إنه من المخزي ان تمر 6 سنوات منذ بدء الحرب ونحن لا زلنا نعيش بدايتها اداريا. سيطرة مطلقة او نقول تفوق مطلق لسلطة الامر الواقع في صنعاء في كافة الهياكل المؤسسية والادارية للدولة، وغياب تام لهذه الهياكل في كافة مؤسسات الدولة في مناطق الشرعية.
جلست افكر، واعصف بذهني فيما إذا كان للحكومات المتعاقبة، ابتداء بحكومة بحاح ومرورا بحكومة بن دغدر وانتهاء بحكومة معين عبد الملك، أي منجز يذكر بشأن تفعيل هياكل الجهاز الاداري والمؤسسي وتطويره وبناء القدرات.
نسمع بتعيينات وقرارات وتكليفات بالجملة، لكنها لم تجد نفعا لأسباب واضحة يعلمها الجميع، بل بالعكس قد تكون هي السبب في عدم فعالية الجهاز الاداري للدولة حتى الان.
فساد اداري مطلق العنان، بأشكال متعددة واساليب مختلفة منها المحاباة والمجاملة والوساطة والجهوية والمناطقية في كافة القرارات المتخذة، (ناسب تحصل على ما هو مناسب )، ادت في مجملها الى ما نحن عليه من فساد مالي وهشاشة وتشوه اداري وهيكلي شامل في الجهاز الاداري في كافة مؤسسات الدولة لدى الشرعية.
يتطلب الامر معجزة الهية لانتشالنا مما نحن فيه اليوم، ولا أمل بأن يتغير الوضع شيئا في ظل حكومة معين الاخيرة. المعلومات والبيانات عادة تنساب رئسيا من قاعدة الهرم الوظيفي الى اعلى، لتصل الى متخذي القرار وعلى ضوئها يتم رسم سياسات البلد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا في كافة مجالات الحياة، لكن اذا كانت قاعدة الهرم هشة والمعلومات والبيانات اتخذت شكلا عكسيا من اعلى الى اسفل، وما يتوفر منها من القاعدة الهرمية هي مظللة ولا تعكس الواقع، فمن الصعوبة بمكان البناء عليها وفي نهاية المطاف مزيدا من التشوه الكلي بمفهومه الواسع ( تشوه مالي، اداري، اقتصادي مصرفي، نقدي سياسي امني.... الخ.
البلد لديه بمخزون بشري هائل وكفاءات ذات قدراع فريدة تستطيع قلب عقارب الساعة والعودة بالبلد الى مسماه التاريخي (اليمن السعيد)، لكن للاسف لا احد ينظر اليها، واصبح الفاشلون هم من يديرون دفة الامور في هذا البلد الممزق بالحروب.
يقول ابن خلدون في مقدمته: (لا تولوا أبناء السفلة والسفهاء قيادة الجنود ومناصب القضاء وشؤون العامة ، لأنهم إذا أصبحوا من ذوي المناصب اجتهدوا في ظلم الأبرياء وأبناء الشرفاء وإذلالهم بشكل متعمد ؛ نظرا لشعورهم المستمر بعقدة النقص والدونية التي تلازمهم وترفض مغادرة نفوسهم ، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى سقوط العروش ونهاية الدول).