على ما يبدو أن وباء «حمى الضنك» بات يطارد السكان بمحافظة شبوة في كل شيء، فمن حياة بائسة صعبة يعيشها أغلب المواطنين بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة جراء استمرار الحرب في اليمن، والتي يصفونها ب«الحياة الضنكة»، إلى مرض فيروسي بات ينتقل بين المواطنين في العاصمة عتق، وبعض مديرياتها عن طريق البعوض، ويسمى فيروس «حمى الضنك». ومؤخراً وبشيء من التدقيق، انتشر في العاصمة عتق وضواحيها هذا الفيروس بشكل ملفت في أكثر من حارة، لكونها البيئة الخصبة للعدوى بسبب انتشار القمامة، والمياه الآسنة وكثافة البعوض التى تعيش فيها، وسط قلق ومخاوف لدى المواطنين في المحافظة. وفي ظل الانتشار الكبير لوباء الضنك في محافظة شبوة، تصر ووزارة الصحة التابعة لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، على التعامل مع انتشار الوباء الفيروسي بتراخٍ شديد، إضافة إلى غياب دور المنظمات الدولية والمحلية، ما اضطر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى تدشين حملة إلكترونية، لإظهار معاناة المواطنين الذين يفتك بهم وباء الضنك منذ أشهر. وضع كارثي وفي السياق ذاته، قال رئيس فريق الاستجابة السريعة بمدينة عتق صالح راجح الخليفي، إن الوضع الوبائي لمرض حمى الضنك ينذر بكارثة انسانية، مع تزايد الحالات واتساع رقعة الوباء وتكاثر مصادر وبؤر البعوض الناقل للمرض، مشيراً إلى أن فريق الترصد الوبائي وفريق الاستجابة السريعة بعتق، رصد أكثر من 117 حالة مرضية منها 3 حالات نزفية وحالة وفاة واحدة، إضافة إلى التقصي الحشري والتفتيش للبؤر ومصادر البعوض الناقل لمرض حمى الضنك في أكثر من حارة بالعاصمة. وعن إعداد تصور للوضع الوبائي بمدينة عتق، من أجل التدخل السريع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أوضح الخليفي أنه تم إرسال التصور لعدة منظمات ومؤسسات وجمعيات خيرية لأجل التدخل السريع، لا سيما وأن الوباء يفتك بالناس والحالات في تزايد، مشيراً إلى عدم تلقيهم أي تجاوب من أي جهة لأجل التدخل ولو بالشي اليسير. ودا «أهل الخير والعمل الانساني» للتدخل السريع لإنقاذ حياة أهلهم وإخوانهم من أبناء وساكنين مديرية عتق من هذا الوباء الفتاك. مناشدات بدوره، ناشد مدير مكتب الصحة والسكان بمحافظة شبوة، الدكتور ناصر حسين البعسي، السلطات المحلية بالمديريات والمحافظة وأجهزتها المعنية بالإصحاح، والمنظمات الدولية للقيام بدورها في اتخاذ التدابير اللازمة في مكافحة حمى الضنك بشبوة، وبأولوية دعم وإسناد خطة فريق الاستجابة السريعة بمديرية عتق، ومساعدة خطط المديريات الرامية الى كشف وإزالة مصادر وبؤر توالد البعوض الناقل والقيام بحملات الرش لتخفيف كثافة البعوض، والقيام بالتوعية المجتمعية لتعزيز معارف الأفراد والأسر بأهمية الاصحاح المائي. وقال إن «مركز الملك سلمان للإغاثة والإعمال الإنسانية» أوقف برنامج مكافحة حمى الضنك بالمحافظة منذُ نوفمبر الماضي، بسبب انتهاء المرحلة الاولى التي نفذتها «مؤسسة العون للتنمية» في تسع مديريات فقط، مطالباً بتجديد البرنامج وأن تشمل المرحلة الجديدة كافة مديريات محافظة شبوة، لكون الضنك قد بات مستوطناً فيها وتجتاحها فاشيات الضنك سنوياً منذُ عام 2001م. ودعا البعسي المنظمات الدولية والقطاع الصحي الخاص إلى تقديم يد العون والمساعدة للمرضى في المستشفيات العامة والخاصة، من خلال دعم المستشفيات بالمحاليل والأدوية وكافة المستلزمات الطبية التي يحتاجها مرضى حمى الضنك. ماراثون عبثي بدوره، قال الناشط فرج علي خلال حديث ل«العربي»، إن الصراع على المحافظة بين «الشرعية» والإمارات والتعبئة بين الطرفين، كان من الأولى تعبئة هذه الجهود المهدورة والامكانيات المبذولة عبثا في عملية لن يكون لها مردود، في جهد وطني شامل لمساعدة سكان العاصمة المنكوبة بحمى الضنك، مشيراً إلى أن النخب المتصارعة، لا تهتم بمصير هذه المدينة المنكوبة، وما يواجهه سكانها من أوبئة كارثية، واهدار امكانيات طائلة في قضايا، هي الأبعد من معاناة المواطنين وعن كل ما له صلة بتحسين شروط حياتهم المعيشية. وأوضح علي أنه في الوقت الذي يجري فيه هذا الماراثون العبثي، هناك مئات من المرضى الذين يتكدسون في وضعيات مزرية أمام المستشفيات والعيادات الخصوصية، بسبب تجاوز هذه البنيات الصحية لطاقتها الاستيعابية، لفرط انتشار وباء «الحمى الوافدة». ودعا طرفي الصراع إلى مراجعة مواقفمها من المواطنين ومعاناتهم، والإدراك بأن الأزمة الحقيقية ليست في ما يتدافعون حوله، وإنما الأزمة الحقيقية تكمن في تحطم ثقة الجماهير كلياً بسبب هذه العبثية المبنية على مصالح بعض النخب، مع إهمال تام ومقيت للمواطن ولظروفه وما يقع في صلب اهتمامه ومصالحه.