كيف سيسير الرجل في حقل الألغام؟ كيف سيتعاطى مع الوضع المضطرب في عدن؟ هل سينجح في التوفيق بين وزراء الحكومة الشرعية ووزراء الانتقالي الجدد؟ لماذا تعتبر هذه أصعب حكومة تتشكل في تاريخ اليمن كله؟ ما هي مقومات نجاح الحكومة وعوامل فشلها؟ ماذا لو فشلت الحكومة.. كيف سيكون الوضع؟
بدأت ملامح الحكومة اليمنية الجديدة بالظهور، بعد شهور من المشاورات التي رافقتها الكثير من الخلافات والضغوط، سواء من قبل التحالف العربي، أو من خلال الأطراف السياسية اليمنية الداعمة للشرعية، لا سيما الخلافات حول الوزارات السيادية، والشق العسكري من اتفاق الرياض الموقع في نوفمبر 2019.
لكن تطورات مفاجئة دفعت التحالف نفسه للخروج بالإعلان عن البدء بتنفيذ الشقّ العسكري والأمني من الاتفاق وتحديد موعد قريب لإعلان الحكومة الجديدة.
وقد تكون تلك التطورات والضغوط "دولية"، ومتعلقة بنتائج الانتخابات الأمريكية، وما أسفرت عنه من احتمالات لتغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خاصةً تجاه الحرب في اليمن.
حيث أعلن التحالف العربي مؤخراً، توافق المكونات السياسية اليمنية الموقعة على اتفاق الرياض، (الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي)، على تشكيل حكومة جديدة تضم 24 وزيراً، على أن تُعلن بعد اكتمال تنفيذ الشقّ العسكري من الاتفاق خلال أسبوع.
وفي ظل هذه المستجدات التي دفعت نحو التسريع بإعلان الحكومة الجديدة، تبدو الظروف والعوامل التي أرغمت اللاعبين المؤثرين على "إنضاج" هذه الحكومة- قبل أوانها ربما- لن تصب في مصلحة عمل الوزراء الجدد، أو حتى رئيسها "القديم الجديد".
وحتى نلج بخفايا وما يحيط بالحكومة الوليدة، علينا استرجاع مسيرة المخاض الذي نتجت عنه هذه الحكومة، والخلافات التي عصفت بالمشاورات الماراثونية لتشكيلها، بما فيها الصراع على أسماء وزرائها ونوعية الحقائب، حتى نعي جيداً حجم التركة التي سيُقدم عليها رئيس الحكومة الجديدة، وكيف سيدير هذا الكم الهائل من التناقضات.
بحر من الخلافات لأجل إعلان الحكومة المرتقبة، بدأت خلال الأيام الماضية أولى بوادر تنفيذ الشق العسكري، مع الشروع في الانسحابات من الجبهات من قِبل طرفي الصراع في أبين، قوات الحكومة وقوات الانتقالي، بوجود لجنة سعودية عسكرية تشرف على العملية.
ويقضي الشق العسكري والأمني بانسحاب قوات الانتقالي في أبين إلى الجبهات، وغالباً ستكون في جبهات لحج والضالع، ومن عدن إلى خارج حدودها، فيما ستعود قوات الشرعية إلى مراكزها السابقة في شبوةوأبين ومأرب، على أن تُعلن الحكومة الجديدة بعد إكمال تنفيذ الشق العسكري.
وأكدت مصادر مطلعة ل(عدن الغد) أنه تمّ الاتفاق على أغلب أسماء الوزراء، ويُنتظر التصديق عليها من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إلا أن هذا التوافق لم يأتِ على طبقٍ من ذهب، بل كان نتيجة صراعات وخلافات حادة.
ولفتت المصادر إلى أن التطورات الجديدة جاءت بعد إنهاء الخلافات التي كانت تواجه اتفاق الرياض، والتي تركزت في الفترة الأخيرة على الوزارات السيادية، إلى جانب الشق العسكري.
ومورست ضغوط على قيادة الشرعية للتخلي عن وزراء "صقور"، ودارت الخلافات بشكل أساسي على منصبي الداخلية والخارجية، مع الضغط على هادي لاستبعاد نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، الذي أصبح خارج التشكيل الحكومي الجديد.
