عن الفوكس نيوز – ترجمة حصرية ل"عدن الغد" عادل الحسني: اعترف احد الأطباء كما جاء على لسانه بظهور علامات سوء التغذية المزمنة على رضيعة لايتجاوز عمرها سبعة أشهر كالسعال المستمر وظهور انتفاخات في المعدة .
تقول الأم : لا يوجد سوى أطباء تقليديين في القرى التي نقطنها في الجبال كما اخبرني الأطباء هناك ان أوقف الرضاعة الطبيعية لان الحليب بدأ بالتلوث وأن الحل أن املا انف طفلتي بالسمن.
عندما لم يفلح ما قاله الأطباء قامت الأم الشابة السيدة الوادعي برحلة شاقة تصل مسافتها 60 ميلا عبر الجبال متجهة إلى اقرب مستشفى يقدم الخدمات والتسهيلات الطبية في العاصمة صنعاء.
يعاني أكثر من 50% من الأطفال في اليمن من سوءالتغذية وهذا الرقم ينافس أرقام توجد في بعض الأقاليم التي شتتها الحروب مثل دارا فور في غرب السودان وأجزاء من إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. وهذه مجرد واحدة من الإحصاءات المغلقة في اليمن.
نصف السكان في اليمن يعيشون تحت خط الفقر حيث ان دخل الفرد في اليوم الواحد ما يقارب 2$ , كما لا توجد العديد من الخدمات الأساسية كخدمات الصرف الصحي كما ان الطرق الممهدة لا تكاد تحصى و منسوب المياه بدأ بالتناقص , وهناك عشرات الآلاف من الأسر المشردة بسبب النزاعات والفيضانات في بعض المدن , والحكومة اليمنية قد بلغ فيها الفساد مبلغة بحيث ان سيطرتها الفعلية في صنعاء وليس أكثر من ذلك والمصدر الرئيس الذي يقوم عليه الدخل في اليمن هو النفط الذي من المرجح أن يجف وينضب في غضون عقدا من الزمان.
وكنتيجة لذلك اتي تنظيم القاعدة في ذيل القائمة في سلسلة طويلة من المخاوف بالنسبة لمعظم اليمنيين , بالرغم من الضغط الرهيب التي تمارسه الولاياتالمتحدة على اليمن في سبيل تصعيد حربها ضد القاعدة.
وفي هذا الإطار يأتي اجتماع الدول المانحة في المملكة العربية السعودية في شباط/فبراير المقبل لجمع الملايين من الدولارات من اجل التنمية في اليمن من ذلك جمعيات الإغاثة والاقتصاديين والمسؤلين والانطلاق نحو الحد من الفقر وتطوير إعادة الهيكلة الاقتصادية لهذا الشعب الذي يبلغ تعداد سكانه 23 مليون نسمة.
كما خصصت الحكومة الأمريكية 150 مليون دولار من اجل التنمية في اليمن إلى جانب مساعداتها في مكافحة الإرهاب لمحاربة تنظيم القاعدة ومن المتوقع ان يزيد الدعم من 150 مليون دولار إلى 250 مليون دولارا امريكيا خلال العام المقبل , كما قدمت الدول المانحة دعما يفوق عدد الملايين المقدمة من الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث أقر المانحون من ان استئصال الإرهاب في اليمن لن يكون الا بالتقاط اليمن من براثن الفقر.
يقول بنسون انتك مدير البنك الدولي في اليمن : ان البلدان المجاورة وأوروبا وأمريكا لديها الكثير على المحك ليس فقط في اليمن ولكن في الشرق الأوسط وانا وفي رأيي الخاص لا اعتقد أن أحدا يريد ان يرى اليمن بلدا فاشلا. يخشى البعض من عمال الإغاثة من أن المساعدات التي يستلمها اليمن تذهب إلى أشخاص بعينهم عن طريق المحسوبية كما يذهب الدعم مباشرة إلى القبائل الحليفة للنظام وترك الآخرين في العراء والذي بدوره يرفع من وتيرة الاستياء في الأوساط اليمنية.
لكن وفي المقابل يكون هناك تركيزا من الدول المانحة على بعض المناطق التي تشتهر بوجود القاعدة فيها لكن ليس بالضرورة أفقر المناطق لان ذلك قد يأتي بنتائج عكسية.
ويقول اشلي كليمنتش ممثل منظمة اوكسفام في صنعاء : ان الجهات المانحة تركز على التنمية كأداة لمعالجة القضايا الأمنية وليس كغاية في ح ذاتها, ويضيف أن هناك خطر محدق يتزايد على مر السنين, التركيز على قضية واحدة وحدها ستكون على حساب رفاهية المجتمع اليمني .
سوء التغذية في اليمن تجسد الكثير من المشاكل المتداخلة والتي بدورها تخلق الكثير من المشاكل والأزمات, بالإضافة إلى زراعة أراضي شاسعة بنبتة القات التي أدمن عليها الكثير من اليمنيين والتي تستهلك 30% من المياه الجوفية وترك زراعة المحاصيل الأخرى بحيث أصبحوا يستوردون الأغذية وليس لدعم المال الكافي لدفع ثمن السلع الغذائية المستوردة, كما تفتقر البلاد إلى البنية التحتية الصحية والتعليمية وفوق كل هذا فان معدل الرضاعة الطبيعية للأطفال دون سن الستة أشهر فقط 10%.
