ما أهمية زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لدول أوربية كالنمساوسويسرا والتي حشد لها الإعلام الإيراني والإعلام العربي الموالي لإيران كل وسائل الأضواء الإعلامية والدعائية المثيرة للاهتمام من جانب والمثيرة للتساؤلات من جانب آخر. وما هي النتائج المؤملة إيرانياً من الجولة الروحانية. وما الذي سيعود به روحاني من أوروبا والتي يسعى من خلال زيارته لها إلى كسب مواقف الدول الأوروبية فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني والعقوبات المفروضة على طهران عقب الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي! إضافة إلى آمال الرئيس الإيراني الكبيرة في أن يقنع الأوروبيين بعدم الرضوخ لتهديدات ترامب الأخيرة لهم من مغبة الاستمرار في التزود بالنفط الإيراني والذي دخلت عملية منعه وحظره عن السوق الأوروبية حيز العقوبات القاسية ضد إيران. ولكن ما الذي يملكه النمساويونوالسويسريون وما الذي في وسعهم أن يقدموه للملا روحاني؟ سويسرا كانت وجهة روحاني الأولى وفيها جدد روحاني دعوته المتسولة دعم الأوروبين للاتفاق النووي كعادته- ولابد للسيد روحاني طالما وهو في بلد البنوك أن يعرج هرولة إلى أحد بنوكها للتشيك على أرصدة قادة الحرس الثوري حكام إيران الأقوياء إذ لا يعدو روحاني أمام محمد علي جعفري وعلي شمخاني وقاسم سليماني لا يعدو عن موظف بسيط لا يحق له أن يدخر حساباً مالياً واحداً في بنك سويسري واحد! وفي فيينا عاصمة النمسا التي تقود رئاسة منظومة الأتحاد الأوربي في دورتها الاعتيادية الدورية والتي شهدت التوقيع على الاتفاق النووي قبل ثلاثة أعوام أطلق روحاني منها تهديده ومفاده انه في حالة طبق حضر تصدير النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية فأن إيران ستغلق مضيق هرمز ولن تسمح لكل الإقليم الآسيوي والخليجي بعبور صادراته النفطية من مضيق هرمز على حساب النفط الإيراني! ويبدو أن روحاني متأثر إلى حدٍ كبير بفلسفة الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر وكتابه الثوري (فلسفة الثورة) وقراره التاريخي تأميم قناة السويس في العام 1956م والذي كان سببا مباشرا للعدوان الثلاثي على مصر. بيد أن عبد الناصر لم يتسول في لندن يومها ولم يخطب ود ورضا السيد أنتوني إيدن كما يفعل روحاني اليوم وهو يتسول ويخطب ود ورضا رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي! النمساوسويسرا ليست ألمانيا وفرنسا..! والأوروبيون وأن تفهموا ضرورة بقائهم ودعمهم للاتفاق النووي الإيراني غير أنهم لا يستطيعون تقديم أي شيء للإيرانيين أمام ضغوطات واشنطن المستمرة للأوروبيين والتي تتصاعد حدتها مع كل محاولة أوروبية للتقارب مع إيران عبر الضغط الأوروبي على طهران من أجل تقديم تنازلات حقيقية تتم بموجبها عودة واشنطن للاتفاق النووي مع إيران من بوابة أوروبية! إيران التي تشهد موجة اضطرابات شعبية واسعة منذ ما يقارب الشهر تواجه حزمة من التحديات الداخلية والخارجية الصعبة والتي قد تختلف كثيراً عن جملة التحديات التي واجهها النظام الإيراني في السابق ومؤشرات الربيع الإيراني تتصاعد في إيران شهدت العاصمة الفرنسية باريس أكبر مؤتمر سياسي للمعارضة الإيرانية بزعامة المعارضة السياسية الإيرانية مريم رجوي نهاية يونيو الماضي والذي يبدو أن توقيت انعقاده له تأثيرات سياسية مؤثرة على الداخل الإيراني المشتعل بالاحتجاجات المناهضة للنظام مع تبني المؤتمر إعلانه قيام ما بات يعرف بالمقاومة الإيرانية الحرة! روحاني لم يخفِ نوايا إيران الواضحة لدى الأوروبيين الصغار! وتمنى على صغار أوروبا أن لا ينصاعوا لرغبات واشنطن بخصوص الاستهلاك الأوروبي للنفط الإيراني وأن عرج قليلاً على ملف الاتفاق النووي إلا أنه وعلى ما يبدو أدرك أن لا فائدة تُرجى من الأوروبيين الكبار في برلينولندنوباريس! ولعل هذا ما يفسر زيارته اولا لدول أوروبية كالنمساوسويسرا كرفع عتب أوروبي مسبق لروحاني قبيل زيارته إلى أوروبا من قبل قادة الدول الأوروبية الكبرى الثلاث؛ والتي يبدو أن حجم الضغوطات الأمريكية عليها ستغير كثيراً من توجهها المتقارب مع إيران! وليس أمام روحاني من خيار غير ممارسة رياضة التنازل أكثر مع واشنطن وقد بدأ روحاني في سويسرا كمتسول سياسي بائس في الوقت الأوروبي الضائع رغم كرم الأوروبيين عن طريق توجيهات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لرئيس الوزراء السويسري والتي قضت منح روحاني ساعة سويسرية فاخرة عند عودته إلى إيران خالي الوفاض وبخفي حنين عربيين..!!