراكة افضل من الاقصاء وان الامان افضل من الخوف وان التنمية افضل من الانهيار . الاممالمتحدة ورغم ملاحظاتنا الكبيرة على قصورها ودورها السلبي في اليمن لكن وصلت فعلاً الى حقيقة اهمية صناعة السلام المستدام والايجابي ولكن؟ صناعة السلام المستدام والايجابي لايأتي من طبقة الابراج العاجيه الذي يتربعون في رأس ونخبة المجتمع . صناعة السلام تأتي من المواطن البسيط من الاستاذ والدكتور والطبيب والقاضي والمحامي والموظف والنقابي ومنظمات المجتمع المدني لانها منظومة كاملة يستوجب مشاركتها في صنع السلام لتحققه في الواقع وليس فقط في بطون الصحف والجرائد والفرمانات العليا . حققت الاممالمتحدة شوط كبير لصناعة سلام في اليمن عن طريق نخبة المجتمع في الغرف المغلقة وهذا لايصنع سلام مستدام. السلام يستوجب فيه الشفافية والشراكة المجتمعية الواسعة للجميع دون اقصاء لكي يكون مستدام وتتوقف الحرب في اليمن .
وفي الأخير : نؤكد هنا على أهمية صناعة السلام المستدام والايجابي في اليمن وتحقيقه الان قبل ان لانستطيع طرح خيار السلام مره اخرى ولايكون امام الجميع الا خيار الحرب فقط وهذا هو الانتحار للجميع لن نصنع سلام بالعنف والحرب سنصنع السلام بالحب بالتسامح بالشراكة الحقيقية للجميع بتحقيق معايير الكفاءه والنزاهه ومكافحة الفساد ليكون ماحصل في اليمن تجربه وعبره للجميع ليكتبها المؤرخين في بطون الكتب بقولهم كانت هناك حرب قديمة في اليمن توقفت بسلام مستدام وايجابي .