المجتمع دائم التغير والتبدل نحو ماهو أفضل أو نحو ماهو مرذول وسيء وهذا لا محالة واقع الحدوث وهو علامة وسنة كونية خلقها الله في كل مجتمع بشري على حد السواء كان هذا المجتمع مسلما أم غير مسلم، فلابد من هذا التحرك والتطور والتغير الذي يرافقه سقوط بعض الأفكار وظهور أفكار أخرى جديدة كانت صحيحة أم غير صحيحة،وهنا تكمن أهمية ودور التربية والتنشئة، فلا يصير أبنائنا إلى قبيح العادات إلا عندنا نقصر نحن كجيل بأكمله في دور الرعاية والتربية،وحدهم المهيئون نفسيا والفاهمون للعلوم الاجتماعية والنفسية يستطيعون تقبل وتطويع هذا التغير وكذا هم قادرون على ضبط الأخلاق الحسنة ومحاربة الأخلاقيات الفاسدة،هذا حال كان المجتمع واعيا بأهمية هذه الدراسات ودورها الكبير في بناء المجتمعات وازدهارها، ولندخل في صلب الموضوع، عندما نقول شخصية متصلبة نقصد بها نوع ونمط من أنماط الشخصية التي لا تقبل سوى التشبث بسلوك واحد ولا ترغب في تغييره،فلها سلوك وأهداف ودوافع وحاجات ثابتة لا ترغب في تغيرها وهذا بحد ذاته درجات مختلفة من عدم التأقلم مع الواقع المحيط،ويعبر عنه بعجز في الشخصية عن التكيف في المواقف الجديدة ورفضها رفضا تاما، وقد يأخد الشخص المتصلب على عاتقه القضاء على هذه السلوكيات الجديدة وفقا لوجهه نظره الخاصة. كما تمتاز الشخصية المتصلبة بالتطرف إلى أبعد الحدود والبعد عن الاعتدال لأنها تجد اشباعا لرغباتها عبر هذا التطرف فتجعل صاحبها صارما أو حادا أو متشددا وفقا للشيء المتطرف فيه. ظاهرة التطرف ومراحله المختلفة. في بداية الأمر كان العلماء المختصون يعرفون التطرف بإسم القصور الذاتي وقد استخدم الفلاسفة هذا المصطلح كثيرا، وذلك في الكشف والبحث عن تفسيرات منطقية للظواهر الطبيعية في أول الأمر، وفي مرحلة لاحقة انتقل هذا المصطلح إلى مجال الظواهر السلوكية مما يعني أنه أخد منحنى آخر لدراسته وفهمه، ومما يجدر التنبيه عليه أن كثيرا من الناس يعتبرون التصلب والتطرف في الشخصية من قبيل الرأي والاعتداد به، فكثير من الناس تحب أن تتصلب وتتطرف في فكرة ما من الأفكار، ولا تميل إلى البحث القائم على التحليل والتعمق،كما لا تحب تغيير الاتجاهات وإعادة بناء شيء جديد من البداية بل تسعى لترميمه وهذا يعني أنك لو كنت ذكيا لحاولت حرف مسار التوجه العام وليس تدميره وتغيره بالمرة، فالغبي هو الذي يقف وسط التيار الجارف بصدر عاري. بإختصار: *الشخصية المتطرفة المتصلبة هي التي تعجز عن التوافق مع المواقف الجديدة وتكون عاجزة عن التفكير الملائم بما يحقق المطلوب على المدى البعيد،* وغالبا ما يواجه الشخص ذو الشخصية المتصلبة الأمور بأسلوب سلوكي محدد. استجابات الشخصية المتصلبة؟ التصلب في السياق الاجتماعي سمة أساسية تظهر في سلوكيات وتصرفات الأشخاص في المواقف الاجتماعية المختلفة، والتطرف الفكري والفعلي أحد مظاهره،فكلما زادت قدرة الشخص على الاستجابات المتطرفة الإيجابية فإن هذا مؤشر واضح على تصلب الشخصية،ويظهر التصلب بمظاهر متعددة منها الميل إلى التطرف في الاستجابات، فقد يكون التصلب في الأحاسيس والمشاعر،أو في الحركة، أو في التفكير؛ وبالعموم فإن هناك اعتقاد وتصور خاطىء يتمحور حول أن كل متصلب سيء إلا أن بعض الأشخاص الذين يمتازون بالتصلب على المستوى الفكري يتسمون بالعقلانية الخشنة والمتصلبة نوعا ما حتى إن حاول تلطيفها لا يستطيع ذلك بشكل مثالي وتعد هذه أفضل درجات التصلب. صفات الشخص المتصلب في الغالب. أغلب الشخصيات المتصلبة لها صفات غالبة وهذه الظاهرة أقرب ما تكون سلوك غير مريح لصاحبه وللمجتمع من حوله لهذا فإن لهؤلاء صفات منها: 1- قلة الكفاءة والتفكير المنطقي 2- الميل للفهم السطحي 3- تضخيم الأمور الصغيرة وجعل منها قضايا مصيرية 4- لا يستطيع فهم العلاقات المعقدة القائمة على التحليل والبحث والتقصي 5- ذو مجال ضيق للغاية في التوافق مع المجتمع من حوله 6- انفعالي وحقود 7- سهل التعبئة والتحريض 8- يصدر أحكاما مسبقة على كل من حوله بلا سند منطقي وعقلاني 9- غير منصف ويبحث عن إثارة المشاكل الكبيرة لنفسه 10- يشعر بالنفور من كل شيء غامض ولا يحب البحث عن حقيقة هذا الغموض 11- غير متسامح مطلقا 12- متسلط ويحب قهر الآخرين 13- لديه فكر جامد وصلابة بالرأي 14- غير منفتح على الواقع من حوله بل يميل للانغلاق على نفسه وأفكاره 15- يميل دائما للحفاظ على الأفكار القديمة سواء كانت إيجابية أم سابية 16- يميل للانتماء للأحزاب السياسية والحركات المختلفة فصاحب هذه الشخصية لا يحب العمل المنفرد. وفي الحقيقة فإن الدراسات النفسية والأبحات في فهم الشخصية المتصلبة قديمة للغاية وحديثة كلها تحدد ملامح معينة تدور حول الجمود، التسلط، العدوانية، وقد أظهرت كثير من الدراسات أن هناك إرتباط كبير بين التصلب ومستويات القلق فكلما ارتفع مستوى القلق لدى الفرد زاد التصلب، كما أن للتصلب ابعاد ادراكية، ووجدانية، وسلوكية. إلا أنه وبعد كل هذا العرض لصفات الشخص المتصلب إلا أن التصلب والتطرف العقلي متغير من متغيرات الشخصية. أسباب ظاهرة التصلب ظاهرة التصلب لاتأتي من فراغ فما يتعرض له الفرد من مواجهات ثقافية تصدامية ومتناقضات، وأساليب التربية وجملة العادات والتقاليد، ومشكلات متعددة، كل هذا يسبب التصلب والتطرف، فهو سلوك سببه المجتمع الذي يكبث مشاعر وأحاسيس وأفكار وميول وحاجات الأفراد، وما يفرضه المجتمع من المبادىء يتلقاه فرد غير منسجم مع نفسه وفارغ من المحتوى الديني،ويعد التطور والتغير في أساليب الحياة سببا للتصلب خصوصا للفئة الأكبر سنا والتي ترى بأن زمانها هو الأفضل فتسعى لتسويق فكرة ما يعرف -بالزمن الجميل- وقد لا يكون جميلا بالمرة وقد يكون، فنرآهم يتصلبون ويتطرفون لأفكار زمانهم ويهاجمون الآخرين وأن هناك أجيالا كاملة توصف بالفشل وقلة الحياء وهذا رد فعل طبيعي، إلا أن الشيء غير طبيعية هو البقاء على أنماط سلوكية معينة لا يرغبون في تغييرها مما يجعلهم يتخلفون عن ركب الحضارة والحداثة، كل هذه صعوبات وعوائق وتحديات نفسية تقود الفرد للتصلب، وتوضح ماهية الشخصية المتصلبة وجوهرها.