نعم , في الليلة الظلماء يفتقد البدر , لأنه ليس هنالك ليالي اكلح من ايامنا هذه نستذكره بذكرى رحيله الخامسة والثلاثون (16/8/76م) كزاد فكري نحن احوج ما نكون اليه بهذه المرحلة العصيبة من تاريخنا المعاصر لمقاومة داء التطرف و عناز الارهاب الظلامي التكفيري القادم على عربة كاتيوشا حرب صيف 94م على الجنوب .
انه الغائب الحاضر دوما بوعي قوى التقدم والحداثة و السلام ضمير اليسار التقدمي الفقيد الراحل عبدالله عبدالرزاق باذيب , الذي قبل ان يكون قائدا ومؤسسا لمدرسة فكرية كان الراحل كما يعرف ذلك الجميع قيمة اخلاقية تربوية نهل من ينبوعه آلاف المناضلين الشرفاء معنى شرف الكلمة والالتزام المرتبط بها .
انطلاقا من ذلك و بسبب ما تميز وتفرد به الراحل باذيب فإن الاصح نعته بضمير لا قائد او مؤسس لليسار التقدمي , امرا اكتسبه من بيئته الثقافية الحضرية فعرف سياسيا واجتماعيا بتوازنه النفسي و المبدئي الملتزم بقضايا الوطن والشعب والكادحين , حيث في كل كتاباته ومحطاته النضالية و مواقفه السياسية كان محذرا من نزغ التطرف اليساري او الحماسة الثورية المفرطة بالبساطة شعورا بمسئولياته التاريخية كمؤصل لحركة اليسار التقدمي بالمنطقة دون منازع .
قامتنا الوطنية التي نستذكرها بهذه العجالة لم تكن فكرية تنظيرية داخل الغرف المغلقة المكيفة , شوارع العاصمة عدن كذا محاكم الاحتلال البريطاني قد خبرة جيدا صلابته الثورية وحجته البليغة المقنعة حتى استحق بجدارة لقب مؤسس النضال المدني بالمستعمرة عدن وكل الجنوب .
مع كل ذلك التاريخي النضالي المشرف الناصع البياض اضافة لقدرته الثقافية المستشرفة للمستقبل الا انه كان متواضعا بسيطا يحب كل الطيبين ولا يترفع عن قاعدته الاجتماعية من الكادحين بل كان مقتديا بالسيد المسيح(عليه الصلاة والسلام) يجلد و يتحمل الألآم لأجل الشعب, دون مبالغة ينظر لفقيدنا مع اسماء قلائل اخرى في الحركة الوطنية الجنوبية شكلت خسارتهم بفعل الطيش الثوري للرفاق انتكاسة لمرحلة البناء الوطني الديمقراطي في الجنوب , خاصة لمن يعرف ان الفقيد عبد الله عبد الرزاق باذيب كان صاحب رؤية ومشروع متكامل للتحول التقدمي يتميز بالعقلانية و رفضه سياسة حرق المراحل , فلم يعد سر رفضه لكثير من اجراءات اليسار الفوضوي الدخيل (عبده و خبرته) سوى في الموقف من الملكية الخاصة او قضية الارض والاصلاح الزراعي وبما يستقيم و الفكر التقدمي الذي يتبناه عن قناعة وصدق .
رحمة الله على فقيدنا عبدالله باذيب الذي سنظل نحن ابناء زنجبار عاصمة محافظة ابين ندين له بالجميل و العرفان كونه صاحب مشروع بناء اول مركز ثقافي و مسرح وفق مواصفات راقية بزنجبار عاصمة المحافظة , الذي بعد ذلك في عهد الغزاة الجحافل تم تأجيره لمستثمر كقاعة افراح اعراس باعتبار الثقافة والمسرح و الفنون بمفهوم المغول الجدد شيء معيب, لا حول ولا قوة الا بالله .