بعث الاستاذ علي هيثم الغريب وزير العدل السابق ، برقية تهنئة إلى الرئيس عبدربه منصور هادي ، بمناسبة الذكرى التاسعة لانتخابه رئيسا لليمن وجاء نص البرقية: "الرئيس عبد ربه منصور هادي ، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، يسعدني أن أبعث إلى سيادتكم بأصدق آيات التهاني بمناسبة انتخابكم رئيسا ، داعيا الله سبحانه وتعالى أن يعيدها على سيادتكم بموفور الصحة والخير وعلى الوطن وشعبه باليمن والبركات". "أن التاريخ سيسجل بأحرف من نور الدور الوطني الذي تقومون به لحماية الوطن والمواطن من مليشيات الحوثي ، وسيذكر دوماً ما سجلتموه من تحديات وبطولات وإنجازات على أرض الواقع ومحاولاتكم في سبيل بناء نظام وطني انساني وتبني القضية الجنوبية العادلة." وتابع الغريب في برقية التهنئة : "أن الحراك الجنوبي وهو يهنىء سيادتكم بهذه الذكرى الوطنية المجيدة يؤكد وفاءه وإخلاصه لكل ما حققتموه ، وللمهام والمسئوليات التى تحتم علينا حملها لحماية الوطن والدفاع عنه من مليشيات الحوثي ، متمسكين بروح 26 مارس ومقتدين بالمقاومة الجنوبية والمقاومة الشعبية ، التي حققت النصر المجيد في يوليو 2015م ، وفتحت به الطريق لاسترداد المحافظات الشمالية غير المحررة ، ورفعوا راية النصر على مليشيات الحوثي تخفق بالعزة والكرامة والوطنية.. وها هي مارب التاريخ والشهامة والوفاء تقول كلمتها بوجه مليشيات الحوثي ، رعاكم الله وسدد خطاكم إلى ما فيه خير الوطن، وكل عام وسيادتكم بخير". وفي طي هذه التهنئة نجدها فرصة لطرح الإشكاليات التي تواجه القضاء والهيئات القضائية لوضع الحلول لها ، ونطالبكم فخامة الأخ الرئيس هادي تحرك عاجل لتشكيل لجنة رئاسية لاعادة النظر في قانون السلطة القضائية والذي وجد قبل 29 عاما ، وكانت تعديلاته أيضا عام 2013 خاضعة للمزاج الحزبي حينذاك ، وليس لحماية السلطة القضائية ، حيث ازدادت الانقسامات داخل كيان القضاء ، وأن من شأن ذلك إذا استمر أن يؤثر على سمعة القضاء ويضعف الثقة في احكامه وقراراته." داعيا السياسيبن إلى الابتعاد عن التدخل في قراراته وأحكامه ، وإلى التمسك باستقلال القضاء وعدم الرضوخ للتأثيرات غير المشروعة التي قد تمارس عليه وأيا كان مصدرها، والاستناد في أحكامهم للدستور وللقانون ومبادئ العدالة والإنصاف." وأشار وزير العدل السابق علي هيثم الغريب إلى أن كل ما يجرى اليوم من تباينات داخل هيئات السلطة القضائية تجرنا إلى طرح مخارج عملية ، منها تشكيل لجنة رئاسية من القضاة والحقوقيين لتعديل قانون السلطة القضائية بشأن تعيين رؤساء الهيئات القضائية؟! على أن يكون ذلك وفق معيار الأقدمية من دون أي تدخل للسلطة السياسية(سواء كانت السلطة ام المعارضة) ، لان تدخل السلطة السياسية يعني تدخل السلطة التنفيذية والمعارضة في شئون القضاء ، وكذلك دون تدخل حتى القضاة أنفسهم ، لان تدخل القضاة يحدث انقسام داخل السلطة القضائية وهذا ما حدث مؤخرا ، ثم إن السلطة القضائية تخضع في عملها للدستور والقانون واللوائح الداخلية ولا تخضع لأي جهة غيرها. لذا فخامة الأخ الرئيس نقترح تشكيل لجنة رئاسية لإعادة وضع رؤية لإصلاح منظومة السلطة القضائية ، من خلال الوقوف أمام قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991 وتعديلاته(2013) ، (36 تعديل تقريبا) ورفع التوصيات بشأنها لفخامتكم لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها؛ وينقل بعض ما يتفق حوله كنصوص ومواد إلى الدستور ، تحسبًا لأي حكم بعدم دستورية نصوصه. أن تعديل قانون السلطة القضائية يشكل خطوة بالاتجاه الصحيح نحو إيجاد آلية للارتقاء بمنظومة