وكانت الحكومة الشرعية قد حاولت الدفع برئيس الدائرة الاقتصادية في مكتب الرئيس اليمني، أحمد العيسي، ليتولى وزارة الداخلية، وهو يترأس في الوقت نفسه الائتلاف الوطني الجنوبي، أحد أكبر المكونات السياسية في الجنوب بعد المجلس الانتقالي.
ويُعتبر "الائتلاف" أحد صقور الشرعية الذين علت أصواتهم، ولذلك تمّ الضغط أيضاً لمنع العيسي من تولي وزارة الداخلية، ليتم التوافق أخيراً لهذا المنصب على قيادي عسكري تابع للشرعية، كان يترأس أحد ألوية الحماية الرئاسية، وهو إبراهيم حيدان، الذي كان يقود قوات قاتلت ضد "المجلس الانتقالي" خلال انقلاب الأخير في عدن.
كما أن وزارة الخارجية شهدت شداً وجذباً، وكان أبرز المرشحين لها السفير اليمني في ماليزيا عادل باحميد، لكن في اللحظات الأخيرة تمّ الاتفاق على السفير اليمني في واشنطن أحمد عوض بن مبارك لهذا المنصب، وهو محسوب على التيار المدعوم من واشنطن.
كما أن بن مبارك كان يقف خلف رئيس الحكومة الحالي معين عبدالملك، منذ مؤتمر الحوار الوطني.
حصص الأحزاب والمكونات السياسية رئيس الحكومة المرتقبة، الدكتور معين عبدالملك، مُقدمٌ على أصعب حكومة يمنية على الإطلاق، بحسب مراقبين ومحللين، وذلك عطفاً على فكرة المحاصصة التي من المتوقع أن تشتت العمل الحكومي وتفرغه من أهدافه التنموية والخدمية، وتجعله رهين الحسابات السياسية والحزبية الضيقة.
ويبدو هذا أبرز العوامل التي قد تتسبب بفشل رئيس الوزراء معين، وبالتالي فشل حكومته عن الاضطلاع بمهامها تجاه مواطنيها، وخدماتهم واحتياجاتهم الأساسية.
فالتوزيع الحصصي، تطلب صناعة واقع خصب وبيئة متقبلة للخلاف والصراع، لن تكون جلسات واجتماعات الحكومة بمنأى عنها، في ظل سيطرة الأحكام المسبقة وتمترس كل طرف بانتماءاته السياسية والحزبية، وحتى تتضح الصورة، لا بد من إلقاء نظرة على هذه البيئة المشجعة للانقسام والصراع، وفق مراقبين.
ففي العديد من الحقائب الوزارية الأخرى، تم الإبقاء على محمد المقدشي وزيراً للدفاع، وسالم بن بريك للمالية.
وعلى الرغم من الضغوط التي مورست لإقالة وزير الشباب والرياضة وقائد مقاومة عدن نايف البكري، إلا أن مصادر أكدت أن البكري باقٍ في وزارته، التي أعطيت لحزب "الإصلاح"، وهو محسوب عليه، وأيضاً بصفته قائد مقاومة عدن عند تحريرها من الحوثيين.
في المقابل، تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من الحصول على 4 وزارات هي النقل، الأشغال العامة والطرق، الزراعة والأسماك، والشؤون الاجتماعية والعمل.
وكان الانتقالي يركز بدرجة أساسية على وزارة النقل، نظراً لتحكمها في المنافذ البرّية والبحرية والجوية، من موانئ ومطارات، فيما تخلى عن الوزارات الخدمية حتى لا تضعه في مرمى الفشل.
وبحسب المصادر، فإن المكونات الأخرى حصلت على حصة مماثلة للانتقالي، لكن ليس بذات الأهمية، كما هو حال حزب "التجمع اليمني للإصلاح" الذي مورست ضغوط كثيرة لعدم توليه مناصب وزارية مهمة.
لذلك فقد أعطي الحزب وزارة الصناعة والتجارة، وهي وزارة إيرادية، إلى جانب التعليم العالي والفني، ووزارة الصحة، ووزارة الشباب والرياضة، كما حاول الحزب تجنب الحصول على وزارة الكهرباء، نظراً لما باتت تحمله من عبء وثقل بسبب الاستخدامات السياسية واستغلالها في المماحكات من قبل جميع الأطراف.
حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الجناح الموالي للشرعية، حصل هو الآخر على نصيب مهم، فتمسك بوزارة النفط والمعادن كأحد أبرز الوزارات الإيرادية في اليمن، والتي دائماً ما تمسك بها منذ تشكيل حكومة الاتفاق الوطني في 2012، إضافة إلى وزارات أخرى، من بينها دمج وزارات الإعلام والثقافة والسياحة في وزارة واحدة وسلمت للحزب، إلى جانب وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، اللتين دمجتا، فضلاً عن وزارة العدل.
فيما حصل الحزب الاشتراكي على وزارتين، هما التخطيط والتعاون الدولي، ووزارة المياه، ومع حصول الحزب على وزارتين، يكون الانتقالي والاشتراكي معاً إلى جانب مكون المقاومة، الذي حصل على وزارة الخدمة المدنية والتأمينات، قد تمكنوا من الحصول على 7 وزارات مهمة قد تشكل تياراً قوياً داخل الحكومة الجديدة.
أما الحزب الناصري، فاحتفظ بوزارة الإدارة المحلية، بينما أعطيت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لحزب "العدالة والبناء"، فضلا عن إعطاء حزب "الرشاد" السلفي وزارة الأوقاف، ومكون حضرموت الجامع وزارة التربية والتعليم، ضمن عملية المحاصصة التي جرت وفقاً للنطاق الجغرافي، جنوباً وشمالاً، ووفقًا للمكونات السياسية التي وزعت الوزارات أيضاً وفقا للنطاق الجغرافي.
توافقات.. أم بؤرة صراع؟ تبدو، للوهلة الأولى، هذه المحاصصة المذكورة أعلاه، أنها نتاج توافق، وانسجام بين مختلف مكونات الطيف السياسي والحزبي في اليمن، شمالاً وجنوباً.
حيث يعتبر البعض أن هذه التقسيمات تعد مسودة أولية للاتفاق، وقد تحدث تغييرات فيها، إذا ما حصلت تطورات في ظل التقلبات والتجاذبات التي تشهدها مشاورات الرياض منذ أكثر من عام، وفشل كلّ الأطراف في الوصول إلى حلّ نهائي، وبات الجميع ينتظر التطورات الجديدة التي دفعت التحالف إلى الإعلان عن بدء تنفيذ الشقّ العسكري أولاً، قبل الإعلان عن الحكومة.
وهذا ما يقودنا إلى مواجهة الحقيقة التي يحاول كثيرون الهروب منها، غير أن قوتها تطارد الجميع وتفرض عليهم سيناريوهات مخيفة، تشبه إلى حد كبير سيناريوهات وتجارب إقليمية وعربية لم تؤت أكلها منذ عقود.
فالمحاصصة السياسية لم تكن يوماً حلاً، بقدر ما تمثل مشكلة بحد ذاتها، وفق خبراء عالم السياسة.
لهذا تبدو مهمة الدكتور معين عبدالملك مليئة بالصعوبات والتحديات التي تفرضها التناقضات السياسية والحزبية المسيطرة على حكومته الجديدة، وشكلت بؤرة صراع قد تدخله في دوامات متكررة من النزاعات، يتمنى مراقبون ألا تؤدي إلى تعطيل عمل الحكومة، خاصةً وأنه يسير في ما يشبه حقل ألغام مزدحم.
ولعل التراكمات التي فرضتها حالة الصراعات المتلاحقة على الساحة الجنوبية، تحديداً، قد تشكل معوقاً أمام نجاح الرجل، الذي أتى من خلفيات بعيدة نسبياً عن ملابسات ودهاليز الصراع الجنوبي - الجنوبي، قد تنعكس ليس فقط على فشل الدكتور معين عبدالملك فقط، بل وحتى في فشل حكومته برمتها.
فحقل الألغام الذي سيحاول رئيس الحكومة السير وسطه، لن يكون مزوداً بالعلامات المساعدة، أو إشارات الاتجاهات، بقدر اختزانه لكمٍ هائل من العراقيل، القائمة ليس فقط على خلفيات الصراع بين الشرعية والمجلس الانتقالي، بل حتى على صراعات الأحزاب الشمالية التي تقاسمت الحقائب وتم تحصيص الوزارات فيما بينها، مع المكونات الجنوبية.
كلمة السر.. عدن لا يخفى على كثيرين، ما تعيشه مدينة عدن من اضطرابات وفوضى أمنية، وأوضاع اقتصادية ومعيشية متردية، أثرت على كل مناحي الحياة، والقطاعات الحيوية في المدينة.
