بعد مخاض عسير ومراحل أكثر تعسراً وتجاوز العديد من المطبات والمنعطفات السياسية والعسكرية تلوح في الأفق ملامح وبوادر مرحلة هي الأكثر صعوبة من بين كل تلك التحديات التى عصفت بالجنوب أرضا وإنسان, وتضعه أمام مرحلة وتحدى قد لا يدور في ذهن الكثير من الساسة والقيادات التى قد تصل إلى مفهوم ومفاهيم ومعتقدات ان الحروب تنتهي بانتهاء صوت ازئير رشات الرصاص وأصوات المدافع وروائح باروت الكراهية التى تسيطر على ارجاء المكان. يدخل الجنوب اليوم نفق وتحدى اكثر ضراوة وأصعب شراسة من معارك الجبهات والمتارس وخط النار . تحرر الجنوب في مارس 2015م من اجتياح مدافع ودبابات جحافل الحوثي عفاشي وترك خلفه إرث وموروث ما بعد النصر والانتصار ووضع الجنوب على مقعد الإمتحان الأصعب والأهم( النصر ومخلفاته ). عمل الجنوبيين كثيرا على الجانب العسكري وتنسوا وغفلوا عن جوانب أخرى أكثر أهمية وصعوبة من المرحلة العسكرية. ووضعوا أنفسهم في مواجهة النصر الذي تحقق وكيفية إنجازه الإنجاز الكامل ونضوجه النضوج الصحيح بعيد عن الوقوع والانزلاق في مستنقع ونفق مظلم أكثر ضراوة من معارك الجبهات القتالية . من يحمل السلاح ويخوض المعارك ويحقق النصر يجب ان يخوض الامتحان الأصعب ويتجاوز منعطف الوعي واستيعاب الغير وفتح أفاق الحرية والتعددية في الفكر والرأي والحرية ويكسب مناعة التقبيل والتقبل للآخرين من الحريات.
شعاع المدنية وبطش الجمهورية
تتفجر الثورات من أجل مآرب وأهداف ورغبات وحقوق وتُخرج الآلاف بين الأرصفة والطرقات وتفترش الساحات والميادين النضالية وتقدم التضحيات وتزهق الأرواح وتسيل الدماء وتروي الأرض وتشييع الجنائز وتنصب خيام وأماكن العزاء من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة بكافة أركانها وجميع زواياها وبكل فصولها ومحتواها من مؤسسات خدمية وبنية تحتية وإرساء قواعد المرحلة المدنية من عقليات ووعي وتقبل لقادم المرحلة المدنية وتغيراتها وأحداثها الجديدة والتعايش مع أفاق الحرية الإنسانية لفظاً وقول. وبعيدا عن الشعارات والأقوال المستهلكة البعيدة عن أرض الواقع والمعطيات, فالثورات والانتفاضات والتحرر لا ينحصر على الجانب العسكرى بل يأخذ مدى وبعد اطول ومفهوم أعمق وأكثر توسعاً ومفهوما . ولمن أراد شعاع المدنية يجب عليه عدم إغلاق المحيط والبيئة المدنية وعدم انحصاره في زاوية معينة مغلقة على عقليات وأفكار وهواجس ذاتية شخصية تجرف المدنية وأركانها وتتحول عتمه مظلمة من الاراء والعقليات الشخصية وتقديس الذات وأهدافه, وتتحول الى شعار والعيش في القوقعة التى لا تخرج منها البطش الجمهوري والمربع الذي خرجت من أجل الخروج منه والمدنية أسم وبطش جمهوري فعلاً . حقبة الانتهاكات والنظام العائلي الشخصي الكهنوتي العبودي الأمامي بجلابيب وثوب العصر الحالي لا ينطبق مع شعاع المدنية وإرساء قواعد الدولة المدنية الحديثة ويصبح بطش جمهوري واضح المعالم بعيد عن المدنية وقواعدها وملامح حضورها بعد الجانب العسكري على الأرض.
أخطاء الماضي وتصحيح المسار
يجب التسليم الى كثير من الأمور التى نقع بها بعد إنجاز وتخطي الجانب العسكري على أرض الجنوب والمناطق الجنوبية وعدم التغافل عنها وإصلاح مسارها ان أردنا الانتقال والتقدم في خطى تدفع بنا الى الإمام وقد تكون اخطاء تضعنا على مفترق الخطر وتهوي بناء دون الإحساس بذلك فهناك أشياء يجب تصحيح انعواجها بعد التحرير وعدم تجاوزها وغض الطرف عنها وتجاهلها ومن اهم تلك الأخطاء :- عدم تفعيل الدوائر القضائية والنيابات وتنشيط دور المحاكم وتفعيل حضورها .
الاعتقالات والاقتحامات والانتهاكات لحرمة المنازل والمساكن دون مسوغ قانوني او توجيهات من النيابة العامة.
استحداث السجون السرية والاختفاء القسري للنشطاء السياسيون والقيادات من المقاومة .
استحداث الثكنات العسكرية والمعسكرات وانتشار السلاح والتكوينات والمليشيات بين اوساط المدن والمساكن السكنية في المحافظات .
غياب مؤسسات الدولة
كل ذلك واكثر من الأخطاء التى تقلق المضاجع وتكثر من المخاوف وتزيد من التساؤلات والهواجس على مصير الجنوب ما بعد النصر والانتصار وعوامل وأسباب إصلاح المسار والوصول الى النصر كامل الأركان, وتحدي غزوا الأرض الى تحدي الحريات وامتحان الرأي وتقبله وتجاوز أخطاء بتصحيح مسار وفق عقليات وأسس تفضي به إلى بر الأمان.
مستقبل السلطة الرابعة في الجنوب
هو المخاض المتعسر والامتحان الأصعب و الضبابية التى تخيم على المشهد والتساؤلات التى تطرح بقوة في وقتنا الحاضر وبعيد عن التنظير والنظريات والنظر الى الواقع والمعطيات والأحداث مستقبل السلطة الرابعة في الجنوب وما سوف تفضي له قادم الأيام في مصير السلطة الرابعة في الجنوب !!
ان ما ألت إليه ووصلت له السلطة الرابعة في الجنوب والأحداث الأخيرة التى رمت بظلها على الواقع من وقائع من اعتداء وممارسات وأحداث مأساوية لا تبشر بقدوم دور فاعل ومستقبل أفضل في دهاليز السلطة الرابعة . ضرب برج اذاعه بندر عدن إحراق مقر الشموع ومطابع أخبار اليوم . مهاجمة صحيفة اليوم الثامن ومقر الحريات بالرصاص . استدعاء الإعلامي فتحي بن لزرق من جهة ليست مخولة بذلك .
كل تلك الأحداث والوقائع تصل بنا الى تساءل لابد ان نقف عليه ونصل الى إجابة حوله والوقوف علية وخصوصا في هذا التوقيت :
ما مصير مستقبل السلطة الرابعة والى اين تسير بها الأحداث والوقائع والمتغيرات والصراع والنزاع على الأرض؟ وهل ندرك عواقب ومخاطر ذلك على تكوين وبناء الدولة ؟ وهل هي حرب قادمة سوف نخوضها في قادم الأيام بعيد عن المدفع والدبابة ؟ ومن المنتصر والمهزوم في نهاية المطاف؟