إن للقمم العالية جاذبية لا أحد يدركها الا المتسلقين فهي تستهويهم وتجذبهم اليها حباً وشقفاً ؛ وحتى ينالوا الوصول اليها والتبختر على أعالي قممها ، لابد أن تمتحنهم تلك القمم حتى لا يدركها الا من يستحقها ، كما انهم لا يعلمون ما الذي سيجدونه هناك ولا في الطريق اليها ، لكنهم يعلمون انها ما سميت قمم الا لانها جديره بأن يخوضوا مغامراتها ويبذلوا كل ما بوسعهم حتى يصلوا اليها ، على الارجح هم متوقعون أنهم سيسقطون ويتعثرون ويبكون وربما يندمون على مغامرة كاهذه ، ولكنهم ايضاً يعلمون انهم سينهضون ويتماسكون ويكابرون على اوجاعهم ويمضون ويستمرون في مسيرتهم حتى الوصول.. اما قبل الوصول .. الناظر في اعينهم كالناظر الى قرى خاوية على عروشها، لا يملك لهم سوء أن يقول عظم الله انفسكم في انفسكم وجبر الله خواطركم بما كُسرت. ذاك مرمياً على اكتاف اخر ، واخر ينظر الى القمة فيراها بعيده ثم يكبكب راسه ولا تسمع الا انينه ، وهناك اثنين يتوعدون بالرجوع وعدم الاستطاعة على المتابعة ، بينما هناك آخر قد صرخ في الجميع ، أن قوموا فما نحن هنا حتى نقف وما مضينا حتى نرجع. اما بعد الوصول .. دموعاً زيّنت محاجر اعينهم فرحاً ، ولم يسعه الوقوف فيها بل ذرف على خدودهم شلالاً من المشاعر الجياشة حتى لم تستطع اكفهم عن منعه من الانهمار ، اما ضحكاتهم لا تكاد ان تُشبهها الا بمزامير ال داوود بترانيمها التى انفجرت مع تلك الدموع المنبثقة من اعماق مشاعرهم. يجتاحني كل ما في داخلي حتى اسرد كل ما يشعر به وحداً منهم ؛ولكن هيهات هيهات وانا مازلت في طريقي الى تلك القمم التي قد سبقوني اليها ، ولكن رويداً احلامنا فما نحن هنا حتى نقف وما مضينا حتى نرجع.