حيثما بحثت ونقبت في شعر حسين بن أبي بكر المحضار تجده يخاطب الجميع ويتحدث بلسانهم؛ فهو من ابتهج في الأفراح وأنشد في المسرات، وهو من بكى في المآتم وندب في الأحزان، وهو من تحدث بلسان حال المواطن في وطن له تاريخ قديم وحديث ومتجدد مع الأزمات؛ فنجد شاعرنا قد تحدث تارة بلسان الفقير المكتوي الأكبر بنيران الأزمات أو بلسان الغني الذي يصله فيح النيران أقل من المتضرر الأكبر تارة أخرى؛ ففي النص التالي نجد شاعرنا الكبير قد تقمص دور الغني الذي يكون الضرر عليه أقل من غيره ثم عاد لتقمص دور الفقير فاختار أن يتحدث بلسان الجميع، فتجده يقول: يقول أبومحضار أناماشكيت من جور الغلاء لكن شكى جاري عمر حنين وحمد بن سلوم لكنه لا يلبث أن يصف حجم المعاناة المترتب على الغلاء وهو نار كما قلنا يصطلي بها الجميع على مختلف درجاتهم، فيقول واصفا حال الجميع: واحد قدر يوكل وواحد ياخواني ماكلا كل من خرج للسوق حصل نارها ملقت سموم ثم يطلب من التجار مراعاة أحوال المواطنين وظروفهم المعيشية الصعبة، فيقول: دلا بنا يامعشر التجار والباعه دلا ما احنا أجانب بينكم نحن خوه وبني عموم ولا يفوت أن يلفت الأنظار إلى مضار الجشع: من جوركم صحناوراح البسط كله والسلا وغلاء المعيشه ياعباد الله يلحق بالهموم مايفرح التاجر بشي الا اذاكيسه امتلا ولايهمه يفطر المسلم معه وإلا يصوم وينتقل بعدها ليؤكد على دور الحكومة المفقود في الرفع من معاناة المواطنين، فيلقي باللائمة على الحكومة التي لم تضع حدا لجشع التجار: واللوم كله عالحكومه لي عطيناها الولاء لي مخليتكم تلقون المصائب كل يوم ويختتم المقام بالتفاؤل، فهو يعلم أن الابتلاءات تحمل في طياتها الخير الكثير فلا يليق بالناس التضجر وإنما يجب عليهم التمسك بأمل الخلاص مما يعيشوه من شظف العيش وما يقاسوه من صعوبات الحياة، فيقول: بلاء نزل.. الله يعين الناس عاهذاالبلاء في ربنا معنا أمل إن البلاء ذا مايدوم وغادر المحضار دنيانا الفانية وبقيت الأزمات واستفحلت وشعبنا يحاول التكيف معها بأخذ جرعات تطعيم مستمرة حتى تشبع جسمه منها وصارت الأزمات جزءا لا يتجزأ من حياته اليومية وواقعه المعاش، وظل يعيش واقع ما قاله المحضار يوما: أزمة ولا زالت عروقها سبحت وأغصانها طالت