كثيرون هم المتفاخرون بالانتماء لعدن , وقلة منهم اكثر فخرا بالعطاء لها , بالتعلق العاطفي والولاء والاندماج في خصوصيتها , لك الفخر بحجم رصيدك من العطاء للمدينة , التي تظهر للعالم مكتسية عطاء ابنائها , الذين يمثلونها خير تمثيل , فتتصف بهوية اجماع المجتمع بسجاياه وفسيفساءه الزاهية من أطياف وأفكار وثقافات وأعراق , تلك هي عدن مدينة تزورها اسراب من الطيور المهاجرة من كل بقاع العالم , منها من يقتات من سخاء طبيعتها الغناء ويذهب , ومنها من يعشق عدن و يحط ترحلاه فيها , بعطائه صار جزءا اصيلا منها ومصدر فخر . كثيرون هم النوارس القادمون من الشمال , صار الجنوب هويتهم , وثرائهم السخي والمثالي , اليوم نحتاج ان نذكر احد هذه النورس القادم من تربة ذبحان , و صار علما تربويا بارزا في عدن يشار له بالبنان , تربى وترعرع على ارضها و نهل منها علما ومعرفة , نسجت شخصيته وامتزجت بخصوصية عدن وثقافتها , حتى تصلب عوده , وحان وقت الوفاء , وتقديم العطاء لعدن . كان ضمن اوائل المناضلين التربويين ما بعد الاستقلال , في الخدمة الوطنية لانتشال الريف من الجهل والتخلف والمرض , وذهب لجبال شبوة الصعيد ( حبان فرع لقموش ) , كأول معلم في هذه المنطقة التي كان يصل اليها متسلقا بالحبال , منطقة لأول مرة تعرف التعليم وابجديات القراءة والكتابة , انه التربوي والكاتب الصحفي المعروف عبدالرحمن نعمان , ومن لا يعرف هذا الاستاذ القدير مدرس اللغة العربية الذي افنى شبابه معلما وتربويا في مدارس عدن ومديرية الميناء سابقا ( المعلى والتواهي والقلوعة ) بعد ان انهى خدمته الوطنية في الريف , تنقل من مدرسة لأخرى ومن مرحلة لأعلى , مع كل تأهيل جامعي يرتقي به , يصب كل معارفة ومداركه في تأهيل اجيال متعاقبة , حتى نال درجة البكلاريوس لغة عربية , لم يبخل على عدن بعطائه المتميز , كنا معا زملاء المهنة في ثانوية 14 مايو سابقا ( جرادة حاليا ) من الثمانينات حتى الإحالة للتقاعد . هذه المدرسة التي تقع في منطقة البنجسار , وجلس على مقاعد الدراسة فيها ابناء المناضلين وكبار السياسيين ورجال السلطة , ابناء الرؤساء المتعاقبون على اليمن الجنوبي والوزراء واعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية , جلسوا معا على درج واحد مع ابناء الطبقة الكادحة من عمال وفلاحين وموظفين وعمال النظافة , دون تمييز , تخرج على ايدينا كوادر اليوم هم في موقع سلطة القرار والمعنيين بإدارة شئون عدن اليوم . عرفت الاستاذ القدير عبد الرحمن , مدرسا نموذجيا للغة العربية , نموذج في ضبط الحصة الدراسية , ومبدعا بسلاسة في تقديم المعلومة , وعرفه الكثير كاتبا صحفيا بارز في صحف عدة منها عدن الغد والثوري والايام واكتوبر والأمناء ...,مساهما في تنوير العقل والوعي الاجتماعي , كاتب حر يشير لمواقع الخلل وبواطن الفساد والإرهاب , غيورا على وطنه متطلعا للدولة العادلة والمنصفة المتحررة من كل قيود التبعية والارتهان والاستبداد السياسي والديني . استقلاله الذاتي والسياسي اتاح له مجالا في النقد , واتذكر ترشيحه لوسام المعلم النموذجي , وعدم قبول هذا الترشيح من هيئات اصابها نقده الحر , واعتبرته حينها مثيرا للقلق , في موقف سياسي لا مهني . عمر طويل قضاه الاستاذ في خدمة الوطن , وجهد مثمر في تربية اجيال متعاقبة , تتذكره كقامة تربوية لها بصمات في حياتهم المعرفية والتربوية , اليوم انهكه المرض والشيخوخة , ومثله مثل غيره من كوادر عدن المهملة , المحرومة من ابسط حقوقها التقاعدية , من رعاية طبية واجتماعية , براتب تقاعدي زهيد لا يفي بمتطلبات الحياة , كادر حقوقه ضائعة بل مسلوبة . تحية للقامة التربوية والثقافية الأستاذ عبد الرحمن نعمان , وتمنياتنا له بالصحة والعافية وراحة البال , ويكفيه فخرا عطاءه لعدن وسام في صدر الوطن , والله وحده من يتولى المظلومين في هذا الزمن اللعين .