أولا علينا أن نحرر ونعرف معنى الكبت، ونعرفه بأنه: الاستبعاد اللاشعوري للمشاعر أو الأفكار والصدمات الانفعالية والحوداث المؤلمة في حياة الشخص من حيز الشعور إلى حيز اللاشعور، وبالتالي فإن الكبت هو إنكار لتلك الدوافع والأشياء المؤلمة التي تسبب القلق للشخص المكبوث، بمعنى آخر الكبث هو إخفاء المشاعر الحقيقية ومنعها عن الظهور والخروج وكبثها في الداخل حتى تنفجر وتسبب مرضا نفسيا يختلف في درجته من شخص لآخر، وعلى هذا فالكبت حيلة في النفس البشرية بقصد نسيان الماضي المؤلم والمقلق والمعلومات السيئة التي تتعبنا وترهقنا وتسبب لنا التوتر والقلق، وهذا معنى مستساغ فهو إذا مصدر دفاع نفسي ومن وسائل الآنا في الدفاع عن النفس البشرية ضد القلق والتوتر والصدمات فهو مفيد للإنسان للغاية، ولكن للكبث سمعة سيئة بين الناس فهل هذه السمعة صحيحة أم هناك شيء آخر في التحليل النفسي للشخصيات؟ الكبث يكون مفيدا للغاية حينما يتمكن الإنسان من السيطرة عليه، وعلى هذا لا بد لنا من تقسيم الكبث لقسمين حتى تتضح الصورة للقارىء البسيط فالهدف هو إيصال الفكرة: 1- الكبث الناجح: وهو التي يتمكن الإنسان من السيطرة عليه وهو الذي يحمي الإنسان من التدهور النفسي والصراع الداخلي ويبعد عنه الضيق والتوتر ويجعله ينسى كل ما هو مؤلم ويقبل على العالم بترك هذه الأمور المقلقة أو المخزية له خلف ظهره من غير أن يتذكرها وكلما جاءات بخاطره حاول كبثها ونسيانها، فهذا القسم من الكبث مفيد للغاية وله منافع عديدة فهو يمنع تفلت الأمور إلى ما لا يحمد عقباه في أحيان كثيرة من خلال كبث مشاعر عدم الرضا داخل النفس والتجاهل لأشخاص أفعالهم قبيحة هو لا يرضاها،وأسوأ شيء في هذا النوع من الكبت هو أن الإنسان قد يخدع نفسه بحسن الأحوال من حوله. 2- الكبث الخارج عن السيطرة:وهو من اسمه خارج عن السيطرة، وهي تلك المشاعر والدوافع التي يحاول الإنسان كبثها في الداخل إلا أنه لا يستطيع كبتها للنهاية فيضل يحاول وهي تحاول الخروج منه فيضغط على نفسه حتى تخرج الأمور عن السيطرة وهي حالة نفسية غير سوية، لأن الدوافع والمشاعر المكبوثة عبارة عن قوة من نوع ما ولها جموح من نوع خاص، والقوة والجموح علامة للثورة وإن ظهرت هذه الثورة خرجت الأمور عن السيطرة لا محالة؛ وتخيل كل تلك الدوافع المكبوتة المؤلمة والمقلقة والمخيفة تخرج جملة واحدة وتظهر معها عند خروجها أثار عديدة يعاني الشخص منها أشد المعاناة. فما هي تلك الأثار لخروج الكبث الغير مسيطر عليه؟ من أهم أثار خروج الكبث الغير مسيطر عليه الآتي: 1-الأفعال الاندفاعية الطائشة والغير مسيطر عليها 2-الفوبيا والخوف من كل شيء يذكره بماضيه المؤلم 3-الوساوس والهواجس والكلام مع النفس بتمتمة خفية تتثير الريبة والخوف وتجعل الناس ينظرون له كالمجنون 4-زلات لسان وأقوال تدل على الكبث الغير مسيطر عليه بوضوح وغالبا ما تكون متطرفة تمثل وجهة مخالفة حادة في الطرح 5-قد يصل الأمر إلى الكوابيس والأحلام والتي تدخل النوم من غير اسئذان وقد يرى أشياء غريبة في اليقضة 6-قد تظهر تصرفات شاذة وعنيفة للغاية. 7-لا يستطيع الإنسان في هذه الحالة السيطرة على نفسه إلا أنه يحاسب عن كل شيء يرتكبه. 8-الكبث في هذه الحالة يجعل تصرفات الفرد موصوفة بالقسر والجبر وإذلال الآخرين مما يعني نشوب صراعات خارجية مرافقة للصراعات النفسية الداخلية. انتبه لهذا الكلام: الكل منا يعاني مشكلات في حياته ويتعرض لمواقف ضغط كبيرة وبعضنا له ماض مخز ومثير للشؤم ويحاول نسيانه عن طريق الكبث فإما أن ينجح الفرد بهذا أو لا ينجح، والمشكلة حال إشتداد المواقف علينا ودخولنا في مرحلة الكبث الذي قد لا نستطيع تحييده والسيطرة عليه، وهو يكون شديدا حال وقوع الحدث الذي يكون فيه الصراع محتما ومؤكدا لهذا ينصح بتجنب مواطن وأماكن التوتر حتى يقل الكبث، وحال تجاهل هذا الأمر فإن المصير يكون إما بقبول الشعور المؤلم والاستسلام له والتنفيس بالرد أو كبته وهنا قد تتفاقم المشكلة، إذا يفضل لك أن تعتبر الأمر غير شخصيا وتتجاهل مواقف كهذه. وجهة نظر الكبث المرضي مزيج غير متجانس من الخوف والريبة والغضب والاشمئزار والاستهجان والشعور بالقهر والظلم ونحوه وهذا يولد الإنفجار لا محالة، إذا فهي مشاعر تضل مكبوثة في الداخل حتى تجد ما يساعد على الإنفجار الكبير، كما أنها قد تصبح عقد نفسية مع مرور الوقت ولا يستطيع الإنسان نسيانها،وقد لا يعرف أنها موجودة أصلا إلا عند وقوع شيء مشابه لها فتخرج فجاءة. من مسببات الكبث هناك أشياء عديدة تؤذي إلى خروج الكبث عن السيطرة كما هو واضح في سابق المقال نضيف عليها: 1-التجارب المؤلمة المتكررة 2-الصدمات النفسية المختلفة 3-التربية القاسية 4-كثرة خلافات الأبوين والصراع المستمر داخل الأسرة الواحدة 5-العادات والتقاليد الغير منصفة والتي تسبب كبث لدى الطفل وخصوصا في مرحلة مايسمى مراهقة وهي مخالفة لتعاليم الدين. 6-تخويف الطفل في مرحلة متقدمة من العمر كأسلوب تربية خاطىء. كما أن الكبث يقود إلى عدة سلوكيات منها: الغيبة والنميمة والتي تنشأء نتيجة شعور بالضعف والكبث من مواجهة الأخرين،والضرب باليد ونحوه نتيجة كبث من عدم قدرته على السيطرة على بعض أفراد أسرته، كما أنه يقود للتصرفات العدوانية المختلفة وغيرها الكثير ومن الصعب تعينها وحصرها ولاتزال خاصعة للدراسة بل ولا بد من الاستزادة في الدراسات.