مهام الهيئات في إطار التعاون والتنسيق فيما بينها ومع مختلف الجهات، وصولاً للمرتجى في إعلاء سيادة القانون وتحقيق العدالة الناجزة وبناء منظومة العدالة. والعمل الحقيقي أن ننظر من جديد إلى التعديلات التي حصلت على بعض مواد قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991 ، لان تلك التعديلات كانت حصيلة صراع حزبي طويل(2013) ، وهي التعديلات التي حصل فيها استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل ، دون ذكر الجهة الرقابية عليها. تلك التعديلات أوجدت معها خلافا بين مختلف الأطراف حول ثلاث نقاط اساسية، ارتبطت بمدى استقلال السلطة القضائية ، ودور وزارة العدل ثم ضمانات الاستقلال الفردي للقضاة، وأيضا موضوع استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل والجهة الرقابية عليها. وتشبثت وزارة العدل بدور السلطة التنفيذية في عملية الإدارة استنادا للدستور ، كما أن التعديل السابق(2013) لم يمنح الاستقلال المالي والإداري إلا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، دون المحاكم والمرافق القضائية الأخرى التي بقيت تابعة لوزارة العدل، باعتباره لن يمس باستقلالية القرار القضائي في شيء. ونحن نعتبر ما حصل مؤخرا حول التعيينات لهيئات السلطة القضائية(2013-2021) أن المشكلة ليست بالتعيين ، لان التعيين من صلاحيات فخامة الرئيس هادي ، ولكن ردود الأفعال "القانونية" تؤكد أن قانون السلطة القضائية يحتاج إلى تعديل ، تعديل يعزز القانون الأساسي الخاص بالسلطة القضائية. وقد رأينا كيف تركز الخلاف حول تعيين النائب العام ، باعتبار موضوع استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، من المواضيع الخلافية الحادة بين الفاعلين في مجال العدالة ، إذ اعتبرت السلطة التنفيذية ومعها جزء كبير من رؤوساء الهيئات القضائية أن الدستور لم يحسم في وضع النيابة العامة من حيث الجهة التي تتبع لها بل ترك أمرها لقانون السلطة القضائية ، وقد ذهب التوجه لأغلب بلدان العالم أن إبقاء تبعية النيابة العامة لوزارة العدل يعتبر ضمانا لمحاسبتها من طرف البرلمان في موضوع تنفيذ السياسة الجنائية(لان النيابة العامة لا تنظر الا للقضايا والدعاوي والشكاوي الجنائية) ، فيما رآى فريق آخر أن الدستور أعطى لأعضاء النيابة العامة صفة قضاة، وذلك على خلاف العديد من التجارب الدولية، ومن ثمة جعلهم خاضعين للنظام الأساسي للقضاة. كما ذهب أصحاب هذا التوجه إلى أن الدستور تحدث عن سلطة قضائية واحدة يترأسها مجلس أعلى ، ولم يفرق بينها – أي بين القضاة والنيابة العامة. وأن وسائل المحاسبة والمراقبة للنيابة العامة يقوم بها مجلس القضاء الاعلى وهذا ليس كافيا. ثم إن الإشكاليات الأخيرة كشفت ضعف مهام الهيئات القضائية التي اقتصرت(فقط) على الأسلوب الإداري ، فكل رؤوساء الهيئات القضائية تم تعيينهم من قبل الرئيس بنفس الصورة التي تمت بها تعيين النائب العام السابق والحالي ، والأشكال كان في آلية الاختيار وليس بقرار رئيس الجمهورية ، فالرئيس له بموجب الدستور صلاحيات اختيار رؤساء الهيئات القضائية، بما في ذلك رئيس المحكمة العليا ورئيس مجلس القضاء الأعلى. ثم إن هناك دول متحضرة كثيرة توسع تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ليشمل وجود شخصيات غير قضائية به(تمثيل مجتمعي.) لهذا نقترح تشكيل لجنة رئاسية للنظر في الإشكاليات وكيفية معالجتها ، وسيشارك نادي قضاة الجنوب ونقابة المحامين وكلية الحقوق ، اي سيكون لهم في وقت لاحق قبل رفع التقرير للرئيس تشاور ورأي بهذا الشأن، وحول إن كان قانون السلطة القضائية