يأتي نوفمبر فتتسارع إلى مخيلتنا مجمل الذكريات التي تشعرنا بالفخر والزهو والعظمة، في هذا الشهر الذي حقق فيه اليمنيون أحد أهم انتصاراتهم التي أظهرت عنفوانهم وعزتهم ورفضهم للتدخل الأجنبي في شؤونهم وسيادة أرضهم بإجلاء آخر جندي بريطاني عن أرضهم ويعتبر هذا العيد عيدا مميزا لكل اليمنيين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم لأنه يجسد مكونا أساسيا من مكونات تاريخهم العريق .. بداية نستعرض بشكل سريع الأهمية الاستراتيجية لمدينة عدن، التي كانت مطمعا للكثير من الدول لإرساء قواعدها على البحرين العربي والأحمر ومن ثم السيطرة على البحر الهندي، والهيمنة الاقتصادية والسياسية على تلك المنطقة الاستراتيجية الهامة. ففي 26 فبراير 1548م استولى العثمانيون على عدن، بقيادة سليمان القانوني، بغية استخدامها قاعدة لشن غارات ضد الممتلكات البرتغالية على الساحل الغربي في الهند. احتلت بريطانيا جزيرة بريم الواقعة في مدخل البحر الأحمر سنة 1799م، ونظرا لأهمية عدن كمفتاح للبحر الأحمر قامت بريطانيا عام 1839م باحتلالها بعد مقاومة عنيفة من السكان. قام محمد علي بفتح اليمن 1835م فيما عدا عدن التي قام الإنجليز بالاستيلاء عليها 1839م لضرب محمد علي وإرغامه على الانسحاب من اليمن وهو ما تم بالفعل عام 1840م، وقد كان الأخير يرى في التواجد البريطاني في اليمن خطورة على مصر وتهديدا لمصالحها الاستراتيجية، لأن ذلك سيؤدي إلى سيطرة الإنجليز على البحر الأحمر ولهذا السبب عزم على فتح اليمن لاستئصال الوجود الإنجليزي قبل أن يصعب اقتلاعه .. انفردت بريطانيا بخيرات جنوباليمن، وبدأت بسياسة التهدئة وتوزيع الهدايا على شيوخ القبائل وتوقيع المعاهدات معهم لتضمن استقرار نفوذها في المنطقة، ودفعت لهم الرواتب المجزية، ووزعت الألقاب والنياشين، إلا أن هذه السياسة لم تجدِ نفعا أمام الأحرار فقد قام سلطان لحج بمحاولة تحرير عدن ثلاث مرات في عامي 1840، 1841م إلا أن محاولاته باءت بالفشل بسبب الفارق الكبير في تسليح القوتين. شكلت الجبهة القومية في 5 أبريل 1966م، لجنة لجمع التبرعات من المناطق الشمالية، استهلت اللجنة عملها من لواء إب حيث بادر المسؤولون والمشايخ والمواطنون بالتبرع بالمال والحبوب بأنواعها وأسهموا بنقلها إلى قعطبة. وفي 22 أبريل 1966م أسقط ثوار جيش التحرير طائرة بريطانية أثناء قيامها بعملية استطلاعية لمواقع الثوار في الضالع والشعيب، فأرسلت السلطات الاستعمارية للغاية نفسها طائرة أخرى، فكان مصيرها كسابقتها، ما جعل القوة الاستعمارية وأعوانها تشدد من قصفها للقرى وتنكل بالمواطنين فيها. وقد حاول الشعب اليمني مرارا وتكرارا القيام بالانتفاضات المسلحة في أرياف الجنوب العربي، وقوبلت هذه الانتفاضات بوحشية، وتم بعد ذلك تنظيم النوادي السياسية، وقام اليمنيون بعمل الإضرابات العامة وأخذ الكفاح أشكالاً متعددة لتحرير البلاد من المستعمر الإنجليزي الذي حاول التصدي لكل ذلك إلا أنه لم يستطع أمام إرادة شعب متمسك بإيمانه في سبيل تحرير بلاده، ومن ثم أرغم المستعمر أخيرا في 30 نوفمبر 1967م على الانسحاب . بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967م، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان. وفي 30 نوفمبر 1967م تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمنالجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوباليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم، وتولى أمين عام الجبهة قحطان محمد الشعبي رئاسة الجمهورية وشكلت أول حكومة برئاسته. والمتأمل في أحداث انتصار نوفمبر المتسلسلة وفرحة ما بعد النصر يتساءل: هل حافظت الأجيال اللاحقة على ما قدمه الأجداد؟ التضحيات التي قدمها أجدادنا في سبيل تحرير أرض الوطن من المحتل الغاصب ومن أجل إرساء الأمن والإستقرار لكل أبناء الوطن، ولتمهيد الطريق أمام الأجيال اللاحقة في بناء المستقبل المنشود الذي دعائمه الحرية والكرامة والعزة، التضحيات التي قدمها أجدادنا في الجنوب كانت يدا بيد مع ثوار الشمال الأحرار الذين هبوا بالنصرة والتحرير بدمائهم وأموالهم في سبيل الوطن الغالي، فما هو حالنا اليوم؟ وما الدروس التي استنتجناها من تكاتفهم وتوحدهم الذي أدى إلى النصر وخروج آخر جندي بريطاني من أرض اليمن الحر؟.. وليتنا نعتبر. . كل عام وأنتم بألف خير