لمجرد أن اسمه (جنوب) فقد امتنعت إحدى المدارس الحكومية بعدن عن قبول الطفل جنوب محمد عبدالله للدراسة فيها، ومع ذلك لم يحرك أحد ساكنا لسببين الأول، أن هذا الطفل ذا بشرة سمراء، ولا يستحق الاهتمام، وأما الآخر وهذا الأهم فهو لأن اسمه (جنوب) بمعنى انفصالي، ولذلك فهو يستحق ما حدث له من عقاب. هو أمر في غاية البشاعة أن تقدم مؤسسة تعليمية وتربوية على منع طفل من الالتحاق بها بسبب اسمه، وهذا يكشف عن أزمة نفسية حاقدة لدى كثيرين تجاه الجنوب وكأن هذا الجزء من الجغرافيا هو الجلاد، ولم يكن الضحية التي تحملت الأسى والألم والامتهان طيلة أكثر من 23 عاما ومازال. أتساءل كيف لو أن مدرسة يديرها حراكي متشدد رفضت قبول طفلة للدراسة فيها لمجرد أن اسمها وحدة أو صنعاء، وهذه الأسماء تنتشر بكثير من مدن الجنوب، ترى كيف ستتصرف وزارة التربية والتعليم إزاء هذا الأمر، وكيف سيكون رد فعل وتعليق المنظمات الحقوقية ومنها منظمات حقوق الطفل إزاء أمر كهذا !!. ترى ماذا لو أن مدرسة في عدن أو أية محافظة جنوبية امتنعت عن قبول طفل من صعدة اسمه حاميم أوديان، أو يعيش، أو طفل من الحديدة اسمه شيوعي أو طفل من ذمار اسمه الديلمي، وكلها أسماء يهودية وفارسية، هل سينبري لنا ذلكم الناشط (الغبي) فيما تسمى بالثورة الشبابية بتعز ليقول لنا إن هذا التصرف سليم لأن هؤلاء من سلالة اليهود أو الفرس أو الأحباش، كما قال عن الطفل جنوب إنه صومالي، وأن أسرته تريد أن ثبت جنوبيته فسمته جنوبا. ربما لا يعلم الحاقدون على الجنوب أرضا وإنسانا وجغرافيا أن حقدهم إنما يزيدنا انتماء لهذا الجزء من الكون الذي نعشقه، ويسكننا قبل أن نسكنه، وأن انتماءنا للجنوب ليس اسما نطلقه على أولادنا، بل هو ذوبان واختلاط بهذه الأرض الدافئة جوا وحضنا وحنانا. وبدوره ربما لا يعلم الحبيب جنوب (الطفل) أن اسمه قد فضح ضيق أولئك الحمقى الذين استفزهم اسمه، حتى وصل بهم الحال لمعايرته بسمرته التي هي في الأصل أبيض وأنقى وأطهر من قلوبهم السوداء المملؤة حقدا على كل شيء يأتيهم من جهة الجنوب وكأننا بهم يقولون كما تقول أم كلثوم أغار من نسمة الجنوب. موتكم بغيضكم .. وليحفظك الرحمن (يا حبيبي يا جنوب).