مع إطلالة الأول من مايو من كل عام يحتفي عمال العالم بعيدهم السعيد ، وهنا كانت تقام بهذه المناسبة الاحتفالات والمهرجانات الخطابية والفنية وتهادي الكلمات المعسولة بين الناس... وفي حاضرة بلادنا كانت تقوم الهيئات الرسمية والشعبية بتكريم العمال المبرزين وتمنحهم شهادات التقدير والمكافآت اعترافا بفضلهم ورد الجميل لسواعدهم السمراء في البناء والتشييد والإنتاج ودعم الاقتصاد إلا أن العمال في المحافظات اليمنية اليوم يمر عليهم يومهم منكودا ولم تلامس الفرحة شفاهم ... أما سواعدهم القوية بدت مترهلة والحزن ظهر على محياهم ؛ فغالبية الشريحة العمالية تعاني الأمرين البطالة والفاقة وضيق ذات اليد
استطلاع /الخضر عبدالله
الاستياء يعم عدد كبير من العمال بسبب مايصفونه واقع اجتماعي شديد الإيلام ،فالأعمال تراجعت والأجور تدنت ،والأسوأ أن البعض مازال .يحلم بدرجة وظيفية على الرغم من مرور 15عاما على تخرجه وتسجيل اسمه في كشوف الخدمة المدنية من دون جدوى وحسب . وقال أحدهم : ((الوظيفة مستحيلة كعشم إبليس في الجنة فلا حصلنا على عمل حر ولا وظيفة حكومية)).. وأكد المواطن/ محمدالرعوي ((54عاما)) بائع لبان بقوله : ((كان يوم عيد العمال فرحة كبرى ،وقبل الوحدة كانت تنشر الطائرات أنواع الحلوى على الناس وملئت الحقول وأسقف المنازل بالحلويات
وقال:عايض المريسي ((بائع خضار)) : ((في الأول من مايو كانت تستقبل المدن اليمنية العمال وتقام الاحتفالات الكرنفالية بحضورهم والمسؤولين والهيئات النقابية .. وعيد العمال عيد أممي عالمي لايتناسب مع البيئة المحلية ، فالعالم يولي العامل أهمية وحقوق ، ونحن لم توفر لنا فرصة عمل إلا هذا العمل
وتسأل آخر : (لاسكن... لاعمل... لامستقبل ... فمن أين ستأتي الفرحة ؟ نحن جبلنا على الصبر حتى مل الصبر منا لدرجة ان البعض يمشي وهو يكلم نفسه من ضيق الحال وكأنه خارج بلاده وقال / محمود الصبري ل"عدن الغد": ((بعد وفاة والدي أصبحت الدنيا تعب وهم ، وأتمنى أن أحصل على وظيفة
وقال /صالح عبده مانع: ((بائع ساعات)): ((في يوم العيد أطلب الله لكي احصل على المصروف .. وظروفنا هذه الأيام قاسية..
وقال صالح عبده: ضاع الحلم والأمل ونمضي نحو مستقبل مجهول وحرمنا حتى من فرحة الحاضر)).
.. في محافظات الجمهورية اليمنية صور دامية لعمالة يتوزعون في الجولات والشوارع والأرصفة بحثا عن أعمال تقيهم شبح الفقر .. ومشاهد لآخرين يتكومون في الأسواق يبيعون أشياء تافهة لم تكن في حسبانهم .. الوالد / يحيى الرضمي يروي مأساته وفي قلبه حنين لغربة بالنسبة له كانت وطنا : (( ياولدي عن أي عيد تتحدث لقد عشنا في الغربة وكأننا في بلادنا ،بقالة في مدينة جدة السعودية قبل 18عاما بعناها وقدمنا للبلاد وشعارنا ((عز القبيلي بلاده)) كذا بن منصور يقول .. لكننا فوجئنا ببلاد منهوبة يعيش فيها القوي وصاحب المال والمهنجم .. واليوم أنا لدي هذه العربية المدمرة .. أبيع هذه الأشياء وأحاول الحصول على القوت الضروري لأطفالي وأسرتي التي نعاني معها وضعا لا يعلمه إلا الله
وعن هموم العمال وما يعانونه وليسوا عابئين بعيدهم كذلك التقينا بالاخ/ فواز الذماري الذي قال : ((نحن هنا على كفي الرحمن ننتظر من يأتي ليأخذنا للعمل ،سواء كان مواطنا أم صاحب عمل أم مقاولاً،وعندما يطلب منا واحداً فقط يندفع نحو السيارة أكثر من خمسين عاملاً،الكل يريد أن يذهب فتحصل أحياناً فتن ومشاكل بين العمال تصل لحد الاعتداءات والضرب .
وأخيراً يذهب صاحب العمل إلى حراج آخر لأخذ عامل أو أثنين // وعندما سألنا ((فواز)) عن يوم عيد العمال أجاب : ((لاأعرف أي عيد سوى عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك وعيد العمال لا أعلم به ،حتى أذا كان هناك عيد فالعامل لابد أن يبحث عن مصروفة اليومي له ولأسرته في هذا اليوم
علي حميد الابي يقول : ((الشغل هذه الأيام بارد جداً والأسعار مرتفعة جداً.. والأجور التي نحصل عليها لاندري كيف نقسمها ؟ وماذا نشتري بها ؟.. ومن خلال هذه المعاناة لم يبق أمامي في البيت إلا أن حكمت على زوجتي بالتدبير. وأضاف بالقول :"لم يكن أمامها إلا إلغاء بعض الوجبات الاكتفاء بوجبة واحدة او وجبتين )) واسترسل : ((أطالب الحكومة والمسئولين والتجار والأغنياء بأن يشغلوا عندهم أبناء الوطن العاطلين عن العمل الجالسين في الأرصفة والجولات ينظرون من يشفق عليهم أو يشغلهم ويسعدهم ويعطيهم حقوقهم .. بلاً من (0الشغالين )) الذين استوردوهم من الخارج بالعملة الصعبة والدولار وأهل البلد أولى بهذه الأشغال وبالعملة المحلية ((الريال)) الذي غرق من جملة الفرقين لأن المسئولين لا ولا يجنوا منا نحن الضعفاء الا الكراهية والبغضاء لأنهم ابتعدوا عن أخوة الدين وفضلوا الأجانب علينا
العديد من العمال عبروا ل((عدن الغد)) عن امالهم وآلامهم وهمومهم وأبدى هؤلاء خوفاً من كثرة البطالة بشتى أنواعها .. ويخشى الناس أن يتحول طوابير العاطلين عن العمل إلى طابور مسلحين ينخرون في جسم الوطن ،وناشدوا كل الجهات الرسمية والأهلية فتح آفاق جديدة تستوعب هؤلاء في المجالات المختلفة