بدأت الأصوات تتعالى من جهة رعايا الانتقالي الحضارم في الدعوة لإسقاط البحسني والإتيان ب"بزبوز" جديد على نفس الطينة العيدروسية وهم من اخترع عبارة "مع عيدروس حتى بالفانوس"؟ ولكنهم اليوم يرفضون فانوس البحسني ويسابقون الزمن لإسقاطه، تحت ذريعة تدني الخدمات. رأينا كيف كان نضالهم بالأسنان قبل السنان، في دفاع مستميت منقطع النظير عن عيدروس رغم أنه ما فلح ولم يقدم عُشر معشار ما قدمه البحسني؟ ووقفوا قلبا وقالبا مع شلال رغم حجم الإخفاقات الأمنية التي لا تخطئها عين، ويسوغون لفشله بمبررات تذكرني بمبررات الثعلب في قصته مع مالك الحزين، والتي يرفضونها في حق البحسني. ومع يقيني أن الخدمات تعد من الأساسيات التي يجب أن تصل للمواطن كاملة غير منقوصة، إلا أنه لاقيمة لهذه الخدمات إذا كانت روح الشعب تزهق وتسحق تحت فوهات كاتمات الصوت التي تحدث عيانا بيانا، وعدن أنموذجا. تناقضات وتضليل مالها إلا صميل الحجة يفندها ليكشف زيفها لعامة الناس. القضية بدرجة أساسية ليست في غياب الخدمات، وهذا الهيجان قد رأينا مثله حينما دخل الحوثي على الخط عبر تحججه بارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وطالب بإسقاط الجرعة، وما هي إلا لحظات حتى كانت تلك الاحتجاجات جسر عبوره لاغتصاب السلطة والانقلاب على الدولة. وهؤلاء اليوم يقتفون ذلك الأثر أثر الحوثي الذي كان حليفا لهم يوما ما، وجعلوا من المطالبة بالخدمات طريق العبور لاستكمال جرجرة حضرموت نحو مستنقع الجنوب عبر "بزبوز" جديد يعملون على تنصيبه خلفا للبحسني، ليستكمل المشروع. في هذا الجو المضطرب والمليء بالعواصف التي تجتاح حضرموت من كل مكان، يقف المؤتمر الجامع على ناصية الشارع كالمتسول الذي يستجدي اللقمة، بعد أن باع كل رصيده، يقف ليمرر -شعر أو لم يشعر إملائات الآخرين، يمارس دور طبيب التخدير مع شعبه وأهله، ويتحفنا بين الفينة والأخرى بجرعات تخديرية أسموها بيانات يصفونها بشديدة اللهجة، وهي لا تتعدى عملية تخدير كامل. لقد سقط الجامع قبل أن يقوم أصلا، حينما رضي أن يلعب دور حمار طروادة لرعاة المشروع الجنوب، وانفض الناس من حوله، فلم يجد غير البيانات يستميل بها عواطف الحضارم، وها هو يترنح كالذي [يتخبطه الشياطين من المس] بنقاط اجتماعه الأول؛ حتى تتفجر قريحته بمطالبات اجتماعه الثاني، وهي في طريقها لتلقى مصير من سبقها وهو السجن المؤبد في أدراج ودواليب بن حبريش {فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}. يؤسفني أن أقول: إن هؤلاء باعوا واستلموا الثمن، ولم يعد لديهم ما يقدمونه، غير افتعال النضال، بسوءة مكشوفة للعيان، وظنوا أنه وهذا حالهم سيمرر نضالهم المفتعل على شعب حضرموت. ومضة: كل ما مر لايعفينا من أن نرفع صوتنا للبحسني أن يتدارك الوضع، ويعالج مواضع الخلل في سلطته، فعامة الناس لا تريد سوى الخدمات التي سبّب غيابها زيادة المعاناة والأزمات، وعليه أن يجري عملية تقويم لما مر من فترة حكمه، ليستطيع أن يحقق للشعب ما يريده ويطمح إليه، ونحن معه في هذا الظرف لإنقاذ البلاد من شبح السقوط والفشل.