المسألة لم تعد ترفا سياسيا او حلقة في سلسلة المناكفات الجنوبية او البحث لمادة خام لكتابة مقال هناك فعلا ضرورة ملحة لكسر سيطرة القيادات الجنوبية على عقلية الشارع في الطريق الى ازاحتها كليا بعد ان اصبحت عبأ على القضية ككل بل وخطر استراتيجي على بقاء كينونة القضية ككل. لإعطاء صورة ادق عن الوضع هناك نقطتان يجب تدارسهما للتعليل والتدليل ان هذه "الطبقة السياسية" التي حكمت الجنوب بكل افرحه ومآسيه غير قادرة على الخروج من حقب السبعينيات ولم تعد قادرة على تسجيل نقاط لصالحها او صالح "القضية" واكثر الامور التي نجحت بها طول فترة عمر "الحراك" هو استدعاء خلافات الماضي واسقاطها على زمن فيه شعب الجنوب يخرج بالملايين اعلاء لقيم التصالح والتسامح.
النقطة الاولى دراسة سيناريو افتراضي لعدم خروج القيادات الجنوبية وعدم ركوبها لموجة الثورة من البداية ما هو الحال الذي يمكن ان تكون فيه الثورة الجنوبية بعد عقد من النضال. تخيلوا لو ان البيض بقي في عمان ومارس الصمت على طريقة ابو الهول كما مارسها منذ خروجه من الجنوب حتى خروجه من عمان بعد جهد شعبي خارق على الارض من ودماء سالت من شباب اطهار. لو استمرت الثورة الجنوبية دون ظهور القيادات الجنوبية لكانت ثورة نقية خالية من الصراعات والخلافات وكان الشعب في الجنوب موحدا مع الحرية والاستقلال دون ظهور أي شوائب في الثورة التي طالت في الحسم.
ولكانت لدينا قيادات موحدة وحكومة منتخبة من قبل الشعب تمثل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في كل بلدان العالم كانت الثورة الجنوبية قد تقدمت إلى الأمام ولم يطيل عمر الثورة بهذا الشكل.
كل هذا هو بسبب القيادات الجنوبية التي ركبت على ظهر الثورة وبعد خروج الشعب بدون أي قيادة عملت تلك القيادات على شرذمة وشق وحدة الصحف الجنوبية وتقسيم مبدأ التصالح والتسامح.
فاذك تيار البيض وذاك تيار علي ناصر وذلك تيار العطاس وهذا تيار باعوم وذلك تيار فادي.
فأصبح الشعب يتصارع على القيادات ويختلف مع اختلاف القيادات التي حكمتنا منذ الستينات ولم تعمل شيء للجنوب إلا الحروب والصراعات في ما بينها حتى نسوا الثورة الجنوبية فأصبح الشعب منشغل بالقيادات ناسيا الاحتلال اليمني وهو يسرح ويمرح ويقتل ويعتقل في أرض الجنوب الطاهرة دون أي تصدي له.
كل ذلك هو بسبب القيادات وخلافاتهم التي مازالت معششة في رؤوسهم والتي لم تخدم الثورة الجنوبية إلا بالخلافات فقط.
النقطة الثانية: إن بقاء القيادات الجنوبية بهذا الشكل وهذه العقلية القديمة تسبب خطر على الثورة الجنوبية وعائق وحمل كبير على ظهر الثورة الجنوبية تلك القيادات يبدو بأنها تناست دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة من أجل هذا الشعب المقهور وهذه التربة الطيبة وركبوا على ظهر هذا الشعب المسكين من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية.
ولم تكن لديهم روح المسئولية والاحساس بما يريده هذا الشعب الجبار، ان الاحتلال اليمني احتلال متخلف لم يقيم أي دولة لا قبل الوحدة ولا بعدها فرغم تخلف الاحتلال إلا أننا لم نستطع أن نتقدم خطوة واحدة وذلك بسبب خلافات القيادات التي لم تنتهي والتخلف الذي ظهر على قيادات الجنوب يبدو لي بأنه أكثر تخلفا من عصابات النهب والفيد اليمني.
لنفترض أن الاحتلال اليمني احتلالا ذكيا وغير متخلف، بكل تأكيد بأننا لم نستطع حتى رفع علم أو رسمه على الجدران لم يكن الطلاب يرددوا النشيد الجنوبي في أغلب المدارس ولم تقم ثورة الجنوب مهما كانت امكانيات هذا الشعب على قيام الثورة.
لكن بسبب قيادتنا لم نستطع أن تقدم مثقال ذرة من الحسم الثوري، لذا فإن ازاحة القيادات الجنوبية أصبحت ضرورة استراتيجية.