لعبت الإمارات دور كبيرا في ضرب تحالف صالح وأنصار الله ، وهذا التحالف خرج من تحت أنقاض مغادرة صالح للسلطة التي سلمها لهادي وحينها توعد صالح بهدم المعبد ، القوة السياسية والعسكرية مركزها صنعاء وهي من ترسم ملامح اليمن لان تحالفاتها تنطلق من أحقيتها بالأرض والسلطة والمال والقوة ، عدو الأمس حليفها اليوم وتجيد اللعب بسرعة فائقة على المتغيرات الإقليمية والدولية وتتقاسم أدوارها معهم ببراعة . انتهى صالح وانفرد الحوثيون بالسلطة الموازية التي أسسها معهم لمواجهة الشرعية ، وبقى التحالف العربي يصارع من أجل عودة هادي وشرعيته إلى اليمن ، فلا عاد هادي ، ولا تمكنت الشرعية من الأراضي المحررة ، و أصبح التحالف العربي في غير مأمن من رصاصات الشرعية التي تنطلق اليوم نحو الإمارات . الحوثيون يراقبون الأحداث في المناطق الجنوبية ويدرسون بدقة بحسب محمد علي الحوثي السيناريوهات المحتملة من التصعيد الحالي في الجنوب ، وفي تغريده خرج رئيس المجلس الثوري للحركة الحوثيه يقول (( لا خلاص للمحافظات المحتلة إلا بطرد المحتل والانتهاء من كل علاقة به )) ، بمجمل الأمر شخصت صحيفة الخليج الإماراتية في افتتاحيتها تاريخ 22 أغسطس 2019م الأحداث الواقعة في الجنوب تحت عنوان : (( شرعية تسويق الفشل )) وقالت الصحيفة : (( على الرغم من كل الظروف التي جرت تهيئتها للشرعية لتمكينها من الأرض والعودة إلى البلاد لخوض المعركة إلى جانب شعبها للتخلص من مفاعيل الانقلاب ، لم تستطع إدارة الخلافات القائمة على الأرض بالحوار البنّاء والتواصل مع مختلف الأطراف السياسية والمجتمعية ، لتشكيل جبهة عريضة لإدارة المعركة، واستعادة السلطة التي فقدتها )) ، ولا يخفى على أي متابع مدى خطورة ما آلت إليه الأمور في مجاهرة الشرعية اليمنية عداءها لدولة الإمارات ومطالبتها المجتمع الدولي والسعودية على وجه الخصوص بوقف تدخل الإمارات في الشأن اليمني وان لدى الشرعية ملف متكامل من الانتهاكات الإماراتية وخروجها عن الأهداف المعلنة ، و تجلى عداء الشرعية الصارخ ما قاله سفيرها في الأردن العمراني أن خطر الإمارات تجاوز خطر إيران في اليمن . إخراج الشرعية من عدن حتى أبين عبر قوة الانتقالي الجنوبي لا يعني إنها ستعود مجددا إلى عدن من بوابة شبوة ولا يعني أيضا أن الشرعية من شبوة تحديدا سوف تغير معالم الصراع لتتجه نحو صراع أوسع تدعم فيها ركائزها إلى صنعاء أو أن بمقدورها من شبوة إدارة معارك ضد الانتقالي الجنوبي في مناطق سيطرته ، معركة الشرعية في شبوة جاءت لحماية مصالح أفراد وأحزاب يمنيه مسيطرة على حقول النفط والغاز وستدفع بالكثير إلى محرقة القتال وهي تهدف من معركتها في شبوة أيضا إلى إيقاف الانتقالي الجنوبي من حشد أنصاره وقواته إلى حضرموت وبهذا تبقى المنطقة الأكبر مساحة وثروة وهي شبوةوحضرموت ورقة بقاء الشرعية في المشهد والحل السياسي القادم . توسعت دائرة الصراع بين شرعية سياسية تؤسس لخلق صراع بين السعودية والإمارات انطلاقا من اتهامها للإمارات أنها تضعف سلطتها في المناطق المحررة واتهام الإمارات للشرعية بحسب صحيفة الخليج أنها من أخرت النصر وتحولت إلى جسد خامل ومترهل وغير قادر على إنتاج ما يشفع لها لدى شعبها، الذي وجد أن سلطته التهت بقضايا ثانوية، وطاب لها البقاء في الخارج عوضاً عن تصدر المعارك في مختلف جبهات القتال، وكأنها ترغب في أن يخوض الآخرون حرباً ضد الانقلابيين من دون أن تخسر هي شيئا . بنظرة بسيطة لهذا الصراع الذي تشنه الشرعية على الإمارات نجد أنفسنا في حيرة كبيرة من تساؤلات عده وهي هل ما بعد إخراج الإمارات محملة أذيال الهزيمة من اليمن ستسقط صنعاء في قبضة الشرعية ؟ وهل سيحمل الجنوبيون قادة الشرعية على الأكتاف ؟ وهل سيتوقف أنصار الله الحوثيين عن ضرب السعودية بصواريخهم وطيرانهم المسير ؟ وهل سيتوقف قنص الحوثيون جنود السعودية واختراقهم أراضيها ؟ بل هل إيران بعد مغادرة الإمارات وبلا رجعة ستغلق النافذة التي فتحتها إلى اليمن بسبب قوة الشرعية وعدم انصياعها وصعوبة هزيمتها ؟ وهل سيتقوقع الحوثيون في حزب سياسي مطيع تحت أهداف الشرعية التي أخرجت العدو الأكبر لليمن وهي الإمارات ؟. عداوة الشرعية المفرطة للإمارات ومدى فجاجتها في ذلك ونكرانها دور الإمارات في حماية اليمن و إضعافها التمدد الإيراني على مناطق كبيرة من الأرض عزز اتهام الشرعية بأنها مختطفه من إخوان اليمن الذين لا يقلون عن الحوثيين تعطش للسلطة والنفوذ ورفضهم المطلق التعايش مع الآخر ، وتعزز أيضا أن الشرعية مختطفه إقليميا من دول تسعى بلا كلل نحوا إفشال التحالف العربي ، إذ من غير المعقول أن يبرز خيار آخر للشرعية في الشأن اليمني يلغي السعودية والإمارات كون حق الوصاية لا تعطي القاصر تغييره الوصي ، كما أن مشروع الشرعية الكبير حد وصفها الذي لا يقبل المشاريع الصغيرة يجعلها أكثر احترافية في تطويع كل التحالف والجهات المقاتلة في صفها وطمأنتهم أن القادم في ظلالها هو الأفضل وهذا ما فشلت فيه الشرعية بقوة . من طور الاهتمام المحلي والإقليمي إلى الاهتمام العالمي ومن أمريكا تحديدا اتهمت الخارجية الأمريكية يوم ألجمعه 23 أغسطس 2019م معسكرات تابعه للحكومة اليمنية في عتق و بيحان بأنها مراكز تأوي الجماعات الإرهابية وحذرت أي طرف محلي أو اقليمي من التآمر على قوات النخبة الشبوانية التي تشكل صمام أمان ضد الجماعات الإرهابية في شبوة ، وبهذا توسعت دائرة الصراع بعد أن اختزلت الشرعية حربها في شبوة بدواعي منع الانفصال ومحاربة تمدد الانتقالي الجنوبي وكأن الأمر يخلو من الاستحواذ المطلق على غاز ونفط شبوة ومنع تسييرها إلا في مسالكها القديمة . تدخل مأرب برجالها وسلاحها في إخضاع شبوة بمسمى الجيش الوطني يضع علامات استفهام كثيرة منها لماذا لا تتجه قوة مأرب العسكرية لتحرير ما تبقى من أراضيها ومن ثم تلتحم مع بقية جبهات الشمال لتحرير صنعاء ، أقحمت الشرعية نفسها في متاهات سياسية وعسكرية زادت من معدل خنقها وإضعافها ، وكثير من القوى الضاربة في عمق المعارك لا تعترف أن الشرعية تحمل الاستقرار وهي على الاستعداد للانقضاض عليها متى حانت الفرصة لذلك ، بيان القوات المشتركة في الساحل الغربي يوم ألجمعه الموافق 23 أغسطس 2019م أكد أن ما تتعرض له دولة الإمارات من حملة مغرضة هدفه تشويه دور التحالف العربي كاملا بقيادة المملكة العربية السعودية ولا يعبر عن الشعب اليمني وقواه الوطنية الواقفة في المتارس للدفاع عن النظام والجمهورية واستعادة المؤسسات التي اختطفتها المليشيات الحوثية . رمت الشرعية كل أوراقها في شبوة عسى أن تعود إلى عدن و في الاتجاه الآخر تسيطر على خيرات وثروات حضرموت وقواتها الكبيرة هناك مهيأة للقتال عن حضرموت وغاب عنها أن شبوة تأسست عليها قوة ذات أبعاد إقليمية ودولية من الصعوبة إخضاعها من داخلها أو من البيضاء أو من مأرب وحول شبوة قوات مهيأة لدعمها وقادرة على إدارة معارك متعددة بأنساق قتالية لن تتوقف ،لا خلاف بين السعودية و الإمارات والخلاف بينهما تسعى في إنجاحه الشرعية رغم ضرره الأكبر على الشرعية نفسها فمن ينتصر على الآخر الشرعية أم الإمارات ؟ .