بعد ان ادى اليمين الدستورية تواصلنا مع المحامي معالي وزير العدل وطرحنا عليه الاسئلة التالية: "تركة" ثقيلة ورثها معالي وزير العدل علي هيثم الغريب، وذلك بسبب التحديات والملفات المثقلة بها الوزارة، من ملف المتهمين بارتكاب جرائم ارهابية وفظيعة والاراضي والموارد المالية المنهوبة وكيفية استرداد المهربات، وحماية القضاة من الإرهاب، كل هذه الأمور تقف حجر عثرة أمام معالي وزير العدل. وأول هذه التحديات، التي يواجهها معالي الوزير هو تحدي التصالح بين مؤسسات الدولة والاجهزة الامنية ومع رجال الأعمال والمستثمرين والملاك الذين تعرضت تجارتهم للنهب والسلب والاستيلاء والتحايل. لكن بداية سنتحدث معكم حول التشريعات والقوانين هل هي كافية؟! معالي وزير العدل (مبتسماً): بين ايدينا تشريعات وقوانين تكفي لإدارة العالم، ولكنها على كثرتها غير منسجمة وبعض موادها وإحكامها متناقضة، لدرجة أن هناك قانوناً قد يبرئ متهما، وقانوناً آخر يدينه.
عدن الغد: ما هي اهم هموم القضاة من وجهة نظركم؟! معالي وزير العدل: هموم رجال القضاء والعدالة كثيرة، ولكن أهمها 8 مشاكل، وهي التي تعطل تحقيق العدل في المحاكم.. بطء التقاضي.. قلة عدد القضاة.. كثرة وتناقض التشريعات (هناك غابة من التشريعات التي افقدت هيبة القاضي والقضاء) .. قاعات المحاكم "غير كافية".. الإرهاب ضد القضاة .. عدم تنفيذ الأحكام او البطء (ايضاً) في تنفيذها، نقص الخبرة وهذا أحد أسباب تناقض الأحكام، نقص الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة، وغير ذلك من الهموم.
عدن الغد: كيف ترى العمل في وزارة العدل؟! معالي وزير العدل: يبدو أن الطريق غير مفروش بالورود أمامنا وامام رجال العدالة (رغم ان القضاة اغلبهم اصدقائي وتربطني بهم علاقات جيدة) في القيام بعملهم المقدس بإنصاف المظلوم والاقتصاص من الظالم، حيث يعاني القضاة الذين هم صمام أمن المجتمع، وأحد أهم جهاز يدل على وجود الدولة، وحراس القانون، والمدافعون عن الحق في مواجهة الجريمة والقهر الظلم، من مشاكل عدة، وهموم تصعّب من أدائهم رسالتهم في كل يسر وسهولة. عدن الغد: كيف ترى الواقع القضائي والامني اليوم خاصة في عدن؟! معالي وزير العدل: ماذا اقول لك؟! اليوم تسود شريعة الغابة محل شريعة القانون، والانسان ينهار يوماً بعد يوم، وكما تعرف ان الامن والقضاء شريكان ويلعبان دوراً رئيسياً لقيام الدول واستمراريتها، وأبرزت قيمتهما كل الشرائع السماوية واهتمت بالقضاء النظم والدول باعتباره معيارا أساسيا لقياس تقدم الشعوب. عدن الغد: ولكن كيف يمكن حماية القضاة في ظل هذه الانقسامات السياسية خاصة في عدن؟! معالي وزير العدل: إن حماية القضاء تأتي في إطار منظومة متكاملة تتضافر فيها جميع جهود مؤسسات الدولة، خاصة فخامة الاخ الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الداخلية والشرطة والاجهزة الامنية والعسكرية، وعلى الوسائل الإعلامية التي نتمنى ان تعمل على نشر الثقافة والوعي القانوني بماهية دور القاضي في المرحلة الراهنة والأعباء الملقاة على كاهله والتحديات التي يواجهها، وذلك لمعاونة القضاء في تنفيذ قراراته وأحكامه.
