عام مضى منذ ووري جثمانك الثرى..عام مر بكل لحظاته التعيسة والسعيدة وانت ترقد في لحد القبر وحيدا يدثرك التراب ويلتحفك الكفن..عام منذ أن رحلت وترجلت عن قطار الحياة التي أحبتك وأحبك كل من فيها,وعشقوا بساطتك ورجولتك وشهامتك وأحبوا إنسانيتك..عام أيها الراحل منذ أن اغتالتك أيادي الغدر والخيانة والدناءة لم ننسك فيه لحظة,ولم تفارقنا برهة ولم تغب عنا دقيقة..فأينما حللنا وارتحلنا وأنت معنا ترافقنا نسامر أطيافك ونعانق روحك , ونتدارس كلماتك,ونسير على ذات طريقك..أينما حللنا وارتحلنا نتذكر مواقفك,بطولاتك, مآثرك,صمودك,إقدامك,شجاعتك..نتذكرك فنترحم عليك ونستجر من الأعماق النهدات,ونذرف من الأحداق الدمعات. نتذكر أنك من أسس بنيان تلاحمنا وتعاضدنا وبث روح الإخاء والتآلف فيما بيننا وزرع حب التضحية والإقدام والإستبسال والذود عن الأرض والعرض بداخلنا..نتذكر أنك من قدم الغالي والنفيس في سبيل أن تظل راية الحق خفاقة,وتظل لودر آمنة مطمئنة ينعم أهلها بالسكينة والهدوء والسلام..نتذكر أنك تركت أطفالك في المهد صغارا وأمك على حافة الرحيل كهلاً وقدمت روحك فداء للودر ولم تبال بذاتك لان ذاتك كما كنت تقول"ليست أغلى من تربت مهدك ومدينتك ومسقط رأسك"..عام أيها الراحل لم يمر مرور الكرام ولم يترك لنا لحظة للفرحة والإبتسام,بل كانت لحظاته تخلف في القلب والجسد جراحا لم تندمل ولن تندمل,فمصابنا الكبير كان برحيلك وتوالت مصائبنا وأحزاننا واوجاعنا واهاتنا والآمنا ومع ذلك لم تزدنا إلا قوة وصبر وعزيمة..عام قدمنا فيه الأرواح وفارقنا فيه الاحباب من أجل أن لانحيد عن طريقك التي رسمت لنا ووصيتك التي تركت لنا.
عام ربما يكون خلف لنا من الأوجاع والأنات والآلام الكثير وربما يكون ورثنا قهرا وحزننا سيظل يرافقنا أبد الدهر ولكن رغم معمعة الحياة وتقلباتها وتعاقب الفجائع وتواليها لم نفكر في أنفسنا بل كنا نفكر فيك وفي أمثالك الذين لم يتوانوا برهة في الدفاع عن أرضنا وأهلنا ومدينتنا وكيف أنكم وهبتم لودر الأرواح وضحيتم بربيعات العمر التي لم تمضي في رحلة الحياة إلا الشيء القليل فندرك إنك وأمثالك أثرتم أن نحيى وتفنون أنتم.
اليوم ايها الراحل يكتمل العام الأول لرحيلك وتنقضي ذكراه..ذكراه التي لم ننسك فيها لحظة بل أزداد شوقنا وحنيننا لك , وكبرت بداخلنا مواجع الفراق وعبث الحنين بحنايا قلوبنا,ويمزق أوصالنا,أيها المسجي في اللحد أعتاد الكل على أن الموت يخطف الأرواح وعلى ان الأيام تنسي الإنسان الراحلون مهما طال أمد ذكراهم إلا أنت,كلما أزداد أمد رحيلك أزداد حجم إشتياقنا لك وحنيننا لك,بل أن الأيام تنكي لحظات الذكرى معك وتفتش اللحظات بين حنايا الذاكرة كل اللحظات التي تختزن لك شيء من الذكرى.
أيها الراحل إن كانت ستصلك رسالتي وأنت في اللحد وأن كنت ستسمع كلماتي فاعلم أن كل من تركتهم ومن عرفك ومن لم يعرفك يفتقدك ويتذكر كل كلماتك ويترحم عليك كلما هبت رياح الذكر "بسيرتك العطرة"..فلتعلم أن شوارعنا ومنازلنا وكل بقاع مدينتك الطيبة تتذكرك ولم تنسك لحظة ولم تغب عن خيالها برهة..