«الآن أستطيع استخدام الهاتف وأتصل لأسرتي في أي وقت من دون مساعدة من احد لمعرفة الرقم، وأقرأ تاريخ إنتاج وانتهاء المواد الغذائية»، تقول صباح (26 عاماً وأم لطفلين)، بعدما التحقت بأحد مراكز محو الأمية في مدينة ذمار، وسط الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها اليمن، رفعت من نسبة الأمية وأثرت على برامج مكافحتها وحتى مخرجاتها. لدى صباح طفلين، أحدهما في الصف السادس الابتدائي، تقول إنها انتقلت من الريف في منطقة عتمة إلى مدينة ذمار، وإن حنينها إلى التعلم والقراءة والكتابة، دفعها إلى الدراسة في محو الأمية. وتضيف أنها أصبحت الآن في «الصف الثالث وابني بصف سادس، هو الذي يذاكر لي ويحفظني الحروف والأرقام». وتتابع «في الامتحانات ابنتي تحفزني ان تكون درجاتي أفضل منها». تبتسم صباح أنها أصبحت تتفوق الآن على ابنتها «الآن بالدرجات والترتيب بين الأوائل». تشرح صباح أنها أصبحت قادرة على استخدام الهاتف والاتصال بأسرتها في أي وقت من دون مساعدة من أحد لمعرفة الرقم، وقراءة تاريخ إنتاج وانتهاء المواد الغذائية، وتشكو أنها «إلى الآن لا أستطيع قراءة القرآن، والُمدرسة قالت مع الوقت أقدر اقرأ»، وتوضح «في الصباح أنهي الأعمال المنزلية، وفي العصر أذهب إلى المركز للتعلم، بدل الذهاب إلى المجالس النسائية، وفي الإجازة أقدر اروح أي مكان».
توسع الأمية وبالتزامن مع إحياء «اليوم العالمي لمحو الأمية»، في الثامن من سبتمبر كل عام، تعرض التعليم في اليمن لنكسات إضافية رفعت من نسبة «الأمية»، التي كان اليمن يعد فيها من أبرز الدول العربية المتصدرة لانتشارها بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40%، وسط غياب الإحصائيات الدقيقة حول مجمل التأثيرات التي تركتها الحرب، بعد ما يقرب من اربعة أعوام، في نسبة الأمية تحديداً. ولم تغب مرافق محو الأمية عن آثار الحرب بالحد من توسعها وأدائها عموماً، حيث تقول مُلك أحمد، والتي تدرس في إحدى مراكز التعليم الخاص بمحو الأمية في صنعاء ل«العربي»، إنه بالإضافة إلى المعوقات التي تواجه التحاق العديد من النساء ب«محو الأمية»، فإن بعض من يلتحقن لا يكملن المراحل المخصصة بسبب الأوضاع غير المستقرة لأغلب الأسر، والظروف الخاصة بالمعلمين والمعلمات.
لا توسع من جانبه، يوضح رئيس جهاز محو الأمية وتعليم الكبار، أحمد عبدالله أحمد أن أهم العوامل التي تعيق التوسع في برامج محو الأمية، تتمثل ب«الوضع الراهن الذي تعيشه بلادنا خلال هذه الفترة من حرب وعدم استقرار، وعدم توفر البنية التحتية لمحو الامية، وشح الإمكانات والتشتت السكاني، فضلاً عن ضعف الحالة الاقتصادية للأسر اليمنية». ويضيف أن «الأمية تمثل عائقاً قوياً وتحدياً كبيراً أمام التنمية في اليمن، كونها تقوض تنفيذ الكثير من البرامج التنموية في مختلف المجالات»، بالإضافة أنها «تفرز آثاراً سلبية ومشكلات اجتماعية واقتصادية وثقافية بين أوساط المجتمع»، معتبراً أن ذلك يستدعي «تعزيز ومضاعفة الجهود المبذولة للقضاء على ظاهره الأمية، باعتبارها مسؤولية وطنية أمام الجميع، حكومة أو منظمات مجتمع مدني أو أفراداً، وبالشراكة والتعاون مع جهاز محو الأمية وتعليم الكبار». ويتابع أحمد أنه «برغم الحرب و الأوضاع السيئة التي تعيشها بلادنا منذ قرابة الأربع سنوات، إلا أن هناك العديد من الجهود المبذولة في مجال التأهيل وبناء قدرات العاملين في جهاز محو الامية وفروعه في المحافظات، من خلال تنفيذ العديد من ورش العمل والدورات التدريبية للمدربين ومدربي معلمات الريف، فضلاً عن الجهود المبذولة لتوفير معلمات في الارياف والمناطق النائية».
مسوؤلية الجميع ويدعو رئيس جهاز محو الأمية و تعليم الكبار، في تصريحه إلى تضافر جهود الجميع، مؤسسات وأفراد، لتفعيل المشاركة المجتمعية باعتبارها مسؤولية وطنية، بتحققها تكون التنمية المستدامة لكل مواطن يمني في سبيل الدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، كما يشدد على أهمية «بناء شراكات حقيقية مع منظمات المجتمع المدني، وشركاء التنمية المحليين والخارجيين، من اجل تفعيل المشاركة المجتمعية في انشطة وبرامج محو الامية وتعليم الكبار». ويرى أحمد أن منظمات المجتمع المدني تتحمل مسؤولية «في هذا الجانب من خلال بناء شراكة حقيقية مع الجهاز، وتوجيه انشطتهم وبرامجهم في محو الأمية وتعليم الكبار»، ويدعو في ختام حديثه «الأجهزة الإعلامية الرسمية وغير الرسمية، للاهتمام بمحو الأمية وتعليم الكبار، والتعريف بخطورتها وضرورة اجتثاثها من مجتمعنا، باعتبارها المشكلة الرئيسية لظاهرة التخلف والفقر».