مما لا شك فيه بأن الجنوب قبل الحرب الثانية التي شنتها ميليشيات الحوثي وعفاش في أواخر مارس قبل ثلاثة أعوام بدافع التمرد والانقلاب على شرعية الرئيس الجنوبي ، حيث كانت تلك الفترة الماضية بمثابة مرحلة فرز ثوري بين أبناء الجنوب فمنهم من واكب مسيرة الحراك الجنوبي السلمي بشعار التحرير والإستقلال ، و منهم من لم يواكب ومنهم من كان معارض على حد سواء مع منهم في السلطة ومنهم خارجها ولكل منهما مبرراته وقناعاته .. وكما اني أتذكر جيدا بأن معظم المنضوين في مكونات الحراك الجنوبي السلمي ، قد كانوا ينظرون إلى غالبية إخوانهم الجنوبيين المعارضين وعلى رأسهم شاغلي الوظائف العليا في الحكومة اليمنية على إنهم أعداء و يشاطروا الاحتلال اليمني الهيمنة على أبناء شعبهم الجنوبي ، وشات الأقدار في العام (2015) بأن تضعنا أمام إختبار ثوري حقيقي لكل من كانوا يرفعون شعار التحرير والإستقلال للجنوب قبل غيرهم من الذين لم يرفعوا ذلك الشعار .. وقد أثبتت رحى الحرب الشمالية الثانية على الجنوب فرض امتحان ثوري وكشف كل دعاة التحرير والإستقلال بمرحلية فرز بين من هو صادق قول و فعل في تقديم التضحيات وبين من هو مدعي كاذب يقول ما لا يفعل ، وهذا ما أفرزته حصيلة الاعتصام في العاصمة عدن التي كانت تكتض بثور الحراك المعتصمين أبان الحرب فلو كانوا جميعهم صادقين في القول والفعل بتضحية من أجل أرض الجنوب ، لما أفرغت ساحة الاعتصام من ثوار الأرياف إلا من رحم ربي وما كأن اجتاح الغزأه العاصمة الجنوبية ، ولكنهم تركوا أبناء عدن يواجهون مصيرهم في التصدي للمليشيات الحوثي وعفاش على رغم من عدم معرفتهم استخدام السلاح بشكل متقن .. فكما قرعت طبول الحرب من للانقلابيين على العاصمة الجنوبية وانتجت عملية فرز ثوري لمن كانوا يرددون شعار عاصمتنا عدن إلى القيامة ، ولكنهم تركوها قبل قيام الساعة وذهبوا إلى أريافهم والبعض منهم محمل بالغنائم و الآخر شارد بجلده ، وبعد ان تحقق التحرير والتطهير للمحافظات الجنوبية بفضل تضحيات المقاومة المسنودة من التحالف العربي بقصف جوي ، ومن هذا الإنتصار المسطر بدم الأبطال في ملحمة دحر وطرد القوات الشمالية العسكرية والأمنية من على أراضي (عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت الساحل والضالع )، فان هذه المناطق المحررة أصبحت في أيدي أبناء الجنوب كافة سلطات التنفيذية والمحلية والأمنية والعسكرية بالإضافة إلى الحزام والنخب ، وكما يقال بالبلدي (حب صافي) جنوبي .. وفي تقديري بأن مضي مدة ثلاث سنوات على المحافظات الجنوبية المحررة وهي بأيدي الجنوبيين ، فإن هذه المدة الزمنية كافية بما فيها من إيجابيات وسلبيات ، وكشف عورة كل الجنوبيين بشقيهم من كانوا ثوار في الحراك ومن كانوا في السلطة اليمنية ، من خلال عملية الفرز للوطنيتهم تجاه الوطن الجنوبي ، وبما ان الحقيقة الوطنية المره الصادمة هي بأن يتحولون دعاة الحرية والاستقلال للجنوب أرض وانسان إلى شقاة على أرضهم مقابل (الف سعودي) ثمن التفريط في السيادة الوطنية للأرض والإنسان الجنوبي الذي يستباح دمه وعرضه من قبل جنودنا البواسل لإشباع رغبة المهيمن العربي عليهم وهذا ما أثبتته احداث أواخر شهر يناير المنصرم في العاصمة السياسية المؤقتة ، وقد يتكرر المشهد على خلفية أحداث جزيرة سقطرى .. و أما الحقيقة التي لم نكن نتوقعها من جنوبي الشرعية الذين كنا نعدهم أعداء القضية التحررية ، بان يصبحوا أكثر وطنية و يدافعون عن السيادة الوطنية للجنوب وعدم السماح للداعم العربي من التدخل في الشأن الداخلي ، على الرغم من اختلفنا معهم لكونهم مع يمن اتحادي ونحن مع استعادة الدولة الجنوبية وبنائها ، لكن على مايبدو بأن العالم أجمع بات يدرك حقيقة واحدة عنا بأننا لسنا أهلين لقيادة دولة جنوبية مستقلة و هذا ما أثبته من فرطوا في سيادة أرض الجنوب وغرتهم أموال ابوعقال في الاستعداد والتأهب للقتال الجنوبي الجنوبي تحت ذريعة محاربة الإخوان والشرعية الجنوبية التي أفرزتها نتائج الحرب بين صنعاءالمحتلةوعدن المحررة التي أدخلت ( الجنوب في مرحلة فرز وطني)!! ..