عدن الغد: ما معنى استقلالية السلطة القضائية؟! معالي وزير العدل: استقلالية القضاء لا يعني سن ألف قانون او معرفتها والتحدث بها رغم ضرورة ذلك، ولكنه يعني الرضا المجتمعي تجاه حماية منظومة العدالة، وتعني حياد القاضي من أهم ضمانات التقاضي وحقوق المتقاضين باعتبارها الخطوة الأولى على طريق تحقيق الاستقلالية، والاستقلال الحقيقي للقضاء يكمن في احترام القوانين والأعراف القضائية والانحياز الواضح للعدالة المجردة. عدن الغد: ما هو ما يجب ان يقوم به القاضي؟ معالي وزير العدل: على القاضي ان يحافظ على الضمانة التي منحت له كاحترام الناس له، متحصنا بعدله وحياده، وينعم بهيبة ومكانة توارثتها الأجيال خاصة في عدن، وتجنب الانزلاق في إشكاليات الرأي العام الخلافية، والتفرغ للبحث عن العدل، وأن يحكم بما هو مطروح عليه وأمامه من مقدمات تؤدي إلى نتائج لا يجوز له الانحراف عن مقتضاها، وألا يتأثر من الطعن والاستئناف فهي اللغة الرسمية للطعن عن الأحكام وليس الهجوم على شخص القاضي أو استهدافه. عدن الغد: ما هي اهم القضايا واخطرها التي تواجه القاضي؟! معالي وزير العدل: انتم تعرفون ان القضاء اليوم يقف على خط النار في مواجهة خصومات تتصف بالإجرام سواءً قضايا القتل العمد والاراضي ونهب الاموال والفساد وتتعارض فيها المصالح، والمتقاضون قد يكونون او احدهم من هؤلاء الاشرار، وفي ظل ظروف استثنائية لم تتعرض لها البلاد من قبل، وهو ما يفرض بدوره على القاضي مزيدا من الثبات والقوة والمسؤولية تجاه اتخاذ مواقف محايدة لا لبس فيها مما يموج به المجتمع من انقسامات وعدم السقوط في التصريحات التي قد تكشف قناعاته أو موقفه السياسي، لأن ذلك يؤثر في ثقة المتقاضين في أحكامه ويضعها بموقع الشك. عدن الغد : نحن نعرف أن القضاة يعيشون في خوف من عدم وجود الامن الكافي لحمايتهم، ما هي الطرق التي ترون ضرورتها لحمايتهم؟! معالي وزير العدل: بإذن الله سنضع عددا من الإجراءات اللازمة لحماية القضاة، سواء في عملهم أو في مساكنهم، وستقوم الوزارة باستحداث ادارة عامة للأمن القضائي لحماية القضاة ودور العدالة. صحيفة عدن الغد: هل هناك مخارج عملية لتصحيح وضع وزارة العدل؟! معالي وزير العدل: هناك مخارج عملية كثيرة ولكن عندما تسيس عمل الوزارة لحق الظلم بأغلب القضاة والموظفين، واليوم التسوية مطلوبة ولكن لن نكتفي بها .. علينا تطبيق القوانين بحيث يصبح كل قاضٍ وموظف في المكان الذي يستحقه نتيجة خبرته وتخصصه وسنوات عمله. وعلى كل قاضٍ او موظف ان يحمل الرقم الوطني. صحيفة عدن الغد: ولكن كيف يمكن التخلص من مصيبة تسييس القضاء؟! معالي وزير العدل: سندرس الامر بتروٍ ولكن يمكن في المرحلة الاولى ان تعلن وزارة العدل عن حاجتها لشغل الوظائف التي سنبينها طبقاً للقانون والشروط الموضحة ببطاقة تسمية او وصف الوظيفة او الوظائف والتي يمكن الإطلاع عليها من قبل المتقدمين. ومن هنا تأتي معرفتنا بالوظيفة الحالية او الدرجة الوظيفية للمتقدم والراتب والتأهيل العلمي والمؤهلات الإضافية (ان وجدت) والتدرج الوظيفي وكذا الإجازات والندب والمدة القانونية التي قضاها في المرتبة الوظيفية القضائية. وشهادة الخبرة للوظائف التي شغلها المتقدم، الدورات التدريبية ونوعها ومدتها ومكانها ،العلاوات التشجيعية، وخطابات التكريم ان وجدت وبيان عن أبرز إنجازات المتقدم وإسهاماته في السلطة القضائية او الادارة التي يعمل بها مدعما بالمستندات المعتمدة والمؤيدة لذلك . وتسلم الطلبات شخصيا باليد لمكتب وزير العدل، وهنا يحصل التنافس الحقيقي بين المتقدمين وتنتهي المحسوبية وتسييس الوظيفة التي دمرت بلادنا. من جهة اخرى طرحت صحيفة "عدن الغد" على الاستاذ علي هيثم الغريب وزير العدل مطالب القضاة حيث وانهم كانوا يقومون بإضراب جزئي والآن يقومون بإضراب شامل إبتداءً من تاريخ 9 ديسمبر 2018 م وذلك حتى يتم إنفاذ قرار مجلس القضاء الأعلى بشان التسويات لأعضاء السلطة القضائية التي تم إصدارها قبل خمسة اشهر والمرفوعة لرئاسة الجمهورية لإصدار قرار جمهوري فيها؟! اجاب معالي وزير العدل:" ان فخامة الاخ الرئيس ظل داعماً للقضاء طوال السنوات السابقة ولن يتردد حالياً في تلبية مطالب القضاة القانونية. وانتم