يبلغ تعداد سكان الجمهورية اليمنية 26 مليون نسمة ، حيث يسكن أغلبية السكان بالأرياف بنسبة 70 بالمائة ويشتغلون في قطاع الزراعة ورعي الماشية بما يعادل 10 بالمائة من الناتج المحلي .. وعليه؛ فاليمن بلد ليس لديه اكتفاء ذاتي من المواد الغذائية فهو يستورد 85 بالمائة من غذائه ... وفي ظل الحرب الراهنة بات 82 بالمائة من السكان بحاجة ماسة إلى معونات غذائية حسب تقرير مكتب الأممالمتحدة،لتنسيق الشئون الإنسانية،،، في ذات السياق يعتمد اليمن على مورد اقتصادي وحيد يدعم الموازنة العامة وهو النفط والغاز،حيث يغطي أكثر من 70 بالمائة من الإيرادات ويشكل اكثر من 85 بالمائة من قيمة الصادرات ..ومع ظروف الحرب وتوقف القطاعات النفطية وميناء بلحاف عن العمل انخفض الاحتياطي من العملة الصعبة في البنك المركزي في أغسطس 2015م إلى 2 مليار دولار ومع استيلاء الحوثيين على البنك في صنعاء ثم نقل البنك إلى عدن لم يتبقَ في الاحتياطي شيئ سوى ما قدمته المملكة العربية السعودية من وديعة مقدارها 2 مليار ومنحه أخرى بمقدار 200 مليون دولار .. ومع مرور الوقت تم استنزاف العملة الأجنبية لتمويل الاستيرادات من السلع الضرورية الغذائية والوقود لتشغيل الكهرباء ودفع رواتب الحكومة في الخارج دون أن تكون هناك إيرادات أخرى، باستثناء إيراد خام بترو مسيلة الذي كان له دور في سداد رواتب موظفي المناطق المحررة ( 37 بالمائة من ميزانية الدولة هي نفقات أجور ورواتب اي 75 مليار ريال شهريا - منها 50 مليار رواتب موظفي الخدمة المدنية ).. كل ذلك انعكس على تدهور العملة اليمنية، مما تسبب ذلك في ارتفاع كبير في أسعار السلع، حيث بلغ التضخم حتى نهاية 2018م 55 بالمائة و2020م إلى 68 في المائة مقابل 30 بالمائة عام 2015 مع بداية الحرب وبالتالي أصبح المواطن العادي غير قادر على توفير حاجاته الأساسية وانزلاق مزيدٍ من الشعب تحت خط الفقر ( يعيش المواطن اليمني بأقل من دولار في اليوم ) وسبب ذلك ايضا إلى فقدان بعض الشباب لمشاريعهم الخاصة وأدى الى مزيدٍ من البطالة في هذه الشريحة من المجتمع، بالإضافة إلى توقف الموظفين والطلاب للذهاب لأعمالهم وجامعاتهم نتيجة ارتفاع اسعار المحروقات . ولخلاصة أهم أسباب تدهور العملة : - حالة الحرب وعدم الاستقرار السياسي في البلاد - توقف موارد الدولة خاصة تصدير النفط والغاز وامتناع بعض المحافظات توريد ايرادتهم للبنك المركزي- عدن - ازياد الطلب المحلي على العملة الأجنبية ( الاحتياطي في البنك المركزي ) لتمويل استيراد السلع - حتى مع تصدير خام بترومسيلة فإنه اصطدم بانخفاض أسعار النفط العالمية ( في بداية 2016 بلغ سعر البرميل 29.4 دولار وفي 2017 بلغ 43 دولار ثم وصل في بداية 2021 لسعر البرميل 62 دولار مقارنة بالأسعار عام 2014 والتي بلغ البرميل 112 دولار ). - انخفاض تحويلات المغتربين في الخارج ( في 2016 بلغت التحويلات 3.7 مليار ثم انخفضت إلى 3 مليار في 2017 ) لأسباب كثيرة أهمها الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج على المقيمين ومنها رفع الرسوم والضرائب وفي الوقت الراهن جائحة كورونا والحظر الذي ضرب الأعمال التجارية هناك -ارباك عمل البنوك التجارية اليمنية بتعليمات سياستين نقديتين غير منسجمتين ( سياسة نقدية في صنعاء وأخرى في عدن ) - نفاذ الوديعة السعودية والمضاربة بالعملة خاصة بعد تعويم العملة اليمنية وغياب دور البنك المركزي- عدن في ضبط السياسة النقدية وترك المجال لكبار الصرافين في التحكم في سعر صرف العملة - مما سبب في تآكل العملة الأجنبية في البنك المركزي استيراد السلع الضرورية وغير الضرورية في ظل تجفيف إيرادات للعملة الأجنبية.
وعليه؛ يمكن وضع بعض الحلول لانقاذ العملة اليمنية وابرزها : - تمكين الدولة من تحصيل إيراداتها بالعملتين الريال والدولار وايداعها في البنك المركزي- عدن وأهم هذه الإيرادات: الموانئ البرية والبحرية والجوية بما فيها تشغيل ميناء بلحاف والكهرباء والمياة وربط جميع فروع البنك المركزي بالمركز الرئيسي عدن واغلاق جميع حسابات الحكومة الخارجية بعد توريد مبالغها - تشغيل مصافي عدن وإمكانية تصفية خام رأس عيسى لكلفته الاقل، بدلاً عن استيراد الكميات الكبيرة من المحروقات التي تستنزف العملة الأجنبية وزيادة طاقة مصفاة بتروسيلة ومصفاة صافر - إيقاف صرف الرواتب بالعملة الأجنبية لكادر الحكومة وتقنين نثرياتها ولجانها وتحديث لموظفي السلك الدبلوماسي والطلاب المبتعثين في الخارج - أهمية بناء مؤسسات الدولة لتعزيز الإدارة الاقتصادية الفعالة وابرزها دور جهاز الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد -اعادة النظر في التراخيص لشركات الصرافة والتراخيص التي صرفت وإغلاق للمخالفين والرقابة عليهم وتحديد العمل بسعر الصرف الموحد الصادر من البنك المركزي - العمل على الغاء كافة الحسابات الخاصة التي قامت مؤسسات الدولة بفتحها في شركات الصرافة،باعتبارها مخالفة للقانون المالي الذي ينص على أن مؤسسات الدولة تتعامل مع البنك المركزي في معاملاتها المالية فقط. - للحيلولة دون استنزاف العملة الصعبة لابد من تحفيز الإنتاج المحلي - في الوقت الراهن يحتاج البنك المركزي وديعة أخرى، على أن يشرف التحالف على الصرف منها وإيقاف استيراد السلع غير الضرورية كالاسمنت والسيارات ومواد البناء وما في حكمها على الأقل سنة مالية.