هل يحق لنا ولو من نافلة القول مجازاً، أن ندعي ونقول أن الجنوبيين جميعهم أشركوا في التوقيع على اتفاق الوحدة اليمنية مع النظام السياسي في الشمال ..؟؟ أو بمعنى آخر وأكثر إيضاحا، هل يحق لنا القول أن القيادة السياسية الجنوبية التي وقعت على أتفاق الوحدة مع القيادة السياسية الشمالية كانت تمثل كل الجنوبيين!!؟ في تقديري لا هذا ولا ذاك ، فلم تكن تلك القيادة تمثل أو تعبر عن إرادة كل الجنوبيين ولم تكن تكترث لإرادة أو رأي الجنوبيين كشعب لة الحق كل الحق في إبداء رأيه تجاة وحدة مايو تسعين من القرن الماضي . لذلك استشرى تضليل الجماعة السياسية الجنوبية التي وقعت الوحدة مع الشمال في أوساط الجنوبيين وظلت تمارس التزييف وتغيب الوعي وتختلق الإدعاءات الجوفاء والتي دأبت على تعميمها لتبرئ ساحتها و تقوم بالتعتيم على فشلها كقيادة في إلحاق كل الجنوبيين كشعب إلى ملهاة ركبها التاريخي المأزوم بالعاطفة وأنسداد الأفق السياسي المتأصل لديها منذ استحوذت على السلطة كاملة بعد انتصارها على خصومها في كارثة "يناير 86"، والتي في الحقيقة لم تكن تعبر عن نصر بل كانت كل الأطراف المتورطة في صنعها مهزومة لا محالة .
وباعتقادي ان الجنوبيين كشعب لا يتحملون وزر فشل قياداتهم السياسية التي أصرت فيما بعد وحتى اللحظة الراهنة على استهلاك حراكهم المطالب باستعادة الجنوب بحجة ان الجنوبيين وافقوهم القبول بالتوقيع على اتفاق الوحدة اليمنية وهذه الجزئية تحديدا التي يجب أن يقف عندها الجنوبيون وبكل وعي وحرص على عدم تكرار الخطيئة الفادحة بخطيئة أفدح فما زال بمقدورهم أن يراجعوا حساباتهم وأخطائهم متى ما وعوا الواقع وأعادوا قراءة تاريخهم المشوب بالكثير من المغالطات التي ليس لها أساس من الصحة .
ومن المفارقات التي لابد ان نشير لها في "سفر مجلد إصحاحنا الجنوبي الرابع" ، هو أن "رأس الجناح الجنوبي المهزوم في أحداث كارثة يناير 86، قد تواصل مع "رؤوس الجناح الجنوبي المنتصر" ونصحهم بعدم التوقيع على الوحدة في ذلك الحين وحثهم على المطالبة بإجراء أستفتاء شعبي للجنوبيين يحدد خيار قبولها من عدمة .. غير ان ماكان يشغل الرؤوس الجنوبية المنتصرة في ذلك الوقت لم يكن لة علاقة بوطنية وحرص الرأس الجنوبي المهزوم ، فالررؤس الجنوبية المنتصرة كانت على وشك ان تقتتل وتضيع ما تبقى للجنوبيين من هامش نظام سياسي مرتبك لايملك القدرة على القرار وأبتكار الحلول والمعالجات الصائبة للأخطاء وبل أن المفارقة الطامة هي أن الرؤوس المنتصرة في عدن لم يكن لها أي شرط لقاء قبولها التوقيع على أتفاق الوحدة اليمنية عدا شرط واحد ، ألا وهو خروج الرؤوس الجنوبية المهزومة من صنعاء .
وهذا مايلخص الأزمة والمعضلة التاريخية في الجنوب والتي دائما ماتلخصت في نزق وبلاهة وتية قياداتة التاريخية والمعاصرة والمتناحرة فيما بينها والتي لاتقبل بعضها بعضا، فلا فرق في الجنوب بين اليوم والأمس .. كذلك لايمكننا إقفال جانب أبتعاد الجنوبيين كشعب عن كل مالة علاقة بوحدة الشعوب المترابطة في الهدف والمصير وإن رفعوا شعار التصالح والتسامح فإنهم وحتى الساعة لم يطبقوة على أرض الواقع بالشكل المطلوب و بالصورة التي من المفترض ان يكون عليها وذلك بفعل أخطاء قادتة السياسيين ماضيا وحاضرا ، نظرا لأفتقادهم لأسس العمل السياسي وللولاء الحقيقي للوطن الملتزم بقضايا الشعب لا المرتهن لإجندة واشتراطات الخارج عند أول فرصة سانحة تقتضي رهن قضايا شعبهم لصالح التدخلات الخارجية .
وعلية، فلا الجنوبيون كشعب أستفتوا على قبول أتفاقية الوحدة ، ولا التمثيل السياسي كقيادة جنوبية جامعة أشركت جمعيا في التوقيع على أتفاق الوحدة ومن وقعوا على أتفاقية الوحدة قيادات جنوبية لايتجاوز تمثيلها السياسي ثلاث مديريات جنوبية، ثلاثتها لا تخرج عن إطار محافظة جنوبية واحدة ، هي محافظة لحج، من عموم ست محافظات جنوبية كانت تشكل جغرافيا وديموجرافيا الفضاء الخالي من الإرادة الوطنية الحقيقة والمسمى مجازا "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" ولن يتحرر الجنوبيون من جهالتهم وضياع وعيهم وغياب هدفهم مالم يتخلوا عن جهويتهم ومناطقيتهم وعبث قياداتهم المأزومة تاريخيا وغير هذا فهو الفشل المقيم فالجنوبيون بعيدون عن النجاح وأنا أبعدهم .