تعرفون قبل اشهر كان القضاة يطالبون برواتبهم فتحقق هذا المطلب رغم الظروف الصعبة التي خلفتها حرب المليشيات الحوثعفاشية الانقلابية. والمجلس الاعلى للقضاء يلعب دوراً ايجابياً في احقاق حقوق القضاة وله بصمات ايجابية بهذا الخصوص والإجراء". واستذكر معالي وزير العدل الاستاذ علي هيثم الغريب مقولات بعض رؤساء البلدان وهم يخوضون الحرب وارضهم مدمرة وكيف كانوا يسألون عن القضاء، حيث تذكر مقولة رئيس وزراء بريطانيا الراحل خلال الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل: "اذا كان القضاء والعدالة في البلد بخير فكل البلد بخير ويمكن اصلاح كل شيء"، وهي مقولة تتطابق بالمعنى واللفظ أيضا مع ما قاله الرئيس شارل ديغول، رمز فرنسا الحرة بعد تحرير بلاده من الغزو الالماني حين سأل عن أحوال البلاد ومؤسساتها، فأخبروه أنها بأسوأ حال، فطرح سؤاله الشهير: "هل القضاء بخير؟" فقالوا له نعم، فأجاب: "اذا كان القضاء بخير ففرنسا بأمان". انطلاقا من مبدأ قدرة القضاء على استنهاض المجتمع، يؤيد وزير العدل مطالب القضاة لأسباب عدة، "أولها حق إبداء الرأي بحسب القانون، وبالتالي يحق للقاضي او لأي كان التعبير عن رأيه بالطرق السلمية، وكنت اتمنى ان يكون اعتكاف بدلاً من الإضراب، اي ممارسة رسالة تخفيفية تساعد السلطات الاخرى على التصرف مع القضاء على أنه سلطة مستقلة بحكم الدستور، ويجب اعطاؤه الضمانات التي تصون استقلاليته، ونحن على يقين ان فخامة الاخ الرئيس سيعالج مسألة التسويات المسلمة لرئاسة الجمهوري وإصدار قرار فيها كونها حقوق قضاة قد حرموا من عدة سنوات، وما يقوم به رئيس الحكومة الاستاذ معين عبدالملك من معالجات كثيرة للعاملين في الخدمة المدنية والامنية والعسكرية". وأشار الى ان "مطالبهم القانونية هي على طريق الحل، وكذلك الرئيس هادي يعمل بإيجابية كبيرة على الموضوع". المساعي جارية على قدم وساق لتسوية موضوع القضاة والتسوية ربطا بسلسلة الرتب والرواتب، وكان من السهل ان تضع الحكومة حلاً تشريعياً يقضي بإصدار قانون لتعديل سلسلة الرتب والرواتب في الشق المتعلق بالقضاة، ولكن الحياة غير مستقرة وكذلك الموارد المالية. عدن الغد: ذكرت في مقابلتك في قناة ابو ظبي الرسمية انكم ستقومون بإصلاحات واسعة في السلطة القضائية، ما نوع هذه الإصلاحات؟! معالي وزير العدل: انتم تعلمون ان القضاء ليس بخير، وهذا ليس بسبب القضاة الذين يتمتعون بسمعة جيدة ولكن بسبب منظومة متكاملة، والمطلوب اعادة النظر في المنظومة القضائية بدءا بإنجاز تشكيلات قضائية عادلة، والى تفعيل عمل التفتيش القضائي كي ينقي القضاء نفسه بنفسه، وصولا الى استقطاب قضاة جدد الى السلك القضائي، ورفع قضاة، وذلك احقاقا لمبادئ القضاء نفسه، ان اعظم عمل في اي دولة هو حماية القضاة والقضاء. فخامة الرئيس هادي قال لي: ستقف بعملك امام الله قبل اي جهة اخرى، اعمل من اجل شعبك والله معك. عدن الغد: هناك اتهامات موجهة ضد بعض الجنوبيين والشماليين بممارسة الفساد ما رأيكم في ذلك؟! معالي وزير العدل: لقد ولت الأيام التي كان يدفع فيها المواطن البريء والصادق الى تخوين اخيه والصاق التهم الكاذبة فيه لتشويه صورته وإسقاطه والتخلص منه. وولى زمن اطلاق التهم على المختلفين بالراي .. اليوم لن يسمح شعبنا بتسييس الفساد .. بل محاسبة الفاسدين وفق مستندات وأدلة. هرب المستثمرون والتجار خوفاً من هؤلاء حاملي البندقية غير الرسمية واصبحنا جميعنا فقراء نضرب بعضنا بعضا ... تعالوا نبني وطننا فالعالم يضيق على الكل ولن ننجو الا في سفينتنا .. فإلى متى نظل نهرب من وطننا بسبب صراعات وهمية. عدن الغد: هل يجمعك بالرئيس هادي نهج واحد؟! معالي وزير العدل: يجمعنا بفخامة الرئيس هادي مصير مشترك ونهج واحد... الرئيس خدم الشعب اليمني خدمة عظيمة وها هو المخاض أمامك... هذه حقبة جديدة صنعها الرئيس هادي للشعب اليمني ساهمت فيها مواقفه الواضحة في تمكين المواطنين من ارضهم وهَزَّت أركان المركزية. ونحذر قبل ان نندم ان السلطوية قد بدأت تطل ب"فأسها" نظرا إلى غياب احتمالات مقنعة ببناء مؤسسات الدولة، وتعتمد هذه السلطوية على ثقافة الصراع والتدمير، وبشكل أكبر على أساليب التخوين والاقصاء للوصول الى الحكم.