يعتبر القضاء الدستوري هو الضمان الفاعل للدساتير في جميع دول العالم والذي يراقب ويصلح أي اعوجاج في تنفيذ الدستور من قبل سلطات الدولة الثلاث( التشريعية –التنفيذية –القضائية ). وبالرغم من اهمية القضاء الدستوري الا اننا في اليمن حتى الان لم يتم الاقرار بالقضاء الدستور ي واهميته لذلك لا يوجد في اليمن حتى الان قضاء دستوري بمعنى الكلمة.
قضاء دستوري مستقل عن جميع سلطات الدولة الثلاث مستقل حتى عن السلطة القضائية. ومأتم في اليمن هو فقط انشاء دائرة دستورية تم الحاقها بالقضاء العادي ( المحكمة العليا) وتم تشكيلها من مجموعة قضاة متفرقين في دوائر المحكمة العليا الذي تعتبر ضمن القضاء العادي.
وبحيث اصبح القضاء الدستوري في اليمن تابع وملحق بالقضاء العادي وغير حيادي وبحيث اصبح دوره مشلول وغير مؤثر . وظهر ذلك جلياً في الصراع بين السلطة التشريعية والقضائية في اليمن في قضية عض ومجلس النواب البرطي الذي دخلت السلطة التشريعية والقضائية في صراع كبير لم يتم حسمه بشكل قانوني لعدم وجود جهة تحكم اختصاصات وصلاحيات السلطات الثلاث فالقضاء الدستوري ملحق بالقضاء العادي بدائرة دستورية في المحكمة العليا .
والمفترض ان يكون هناك قضاء دستوري مستقل عن القضاء العادي يكون هو الفاصل وله الراي الفصل في اختلاف او تعارض بين اختصاصات السلطات الثلاث وبما يؤدي الى قيام كل سلطة بممارسة صلاحيتها واعمالها دون أي تغول على السلطات الاخرى.
فاذا كان هناك صراع بسيط بين السلطة القضائية والتشريعية وكان سيؤدي الى فراغ دستوري بتعطيل السلطة القضائية والتشريعية فان الصراع الكبير بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية كبير ومتعدد وكذلك ما بين السلطة التنفيذية والتشريعية .
والمفترض ان يتم سرعة انشاء محكمة دستورية عليا في اليمن مستقلة تماماً عن القضاء اليمني وبهذا يستوجب على القضاء الدستوري ان يكون على مسافة واحدة من سلطات الدول الثلاث بمافيها السلطة القضائية بحيث يكون قضاء مستقل عن الجميع وتنبع قوة القضاء الدستوري من حيايديته الكاملة عن جميع سلطات الدولة .
وبحيث تكون كلمة القضاء الدستوري هي الكلمة الفصل في جميع النزاعات الدستورية في جميع المجالات بفضل حياديته وفهمه الواسع والمقنع للدستور والذي بموجبه يحرس القضاء الدستوري الدستور من أي اخلال .
ولايتأثر القضاء الدستوري باي عمل سياسي بحيث ان أي انحياز لأي طرف سياسي في أي قضية منظورة امام القضاء الدستوري يؤدي الى سحب ثقة المجتمع في القضاء الدستوري والذي يستمد قوته من ثقة الشعب في القضاء الدستور ي باعتباره صمام الأمان لجميع مكونات الدولة . بالإضافة الى ان وجوب استقلال وحيادية القضاء الدستوري يكون هاماً للفصل بين اختصاصات السلطات الثلاث(التنفيذية –التشريعية –القضائية) وتكون هي الضامن لعدم تغول أي سلطة على السلطات الاخرى وتقوم بذلك بناءً على ما هو منصوص في الدستور .
ونجد في الآونة الاخيرة تعالي عدد كبير من اصوات القانونيين المنادين بأنشاء قضاء دستوري مستقل وانشاء محكمة دستورية في اليمن في جميع المحافل بما فيها مؤتمر الحوار الوطني الآن بعض المتابعين يؤكدوا ان القضاء الدستوري غير مرغوب به في اليمن من قبل قيادات السلطات الثلاث لان القضاء الدستوري سيكون هو المهيمن على جميع السلطات الثلاث.
وتاريخ اليمن مليء بالتجارب العملية لتغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية وكذلك محاولة تغول السلطة القضائية على السلطتين التشريعية والتنفيذية وايجاد قضاء دستوري سيمنع كل سلطة من التغول على السلطات الاخرى . وسيحدد مسؤولية كل سلطة واختصاصات كل سلطة في مواجهة السلطات الاخرى .
بالإضافة الى الحماية الحقيقية لنصوص الدستور وبما سيغل يد السلطات الثلاث في خرق نصوص الدستور والتلاعب بها . وبنظرة بسيطة الى اختصاص المحكمة الدستورية العليا في مصر نجد ان اختصاصاتها الهامة تتركز في التالي :
1.الرقابة على دستورية القوانين واللوائح 2.تفسير النصوص التشريعية التي تثير خلافاً في التطبيق. 3.الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي. 4.الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين وبهذا يكون القضاء الدستوري المصري هو صاحب الاختصاص في حراسة الدستور المصري ويمارس صلاحيات الرقابة على القوانين واللوائح وغيرها من الصلاحيات المنوط بها المنصوص عليها في الدستور على جميع سلطات الدولة بمافيها السلطة القضائية واحكام القضاء الدستوري المصري تزخر بأحكام دستورية ضد السلطة القضائية وحجمت من تغول السلطة القضائية على سلطات الدولة الاخرى .
فكما هو معروف ان الدستور هو عقد اجتماعي بين الشعب والسلطة يقوم الشعب بمنح السلطة صلاحيات واسعة مقابل قيامها بواجباتها الدستورية وتمارس السلطة سلطاتها عبر سلطاتها الثلاث( التشريعية – التنفيذية –القضائية)وعند التطبيق العملي للدستور ينشأ تعارض بين صلاحيات السلطات الثلاث وتتدخل كل سلطة في صلاحيات واختصاصات السلطات الاخرى .
وهنا يكون دور القضاء الدستوري هو الدور المحوري والفاصل لتطبيق نصوص الدستور وتحديد صلاحيات جميع السلطات الثلاث وبما يؤدي الى عدم تغول أي سلطة على صلاحيات السلطات الاخرى.
وفي الاخير: امل من جميع القانونيين التكاتف وتوحيد الرؤية لأنشاء قضاء دستوري وايجاد محكمة دستورية في اليمن كاملة الصلاحيات ومستقلة استقلال حقيقي عن جميع سلطات الدولة الثلاث بمافيها السلطة القضائية وعدم الموافقة والتوافق على انشاء قضاء دستوري غير كامل الصلاحيات ومقيد بقيود سياسية تمنعه من ممارسة صلاحياته الحقيقية .
وهنا سنجد قضاء دستوري مشوه تابع لسلطات الدولة يبرر لخرق ومخالفة الدستور ولايقوم بحماية الدستور من التغول بل سيشرعن تغول سلطات الدولة على الدستور وهذا ما نخشاه والله الموفق .