وجّه عبدربه منصور هادي صفعة قوية لشعب الجنوب بتعيينه الجنرال العجوز علي محسن الأحمر نائباً له، والمؤتمري أحمد عبيد بن دغر رئيساً للوزراء، خلفاً للرجل الغامض/ خالد بحاح! هادي الذي فرّ إلى الجنوب أثناء حصار فرضته عليه العام الماضي جماعة الحوثي والمخلوع صالح -ومعهم بن دغر- الذين لاحقوه حتى ملجئه في عدن عاصمة الجنوب، وتصدى لهم أبطالُ المقاومة الجنوبية ودحروهم إلى خارج حدود الجنوب؛ هاهو يصفع الجنوبيين اليوم بتعيينات محسن وبن دغر. العجوز سيء الصيت/ علي محسن الأحمر لم يتمكن الجنوبيون والتحالف العربي من إحكام قبضتهم على قاعدة العند الصيف الماضي إلا بعد تنفيذ توصية استبعاده من غرفة العمليات بالرياض، والآخر بن دغر ظل يعادي قضية الجنوب داخل مؤتمر موفمبيك وفي اللجنة المصغّرة (8-8)، وتسبب الرجلان في مراحل مختلفة في كثير من مآسي الجنوب رغم وقوفهما في جبهتين متضادتين في حرب 94م. ورغم تحفظ الكثير من الجنوبيين على هادي باعتباره خرج من معطف المخلوع صالح وكان نائباً صامتاً له لعدة سنوات (1994 - 2012م)، لم يرَ جنوبيون آخرون ضيراً من التعامل معه والالتفاف حوله ودعمه كجنوبي يواجه العدوان الحوثوفاشي، فيما اندفع آخرون بالتشبث بهادي لاعتبارات الشرعية المزعومة، والمدعومة دولياً وخليجياً، وهي الشرعية التي ستجلب للجنوب الاستقلال الناعم، كما يرون! اندفاعاً لايختلف كثيراً عن هرولة الموڤمبيكيين نحو سراب الحوار الوطني في صنعاء 2012م. ومع كل هذا، خرج علينا الواهمون يشيدون بقرارات هادي -حفاظاً على ما بقي من ماء وجوههم- ويعددون فوائدها ومنافعها والأسرار الكامنة فيها، ويربطونها بتحليلات متفائلة بمفاجآت قادمة للجنوب، وترتيبات دولية نسَجها خيالهم مع اقتراب حوار الكويت الأسبوع القادم! وحتى لو افترضنا صحة التحليلات المتفائلة، وأن القرارات لها علاقة بترتيبات لاستقلال ناعم للجنوب، أو إقليم جنوبي مؤقت يفضي إلى استقلال، وبعِلم هادي وترتيبه وموافقة الخليج، حتى لو افترضنا صحة ذلك، فإنه لا يقلل من خطورة تعيينات هادي الأخيرة خصوصاً أنه لم يُعرف بعد ممثلي الجنوب في حوار الكويت، وطبيعة التمثيل وتفاصيله، كما أن هادي لم يستبق ذلك بخطوات لتهيئة الجنوب وتحصينه قُبيل تعيين الأحمر نائباً له، كاستيعاب المقاومة الجنوبية أو ترتيب وضعها كصمام أمان للجنوب من أي غدر، سواء الجنوب الدولة التي ضحّى لأجلها الجنوبيون، أو الجنوب الإقليم الذي يسعى له هادي وياسين مكاوي ونزلاء فنادق الرياض. لا يستطيع الجنوبيون اليوم تخيّل العجوز محسن في عاصمتهم عدن، أو يترأس اجتماعاً يحضره عيدروس وشلال، وهو الذي لا يخفي الجنوبيون رغبتهم في محاكمته كأحد مجرمي حرب 94م ومسلسل النهب والفيد والأراضي، لكن الرجل سيصبح -بعد التعيينات الجديدة- على اطلاع بملف الجنوب، وقضايا الإعمار، وخطط التنمية والاستثمار، وهكذا سيتعامل معه المحيط والعالم. قد لا يصوّب علي محسن مسدسه نحو هادي، لكنه -أي محسن- المرافق للمخلوع صالح 33 عاماً والعارف بتفاصيل اغتيال كوادر الجنوب عقب الوحدة وحتى الآن، يعرف كيف يتخلص من هادي ويزيحه، ولن تكون تحركات هادي وتنقلاته لغزاً على أفراد الفرقة الأولى مدرع. وهذا قد يخلق وضعاً يضع علي محسن على رأس الحكم، ويضع الجنوب وحراكه وقضيته ومقاومته ونضاله وحلمه في وضع معقد، يناشد الخليج والمجتمع الدولي نصرته وإنصافه! ذات الخليج وذات المجتمع الدولي الذي كان صامتاً يوم كان المخلوع صالح وعساكره يقتلون شباب الحراك. أخيراً، فإنه ما لم يوجّه الجنوبيون قبيل مؤتمر الكويت رسالةً واضحةً وقوية يعبّرون فيها بمختلف الوسائل السلمية عن تمسكهم بمطلب الاستقلال الناجز واستعادة دولتهم الحرة؛ فإن الحوثي سيكون بطل جولة الكويت كمفاوضٍ رئيسيٍّ في الحوار، ولن يكون للجنوب سوى ورقة صغيرة في ملف يحمله إلى الكويت بن دغر.