وعلاوة على ذلك , فقد كانت الحكومة قادرة على تمرير هذه المعضلة دون ان يلاحظ ذلك احد لكن ومع الضعف الذي تمر به الحكومة الحالية ومع عدم مصداقيتها في إعطاء إحصاءات صحيحة حول ماتمر به من أزمات والتي ليس لها القدرة على منع حدوث ذلك وذلك لعدم التزامها.
ليس هنالك بلد أخر في العام تضرب فيه سوء التغذية هذه الأرقام المهولة , كما جاء على لسان المدير القطري لليونسيف .
في مستشفى صنعاء , تستعيد ابنة الوادعي عافيتها بعد تلقي العلاج هناك احد أبنائها الأربعة بنت تبلغ من العمر سنتين والتي بالكاد تستطيع الوقوف على قدميها العاريتين بحيث يظهر عليها أعراض سؤ التغذية بشكل واضح بحيث تقف الأسرة عاجزة عن تحمل نفقات علاجها هي الأخرى.
" أنا لا أريد أطفال بعد ألان " , " انا لا أريد حتى نفسي" الوادعي وهي تندب.
ويقول مسئولون شماليون من ان التوترات الأمنية أدت إلى تعثر الكثير من الموارد بما في ذلك التمرد في الشمال بزعامة الحوثيين والحركة الانفصالية الجنوبية بالإضافة إلى تهديد القاعدة.
يقول هشام شرف نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي : إذا لم يكن هناك أمن واستقرار لن تكون هناك تنمية ولن يكون بالمقدور من التخفيف من حدة الفقر لأنه لن يكون هناك استثمار إذا لم يكن هناك امن واستقرار.
تشكل عائدات الحكومة من النفط ما لايقل عن ثلاثة أرباع من ميزانية الحكومة ,ولكن النفط اخذ بالانخفاض بشكل مطرد, بحيث من الممكن ان تكون تستورد في السنوات الخمس المقبلة, كما ان احتياطها من النفط من المرجح نضوبه بحلول عام 2021 وفقا لصندوق النقد الدولي وتقديرات البنك الدولي.
أما التنمية هناك في اليمن فهي مجرد ترقيع حيث تعتمد الحكومة على دخلها المحدود كما ان النفط في اليمن ترجع فوائده إلى شريحة صغيرة من سكان صنعاء حيث أنشئت الفنادق الجديدة والمطاعم ومجمعات التسوق مع التفاخر بسيارات BMW والبورش بين الوكلاء كما يوجد هناك لوحات فيديوهات كبيرة تعلن عن المشاريع السكنية الجديدة.
ولكن وعلى حافة العاصمة صنعاء تظهر معالم الريف هناك مع القليل من البنية التحتية , العربات الفارهة ذات الدفع الرباعي تقوم مقامها هناك عربات الحمير ولا توجد هناك سلطة للحكومة حيث يقوم مقام القانون هناك قانون القبيلة المستقل.
على بعد 10 كيلو مترات فقط (6اميال)خارج العاصمة صنعاء تقع هناك قرية في وادي ظهر والتي توجد فيها المنازل المتهالكة والمهجورة جزئيا بسبب الفيضانات كما يوجد هناك طريقا موحلا يؤدي إلى مزارع القات والتي تستهلك معظم منسوب مياه القرية.
يصل عمق البئر في قرية وادي ظهر إلى 400 متر للبحث عن المياة على الرقم من القانون الوطني الذي يحد عمق الابار إلى 60 مترا وذلك لمنع الاستهلاك المفرد للمياه, سكان هذه القرية ينتمون إلى قبيلة حاشد وهي قبيلة موالية للحكومة.
يقول محسن عبدالله 27عام والذي يدير حمام القرية نحن هنا مكتفون ذاتيا لدينا سلطة وهو الشيخ حتى ان الرئيس يحتاج إلى موافقة الشيخ نفسه.
في بلد يعد سابع أعلى بلد في العالم في النمو السكاني والذي تصل فيه معدلات النمو إلى 2.9 في المئة كل عام, عشرات الآلاف من اليمنيين يلتحقون بالسلك العسكري في كل عام مع وجود فرص ضئيلة حيث ان غالبية هذه الفرص تصب في صنعاء .
ترك مراد حمود المدرسة الثانوية في جنوب مدينة تعز واتجه إلى العاصمة صنعاء ممنيا نفسه في الحصول على وظيفة حكومية لكنه وجد ان هذه الوظائف تذهب في المقام الأول إلى أبناء صنعاء لكنه قام بفتح محلا للحلاقة هناك ويقول لم استطع مواكبة الدراسة والعمل وأضاف إذا كان كل شيء على نصابه لن اضطر إلى ترك الدراسة. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء من ان الخطر المحدق بالشباب هذه الأيام يكمن في كون الاقتصاد قد أغلق أبوابه أمام تطلعاتهم وطموحاتهم.
من ثم سيفكرون في الصراع السياسي وإذا لم ينجحوا في هذا الأمر سيسلكون طريق القوة أما من خلال القاعدة أو من خلال الجنوبيين أو أنهم سيسلكون طريقا أخر.... كما قال