يحتاج إلى تعديل أم لا، وإن كان هناك تجاوزات أم لا، وفي حال عدم وجود أهمية لاي تعديلات أو أنه لم تحصل أية تجاوزات أو خروقات فتبقى الأمور كما هي. وهناك من يطرح رفضه مبدأ النقاش حول قانون السلطة القضائية في ظل عدم انعقاد مجلس النواب صاحب الاختصاص الأصيل بكل ما يتعلق بالتشريعات الأساسية المرتبطة بالقانون الأساسي كقانون السلطة القضائية. وكذلك يطرح ، أن إجراء أي نظر لاي دعوة من قبل المحكمة الإدارية دون مراعاة الضوابط الدستورية، يشكل افتئاتاً على مبدأ الفصل بين السلطات، وتعدياً على استقلال قرارات فخامة الرئيس ، بوصفها مبادئ دستورية ملزمة للكافة، وبوصفها مبادئ سامية تقتضيها ضرورات حماية القرارات الرئاسية ، ويُرسيها مبدأ سيادة القانون الذي يعني خضوع الحكام والمحكومين له، الأمر الذي جعل الدستور حامياً لها ، واي عمل خلافاً لهذه الضوابط الدستورية، قد يعني هدماً لمبدأ الفصل/التنسيق بين السلطات، وتجريد القواعد الدستورية من مضمونها. ومما ذكرناه أعلاه سنظل نؤكد على ضرورة تشكيل لجنة رئاسية لتنسيق الجهود النقابية والقانونية لوقف المساس باستقلال القضاء ، ووقف التدخل بالقرارات الجمهورية والقانونية. ويمكن من ما نطرحه أن يمنح الرئيس صلاحية اختيار رؤساء الهيئات القضائية من بين ثلاثة نواب لرئيس الهيئة المعنية، يرشحهم مجلس القضاء الأعلى من بين أقدم خمسة نواب لرئيسها. وكذلك معالجة الإشكالية الأخرى عندما تم فصل النيابة العامة عن وزارة العدل الحكومية دون أن توضع إجراءت حول مستقبل الرقابة على عملها. والجدل يتصاعد بشأن تأثير القرار على مراقبة النيابة ، بعد أن تم نقل سلطة رئاسة النيابة العامة من وزارة العدل المنتمية للسلطة التنفيذية ، وسهولة مسائلة النيابة العامة أمام مجلس النواب ، وهذا الاجراء يؤشّر إلى تحوّل أوسع نطاقاً باتجاه استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية. ولا يمثل هذا الحدث مجرد استبدال شخص بآخر أو مؤسسة بأخرى، بل يؤشّر إلى نهاية مرحلة إمساك السلطة التنفيذية بالنيابة العامة. وتنبع هذه الخطوة من الدعوات التي تُطلقها الحكومة والمجتمع الأهلي بصورة منتظمة من أجل إصلاح القضاء ، بما في ذلك إصلاح مؤسسة النيابة العامة باعتبارها جزءاً منه. وقد ساهم الحراك الجنوبي 2007م وثورة 11 فبراير 2011م ، في تسارع وتيرة الدعوات المطالِبة بإصلاح القضاء، وقد تجاوب فخامة الأخ الرئيس هادي مع العديد بل واغلب هذه المطالب. وأعاد النظر في تركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية وعمد إلى توسيع صلاحياته، وشدّد لأول مرة على مبادئ المحاكمة العادلة وحقوق المتقاضين. وكان تنصيب اعضاء المجلس الأعلى للقضاء(حينها كان لنا مداخله نشرت في صحيفة"الايام") أن المجلس الأعلى للقضاء يسمى "المجلس الأعلى للسلطة القضائية" ، وأن يكون ضمن عضويته اعضاء من غير القضاة. وأن يؤدوا أعضائه اليمين القانونية أمام رئيس الجمهورية. والقصد من إشراك أعضاء في المجلس الأعلى من غير القضاة هو لكي تتجسد الرقابة الحقيقية على أرض الواقع من خلال ضمانات ثلاث، أولاها رقابة مؤسساتية تتمثل في الأدوار المنوطة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بتشكيلته الجديدة، ودور رقابة القضاء على أعمال النيابة العامة التي أضحت أيضا مقيدة بنص الدستور، ثم رقابة خارجية يمارسها المجتمع المدني من خلال عضويته في المجلس، إضافة إلى رقابة رئيس الجمهورية ، التي تبقى بقوة الواقع والدستور ضامنة لاستقلال السلطة القضائية. ولا شك أن مجلس القضاء الأعلى الحالي مسؤول أمام جهة التعيين، وهو رئيس الجمهورية.