بقلم : عبدالله فيصل باصريح يحكى أن ملكاً كان يعشق الصيد في الغابات، وكان له وزيراً يقرأ الطقس، وجاء يوماً أراد فيه الملك أخذ إسرته معه في الرحلة، فأكد الوزير سلامة الاجواء بل روعتها، وما أن توغل الموكب الملكي في الغابة حتى أنقلب الجو فجاءة إلى ماطراً وعاصف، سقطت النساء في الطين، فغضب الملك، وفي طريق العودة لمحوا كوخاً يتصاعد منه الدخان، طرقوا بابه فخرج منه حطاب سأله الملك لماذا لم تخرج اليوم لجمع الحطب؟! أجاب كنت أعرف أن الطقس اليوم سيئ فلم أخرج، سأله الملك بدهشة وكيف عرفت ذلك؟! أجاب الحطاب من حماري هذا؛ أنظر إلى إذنيه عندما أصبح فإن وجدتهما واقفتين عرفت إن الطقس غايماً وماطراً، وإن كانتا نازلتين فالجو مناسباً للحتطاب، نظر الملك إلى وزيره وإلى الحمار، أبلغ الأول بطرده من البلاط الملكي، وأصدر أمراً بتعين الحمار وزيراً للطقس. قد يصبح الحمار وزيراً إذا كان الوزير حماراً، وما أكثر الحمير اليوم وهي تسيطر على الكثير من المناصب. فما كان من الملك إلا أنه تعامل مع الوزير بمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، كان تصرف الملك طريفاً إلا إنه درساً للوزراء والمسؤولين. نحن نعيش في دولة تعج بالوزارات والمسؤولين، الذين تعتبر مناصبهم أكبر من أحجامهم، هناك الكثير من الوزراء والمسؤولين الفاشلين في وظائفهم، وزراء الصحة ومدراء المستشفيات يقولون لنا إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم، وزراء التعليم لا يعلمون عن نسبة الأمية في بلدنا، والكثير من الضباط الفاشلين الذين ضحوا بالابرياء أصبحوا وزراء الدفاع، وتوجد لدينا وزارة الكهرباء والطاقة إلا أن البلاد في ظلام وما زلنا على الفانوس، وزارة العدل التي لا تعرف إلا المال أساس الحكم. كثيرة هي الوزارات وكثيرين هم الفاشلون والقليل هم الناجحون. وعندما عرض أنور السادات على مصطفى محمود أن يتولى الوزارة، رفض قائلاً: أنا فشلت في إدارة أصغر مؤسسة وهي الأسرة، فأنا مطلق، فكيف أنجح في إدارة وزارة؟! مصطفى محمود الفيلسوف والطبيب والكاتب والمفكر، صاحب التسعة وثمانين كتاباً! يقول إنه لا يصح للوزارة فمن سيصح لها؟! لا شك أنه كان يصلح لها، لكنه كان نزيهاً إلى حد الخوف من الفشل! هؤلاء لا نعثر عليهم ولا نجدهم في كل يوم، لا أرى هناك أي عيب في أن تتنازل عن منصب معين تكون فيه عبارة عن كرسي دوار.