ويؤكد مراقبون أن الأوضاع التي تمر بها مدينة عدن، كفيلة- لوحدها- في عرقلة عمل الحكومة، بناءً على ما يتواجد فيها من تشكيلات عسكرية وأمنية متناقضة، لا تحتكم إلى قيادات موحدة، ناهيك عن الاحتكام إلى الحكومة الجديدة المرتقبة.
غير أن هذا الفشل الذي يهدد الحكومة، قد يتحول إلى فرصة مغرية للنجاح، إذا انتهزها رئيس الحكومة الجديدة، ووظف قضيتها لدى دول التحالف والدول المانحة، في اعتماد مشاريع وخطط استراتيجية لانتشال مدينة عدن مما هي فيه.
فعدن ليست بأقل من مدن يمنية أخرى، تبنت السلطات المحلية فيها مسئولية النهوض بها، وحققت فيها نهضة تنموية وخدمية واقتصادية لا يمكن التغاضي عنها، ونقصد هنا عتق ومأرب وسيئون وغيرها.
عندها فقط، يمكن أن تنجح الحكومة الجديدة في مهامها، كون مدينة عدن نموذجاً وبداية لإصلاح الجوانب الخدمية والمعيشية، باعتبارها كلمة السر في المشهد اليمني العام، في ظل الوضع الراهن الذي يكاد يكون مأساوياً وكارثياً على كل الصُعد.
لا مكان للفشل يُروّج كثير من المراقبين لاحتمالا فشل الحكومة الجديدة المرتقبة، في القيام بمهامها، عطفاً على الكثير من العوامل والمقومات.
أبرز تلك العوامل، أن الجوانب العسكرية والأمنية يمكن أن تتحكم بالمشهد العام، وتطغى على أولويات الحكومة اقتصادياً ومعيشياً وخدمياً.
كما أن الصراعات التي يبدو أنها لن تنتهي بين وزراء الحكومة الشرعية، ووزراء الانتقالي، في ظل غياب "جناح الصقور" من طرف الشرعية، واستبعاد أبرز الشخصيات التي يمكن أن تسهم في توازن، وربما ترجيح، كفة الشرعية على حساب خصومها، قد تُمهّد لفشل محتمل للدكتور معين وحكومته، وفق رؤية البعض.
غير أن الشيء الحتمي، وربما الخطير، في القضية اليمنية برمتها، أنه لا يمكن أن يكون هناك مكان للفشل في الحكومة الجديدة، لعدة أسباب.
أول تلك الأسباب أنها من أصعب الحكومات التي تشكلت في تاريخ اليمني، وأكثرها تعقيداً وتناقضاً، وبالتالي فإن نجاح الحكومة يعني الانتصار على كل الظروف الصعبة المحيطة بها، كما يعني أن هذا النجاح يمكن أن يستمر ويؤسس لمرحلة سياسية جديدة لليمن.
ثاني تلك الأسباب، أن أي فشل قد يحدث سيزيد الوضع سوءاً، وسيضاعف مآسي اليمنيين، والجنوبيين على وجه الخصوص، حيث سيتفاقم التدهور الحاصل في كل تفاصيل الحياة اليمنية، الذي ربما سيقود إلى ما لا تحمد عقباه.. لذلك، يجب ألا يكون هناك مكان للفشل في هذه الحكومة. تعليقات القراء 512478 [1] مستحيل سلام مع ميليشيات مدججة بالسلاح. الخميس 17 ديسمبر 2020 د.خالد | Yemen, adenاليمن الديمقراطية مستحيل سلام مع ميليشيات مدججة بالسلاح.السلام يتطلب نزع سلاح مليشيات الانتقالي والعفاش . تتألف ميليشيات الانتقالي من مجموعات متعصبة ومتخلفة من أبناء الضالع ويافع ومجموعات من ورثة الأحباش .معظم نشطاء و "صحفيي" الانتقالي عبيد للدرهم الإماراتي. باعوا شرفهم ووطنهم وهويتهم مقابل رواتب كبيرة من أعداء الوطن. سيكون اليمن الفيدرالي موطنًا لجميع اليمنيين -جنوب وشمال, لكن يجب سن قوانين لحظر التمييز الديني والمناطقي.